لا يدرك طعم النجاح إلا من مرّ بتجارب فاشلة عديدة.. هذا ما أجمع عليه أغلب العلماء والمخترعين عبر العصور، ويؤكده لنا جيل اليوم الذي يعترف بأن الفشل بداية الوقوف على طريق النجاح، الذي يصل بالشخص إلى القمة، فيحقق أهدافه التي تجعل منه فردا نافعا في أسرته ومجتمعه. وتختلف المواقف التي واجهها الشباب بكل تحدٍّ وعزيمة للوصول للنجاح.. التقينا بعضهم للتعرف على نقاط التحول في حياتهم، وليرووا لنا كيف استفادوا من أخطائهم وحولوها إلى نجاح.
تؤكد فنن الحربي أنه يجب على الشخص أن يعترف بخطئه أولا، ومن ثم يحدد ما أدى إليه، ويعمل على إزالته، فمخترع المصباح له مقولة جميلة «إن النجاح عبارة عن تجارب فشل عديدة». وعن تجربتها تقول:
– كان حلمي منذ الصغر أن أصبح طبيبة، وكبرت الفكرة الى ان قدمت أوراقي في كلية الطب. لكن بعد التحاقي بها، واجهتني عدة صعوبات، من بينها مادة التشريح، حيث حضرت مع إحدى صديقاتي محاضرة التشريح ولم أستطع أن أبقى دقيقة واحدة. واكتشفت بعدها أن هذا المجال لا يلائمني، ومن هنا كانت نقطة التحول بعد ان سحبت اوراقي من كلية الطب، بعد دراسة دامت 3 سنوات فيها، فكانت الصدمة.. إلى أين سأذهب؟! وماذا سأدرس؟!
الى ان شاهدت في التلفاز محاضرة للبروفيسور طارق الحبيب، فلفتت انتباهي متصلة بالبرنامج تحمل اسمي نفسه، وتهوى الطب، ولكنها تميل أكثر إلى دراسة علم النفس. فبحثت عن هذا التخصص كثيراً، ووجدت أنه من التخصصات غير المرغوب فيها بالكويت، ورغم ذلك أقدمت عليه لإحساسي بأنني سأجد نفسي فيه. أنا ممتنة كثيرا للتجارب الفاشلة التي عشتها، فلولا الفشل لما اهتديت إلى طريق النجاح.
شجاعة وشخصية قوية
وترى مي العدوي أن تحويل الفشل إلى نجاح ليس بالأمر السهل:
– لا يملك كثيرون القدرة والشجاعة الكافية للتغلب على الإحباط وتحويله إلى طاقة إيجابية، ومن يتمكن من فعل ذلك يعد من أنجح الناس، لأنه يحول كل طاقة الحزن والإحباط الى طاقة إيجابية متفائلة، ومن ثم يصبح قادرا على التفكير بوضوح لتحديد هدف جديد وطرق الوصول اليه. والاهم من ذلك انه يفكر في استغلال كل قدراته لتحقيق اهدافه، ويبدأ في رسم خطة لها مدة زمنية محددة ليحول الفشل الى نجاح يغير مسار حياته.
وعن نقطة التحول في حياتها، تقول:
– قدمت على وظيفة في إحدى الشركات، لكني رفضت بسبب ضعفي في اللغة الإنكليزية، فشعرت بالإحباط لوهلة، ثم اجتهدت في دراسة الإنكليزية في مركز لتعليم اللغات حتى تمكنت منها، ثم قدمت طلب وظيفة في الشركة ذاتها، لأتحدى نفسي وأثبت نجاحي. وقبلوني في منصب أعلى مما رغبته في المرة الأولى، ومن هنا حققت نجاحاً كبيراً في مجال عملي الذي أحبه.
