استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
أنا شاب عمري 30 سنة، أعاني من مرض أجهل ما هو؟ ولهذا سأحكي التفاصيل لكي أعرف المرض وعلاجه، جزاكم الله خيرًا.
في العشرين من عمري كنت أقرأ في (الباك) هناك حدث لي أمر غريب، ونحن جالسون في القسم كعادتنا وإذا بي أسمع صوت تلميذين كانا وراءنا يقولان: يا لها من رائحة قبيحة، ثم يقولان إنها رائحة النوم، وبعدها أحسست بخوف رهيب من أن أكون أنا هو مصدر الرائحة، وطوال الحصة وأصابعهما تتجه نحوي يقولان بصوت خافت: أنني مصدر الرائحة، صدقت نفسي وقلت: ربما أنا ومن هنا بدأت محنتي، قلت لنفسي: إني أتنفس دون إحساس.
زرت عدة أطباء اختصاصي الجهاز الهضمي، لكن دون جدوى، وقاموا بإرسالي لطبيب نفسي، ورغم ذلك لم أشفَ، وترتب عن ذلك كثرة الغياب عن المدرسة، وعدم الذهاب إلى المسجد، وعدم حضور الحفلات العائلية، ورسوبي سنتين متتاليتين، ثم الطرد، لقد عانيت كثيرًا.
عملت مع أبي، وكنت أرفض الذهاب إلى الإدارة مخافة أن يشموا رائحة العرق، صارت عندي عدم ثقة في جسمي، وفي نفسي، تعايشت مع المرض لمدة عشر سنوات، لكن المشكلة بعد تقادم المرض نسيته جزئيًا، وذهبت إلى التسجيل في معهد، حضرت حصتين متتاليتين، ثم انسحبت؛ لأن جلوسي أمام رفيق لي أحسست بأنه متضايق مني، بعدها بدأ جسمي بالتعرق وإفراز رائحة ربما رفيقي يتضايق منها، حينها تمنيت الموت.
عشر سنين ضاعت من عمري دون فعل أي شيء، ولهذا أتمنى من سيادتكم الموقرة أن ترشدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رشيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تلك الرسالة التي صدرت من التلميذين لا شك أنها كانت قاسية عليك جدًّا، وتخزّنت وتشفَّرتْ في وجدانك، وأصبحت تعطيك هذا الشعور اللازم بأن هنالك رائحة قبيحة تصدر منك.
أيها الفاضل الكريم: أحداث نفسية صغيرة جدًّا قد تكون تبعاتها ونتائجها وإفرازاتها كبيرة جدًّا كما حدث لك، وهذه هي النفس البشرية، عجيبة وغريبة جدًّا.
إذًا – أيها الفاضل الكريم –: أنت عانيت من حالة مكتسبة متعلَّمة، وبما أنها ذات صلة بالوضع الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي للإنسان كان أثرها النفسي عليك بليغًا، وأصبحت توسوس حول هذا الأمر، حتى وإن كان هنالك شيء من العرق الذي قد تكون رائحته غير طيبة، لكني أعتقد أن الأمر لديك أصبح وسواسيًا، أصبح متضخمًا جدًّا، أي أن المكوّن النفسي له كبير.
أيها الفاضل الكريم: تناسى هذا الموضوع تمامًا، حقّر هذه الفكرة تمامًا، وانطلق في الحياة، عش حياتك بكل قوة دون أن تعر هذا الموضوع أي اهتمام.
وقولك: إن جسمك بدأ يفرز إفرازات ورائحة، وهنالك تَعرُّق وربما رفيقك يتضايق: أعتقد أنك حساس جدًّا حول هذا الموضوع، -إن شاء الله- أنت بخير وعلى خير، وقم بالترتيب المعروف: الاستحمام مرتين مثلاً، إذا كان هناك عرق حقيقي استعمل مُزيلات العرق أو ملطفاته، ولا تهتم بالموضوع أبدًا، تجاهله تمامًا.
أما من الناحية العلاجية الدوائية النفسية: فأعتقد بأنك محتاج لدواء (فافرين Faverin)، والذي يسمى (فلوفكسمين Fluvoxamine) دواء ممتاز لعلاج القلق الوسواسي والتوترات، الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بخمسين مليجرامًا، تتناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها مائة مليجراما ليلاً مدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.
ومن الأفضل دائمًا أن يُدعّم الفافرين بعقار يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) دواء رائع جدًّا لعلاج القلق الوسواسي من النوع الذي تعاني منه، والجرعة هي كبسولة صباحًا وكبسولة مساءً – قوة الكبسولة خمسين مليجرامًا – تتناول هذه الجرعة لمدة شهرٍ واحد، ثم تجعلها كبسولة واحدة صباحًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول السلبرايد، لكن تستمر في تناول الفافرين حسب ما وصفته لك، وإن أردت أن تذهب لطبيب فهذا أيضًا أمر جيد.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
منقووووووووووول