وفي وقت تستعد فيه مدينة شرم الشيخ المصرية لاستضافة اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، اليوم السبت 28 مارس/ آذار، يرى مراقبون أنه من المتوقع أن يتغير جدول أعمال هذه القمة، والتي تختلف عن القمم السابقة، في حقيقة أنها تتزامن مع "عاصفة الحزم"، وبخاصة وأنه كان من المتوقع أن يشمل البيان الختامي "ضرورة بحث إنشاء قوة عربية مشتركة، وإدانة الانقلاب الحوثي في اليمن".
غير أن الاختلاف يكمن في حقيقة أن "الرد العربي على الأرض، سبق للمرة الأولى، التصريحات والبيانات الختامية الروتينية".
استخبارات إيران والفشل في تحليل التطورات
وأقرت السلطات الإيرانية الجمعة بأن جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لها، لم يكن يعلم بـ"عاصفة الحزم" التي قادتها السعودية ضد الحوثيين في اليمن منذ الساعات الأولى ليوم الخميس. كما أكد تقرير وكالة أنباء "نسيم" التابعة لجهاز المخابرات الإيرانية على الحقيقة ذاتها.
وتعتبر وزارة الاستخبارات والأمن القومي الإيرانية، جهاز المخابرات الرئيسي، والذي يحظى بتمويل وتجهيزات قوية. كما أنه بحسب تقارير، يعمل داخل وخارج إيران، ويتولى مهام جمع المعلومات في أنحاء العالم.
وفي الغالب لا تصدر أجهزة الاستخبارات بيانات توضيحية سوى في حدود ضيقة للغاية، وهو ما يعني أن السلطات الإيرانية اضطرت لإصدار بيان يفيد بعدم علمها المسبق بعملية "عاصفة الحزم" بعد استشعارها الحرج إزاء ما يُفسر على أنه "إخفاق ذريع"، وبخاصة ما يتعلق بالتزاماتها تجاه المليشيات الحوثية التي تعمل في نفس مسار ترسيخ الهيمنة الإيرانية على تلك المنطقة الحيوية من الشرق الأوسط.
واشنطن بدورها لم تخفي أنها لم تكن على علم بتفاصيل العملية العسكرية العربية في اليمن، وصرحت مصادر مطلعة الجمعة، بأن "المملكة العربية السعودية أخفت التفاصيل الرئيسية لعملياتها العسكرية في اليمن حتى اللحظة الأخيرة عن واشنطن".
ويعني ذلك التأكيد على وجود "أزمة ثقة" لدى السعودية وحلفائها في العالم العربي، تجاه الولايات المتحدة، ولاسيما بعد السياسات التي تتبعها تجاه طهران، وقيامها بإجراءات على الأرض، تصب في النهاية لصالح امتداد النفوذ الإيراني بشكل مثير للشكوك.
الحرب خدعة
ومنذ يوم الأربعاء 25 مارس/ آذار عكست وسائل إعلام إيرانية توجه أنظار طهران صوب الحشود العسكرية التي أرسلتها المملكة العربية السعودية إلى حدودها مع اليمن. وهي خطوة كانت المملكة قطعا على علم بأن إيران والقوى الموالية لها سترصدها. وبالتالي أصدر العديد من المسؤولين السعوديين تبريرات عديدة لوسائل الإعلام.
مصادر سعودية مطلعة أبلغت وكالات الأنباء الأربعاء أن "الحشود العسكرية السعودية على الحدود مع اليمن دفاعية تماما". مُضيفة أن هدف تلك القوات هو حماية الحدود السعودية فحسب، وأن "تحرك الدبابات إلى الحدود، ليس لشيء إلا إجراء دفاعي، بعد اقتراب الحوثيين الذين تدعمهم إيران من الحدود السعودية".
ويرى مراقبون أن الاستخبارات الإيرانية والغربية التي كانت تراقب تلك الحشود، كانت تنتظر التطورات التي ستثمر عنها القمة العربية السبت، وأن أحدا لم يتوقع أن عمليات عسكرية بهذا المستوى الدقيق من الإحكام قد تم التخطيط لها مُسبقا، وأن ساعة الصفر ستكون مع الساعات الأولى ليوم الخميس.
السيسي منشغل بسد النهضة
وفي المقابل، كان المصريون في انتظار عودة الرئيس عبد الفتاح السيسي من أديس أبابا ظهر الأربعاء الماضي، بعد زيارة استمرت 3 أيام، وجهه خلالها كلمة أمام البرلمان حول العلاقات التاريخية بين الشعب المصري والإثيوبي، وذلك بعد أن وقع في العاصمة السودانية الخرطوم على وثيقة المبادئ الخاصة بسد النهضة.
وذكرت وسائل إعلام مصرية أن السيسي يعود إلى القاهرة ومنها إلى شرم الشيخ، استعدادا لاستقبال الوفود العربية المتوجهه إلى هناك، لبحث العديد من القضايا المصيرية، وعلى رأسها بحث ما يحدث في اليمن، فضلا عن إنشاء القوة العربية المشتركة (التي تدل عاصفة الحزم على أنها تعتبر قائمة عمليا).
ويرى مراقبون أن عملية "عاصفة الحزم" لم تكن لتنطلق بدون تجهيزات مسبقة، استمرت لشهور طويلة، وأن عامل السرية أتاح فرص إنجاح الضربة الأولى، التي كانت كفيلة بتدمير أهداف إستراتيجية، ومن ثم إفقاد الحوثيين وداعميهم القدرة على توجيه رد، أو استهداف المقاتلات التي تشن غارات مكثفة على أهدافها بدقة.
وأدى الفشل الاستخباراتي الذي منُيت به الأجهزة المعنية في إيران إلى حالة من التخبط في القرارات والتصريحات التي أعقبت بدء العملية، فضلا عن ترنح القوة الحوثية وفشلها في توجيه رد مضاد، أو القدرة على اتخاذ قرار عسكري أو سياسي حتى الآن.
وبدأت طهران والقوى الموالية لها في إصدار بيانات إدانة، وطالبت بوقف العمليات، بعد أن أدركت مدى التأثير الذي أحدثته الضربة الجوية الأولى، وأنها أفقدت الحوثيين الأرضية الثابتة التي يمكنهم أن يقفوا عليها لإملاء أي شروط سياسية، أو لتغيير سير المعركة لصالحهم.