النجاح قرار
ويؤيد صلاح نور الدين الرأي القائل إن النجاح قرار، ويعتمد على شخصية الشخص، فإن كان قوياً وتغلب على مرحلة اليأس وتحدى الظروف من حوله سيصل إلى مراده. أيضا يتأثر الشخص بالجو المحيط به، لذلك لا بد أن يجالس الشخصيات الإيجابية التي تدفع به إلى الأمام، ويضيف صلاح:
– الفشل بداية النجاح، فليس هناك من ينجح من دون تجارب فاشلة تعلّمه درساً في كيفية تجاوز الأخطاء الكثيرة ليصل إلى هدفه ويذوق طعم النجاح في الأمور التي يريدها.
وعن نفسي قابلت عدة عقبات في مجال عملي، منها كيفية التعامل مع طبائع الناس المختلفة، وكنت أشعر أني غير موفق وغير محظوظ، الى ان جمعت أفكاري ولمست غلطي، وأدركت أن التعامل بطيبة وعشم لا يجديان، وأنه لا بد من التعامل بصرامة في بعض المواقف. والمهم أن يبحث الشخص عن أسباب فشله ليتعرف على أخطائه ويتفاداها لاحقا.
أزمة والدي
ويروي حسن علي قصته التي حولته من شخص مستهتر الى شخص مسؤول، يدرك قيمة العلم والوقت والمال، ويقول:
– التحقت بكلية الطيران المدني، لكني لم أكن جاداً في الدراسة، ولم أواظب على حضور المحاضرات، الى ان جرى فصلي من الكلية. وفي التوقيت نفسه وقع والدي في أزمة مالية كبيرة، فكانت صدمة أيقظتني من غيبوبة الاستهتار، عندما رأيت ابي في مأزق كبير وبحاجة إلى وقوفي بجانبه، كوني ابنه الوحيد. ومن هنا كانت نقطة التغيير حيث عملت جاهدا لمساندة والدي الى ان خرج من الازمة.
ادركت حينها قيمة السنوات الثلاث التي ضاعت هدرا، وظللت ابحث عن كلية تقبل اوراقي، الى ان التحقت بتخصص ادارة الاعمال في احدى الكليات الخاصة، واجتهدت وثابرت الى ان تفوقت واصبحت معيدا فيها.. الانسان لا يشعر بطعم النجاح الا بعد ان يجرّب المعنى الحقيقي للفشل، وأثره السلبي على حياته.
ذكاء وإرادة
تعترف نهى عبدالحميد أن التجارب الفاشلة جعلتها قوية، وأدركت ان التعامل مع البشر يجبرك على ترك المشاعر جانبا والتفكير كليا بعقلك حتى تأخذ القرار الصحيح لتتجنب الوقوع في فخ الغدر مرة اخرى، تقول:
– لا بد ان يكون الانسان ذكيا ولديه ارادة، ليتخطى مرحلة الفشل سريعا، ويلحق بقطار النجاح مع الآخرين ويثبت وجوده بينهم. فالحياة لا تتوقف على مواقف الفشل، لذلك على الشخص ان يدرك مواطن الضعف في شخصيته التي تؤخر تفوقه ليحاول التخلص منها.
وأنا أستعين بكتب الثقة بالنفس والتنمية الذاتية، التي تساعدني على تحقيق اهدافي، وتجنبني الوقوع في أخطاء كثيرة. لكن الحياة مدرسة وسيظل الانسان يتعلم فيها الى نهاية عمره، ويكتسب مهارات تعينه على تحقيق أهدافه.
فشلت محاولة التغيير
حاولت سارة عبدالمحسن أن تتعلم من أخطائها السابقة في شتى مجالات الحياة، لكنها تعترف بعدم امتلاكها القدرة والشجاعة الكافيتين لتغير طريقة تعاملها مع المواقف التي تحدث لها، وكيفية تفادي الاخطاء نفسها التي وقعت فيها، وتقول:
– من اكبر مشاكلي في الحياة عدم التركيز وعدم وضعي لخطة تساعدني في تفادي اخطائي التي وقعت فيها مرارا، خاصة وضع ثقتي في أناس لا يستحقونها وانخداعي فيهم، واترك الامور تدار كما هي، ولا أتعب نفسي في التفكير كثيرا في التعامل مع المواقف والأمور المختلفة، فشخصيتي وطبعي لن يتغيرا.