استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من كثرة التفكير وتشتت في الأفكار، وذهني مشوش، وتخيلات غريبة حتى بعض الأحيان تأتيني تخيلات عن الله عز وجل، وعن إمامنا وحبيبنا عليه أفضل الصلاة والسلام، والله لا يقوى اللسان على قولها، ولا تليق بالنفس المسلمة أن تطرأ على بالها، وحتى وأنا جالس بين الناس لا يتوقف التفكير والحديث مع النفس بصمت؛ مما يجعلني لا أستطيع التركيز ولا الفهم السريع، وأنا قليل المشاركة، وكثير النسيان، ودائماً أعصابي مشدودة، ويأتيني بعض التوتر.
وأكثر التفكير عن المستقبل: ماذا سأكون؟ كيف ستكون حياتي؟ ومن هذا القبيل، ومن الماضي لا تأتيني إلا صور الماضي الأسود بالرغم من أني كنت لا ألقي لها بالا، والأمر مزعج بعض الشيء.
لكن أبدًا لم أستسلم لهذا الأمر -ولله الحمد- ودائمًا أحاربه، وكان الأمر أسوأ بكثير من قبل أربع سنين تقريبًا، حتى كنت أتعرق وأنا أحدث الناس، لكن -الحمد لله- تجاوزت هذه الحالة، وحالي اليوم أفضل -ولله الحمد- لكن مشكلتي في التفكير والتخيلات.
ما هي حالتي؟ وماذا تصنف؟ وما هي أفضل وسيلة للعلاج؟
شكراً لكم، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذه الأفكار السخيفة التي تسلطت عليك وتكالبت عليك، واستحوذت على تفكيرك؛ مما سبب لك القلق والتوتر، وتشتت الأفكار، وضعف التركيز، هي في المقام الأول أفكار وسواسية، وبما أنها تتصادم مع عقيدتك كمسلم ملتزم، هذا قطعًا سبب لك الكثير من الإزعاج وعدم الارتياح.
أخِي الكريم: هوّن على نفسك وخفف عليها، رُوي أن بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: يا رسول الله، والله لزوال السموات والأرض خيرٌ من أن نتحدث بما يأتينا في نفوسنا، طمأنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأشار فيما معناه أن هذا من صريح الإيمان، وعلمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين تأتينا مثل هذه الأفكار أن نقول: (آمنا بالله) ثم ننته، لا نناقشها، لا نحللها، إنما نحقّرها ونتجاهلها ونرفضها.
أغلق على هذه الوساوس الطريق تمامًا – أخِي الكريم – هي سوف تلِحُّ عليك، وسوف تسترسل فيها، لكن بأخذ هذا التوجيه الذي أحتِّم عليه، وهو عدم مناقشة الفكر الوسواسي، بل تحقيره، خاطب هذه الفكرة مباشرة وقل لها: (أنت فكرة وسواسية حقيرة، لن أناقشك، أنت تحت قدمي)، هذا علاج وعلاج رئيسي جدًّا.
والحمد لله تعالى أنت أحوالك تحسَّنت كثيرًا مما مضى، وهذا يدل على أنك بالفعل تُقاوم وتحقّر هذا الفكر.
أيها الفاضل الكريم: الماضي لا تخف منه ولا تخف من المستقبل، لا تتحسر على الماضي، ولا تقلق حول المستقبل، إنما تعيش حاضرك بقوة، هذا هو الذي أريده لك أيها الفاضل الكريم.
العلاج السلوكي بجانب تحقير هذه الأفكار هو أن تنخرط في الحياة، وتقدم عليها بنشاط وإقدام، وألا تترك مجالاً للفراغ، هذا يزيح الفكر الوسواسي، بل لا يجعل للفكر الوسواسي أي مجال أو سعة في كيانك ووجدانك.
أخِي الكريم: أنت في حاجة لعلاج دوائي، وبفضل من الله تعالى توجد أدوية فعّالة جدًّا لعلاج مثل هذه الوساوس والتخيلات التي تأتيك، أنا أفضل أن تذهب وتقابل أحد الأطباء النفسيين، والحمد لله تعالى هم كثر جدًّا في المملكة العربية السعودية، الطبيب سوف يوجّه لك المزيد من الإرشاد، وسوف يصف لك العلاج الدوائي.
من أفضل الأدوية عقار يعرف تجاريًا باسم (فافرين)، ويسمى علميًا باسم (فلوفكسمين)، لكني سأترك الأمر للطبيب المعالج ليختار لك الدواء المناسب، وإن لم تستطع أن تذهب إلى الطبيب، فجرعة الفافرين هي أن تبدأ بخمسين مليجراما ليلاً، تتناولها بعد الأكل لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعلها حبة من فئة مائة مليجراما، تناولها ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين ليلاً – أي مائتي مليجراما – وهذه هي الجرعة العلاجية، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى مائة مليجراما ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو الترتيب الصحيح لتناول هذا الدواء، وهو دواء سليم وفاعل وغير إدماني، والدواء يأتي بنتائج رائعة جدًّا إذا التزم الإنسان بالجرعة حسب ما ذكرنا.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
منقووووووووووول