إذا حدث ذلك فمن أين تأتي المشاكل؟ أين النزاعات؟ أين الخلافات؟ أين المشاحنات؟ هل يحدث سب وشتم ولعن وإيذاء؟ ناهيك عن ضرب بآلة أو غيرها ، هل يحدث غدر؟ هل يحدث ضيم من مؤمن لمؤمن؟ أبداً، لأن الأمر كما قال الحَبيب: {أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ}{1}
سنُصلح الدنيا للأجسام ونهيئ لها المباني والعمارات والفيلات والرياش والأثاث والأموال وكل ضروب الشهوات وكل أنواع الحظوظ والأهواء والملذات ، لكن القلوب لم تتطهر ، ماذا يكون فيها؟ يقول حضرة النبي صلى الله عليه وسلم: {فَوَاللَّهِ لا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ}{2}
التنافس في الدنيا سبب كل المشاكل ، لكن لو كانت القلوب خالية من هذه العيوب وجُهِّزت لحضرة علام الغيوب ، وأصبحت كما يذكر الله في كلامه العظيم: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} الشعراء89
ستجد أحاديث حضرة النبي موجودة ومشهودة ، فحديث: {لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}{3}
ستجد هذا الحديث مشهوداً وموجود ، لكن نراه الآن مفقوداً غير موجود ، لماذا؟ لأن كل فرد يقول: نفسي نفسي لا أسألك غيرها ، حتى زوجته وأولاده ووالديه ، أعمته الشهوات عن رعاية هذه الحرمات، لكن المؤمن إذا طاب قلبه تكفَّل به ربه ، فجعله في الدنيا يمشي في هداه ، ترعاه عناية الله وتراقبه حنانة الله ويمشي على الأرض هوناً ، وتحن إليه ملائكة الله في ملكوت الله: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} الفرقان63
ونأتي لهذه الجزئية: لا يخلو مجتمع ولا طائفة ولا محلة ولا ناحية من أمثال هؤلاء الجاهلين ، ماذا ينبغي على العقلاء من المؤمنين نحو هؤلاء الجاهلين؟ لنا دستور في كلام رب العالمين ولنا أسوة في عمل النبي الأمين صلى الله عليه وسلم ، في كلام الله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الأعراف199
ثلاث درجات
{1} البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير
{2} البخاري ومسلم عن عمرو بن عوف الأنصاري
{3} البخاري والترمذي عن أنس
https://www.fawzyabuzeid.com/table_bo…5&id=578&cat=4
منقول من كتاب {الجمال المحمدى ظاهره وباطنه}
اضغط هنا لقراءة الكتاب أو تحميله مجاناً