الانتقام قاتل لكل شيء؛ لشخص المنتقم ولعائلته واحبائه، والاهم من ذلك، يقتل فينا البراءة والطفولة وكذلك الحلم والمستقبل. هذه رسالة ارادت الكاتبة عبير ابو حمدان ايصالها في باكورة اعمالها الادبية «فراشة النسيان» بين شرنقة الفقر واجنحة المال، الصادرة عن دار مدارك للنشر.
تمييز طبقي
تنقلنا عبير على اجنحة فراشة عاشت مذ كانت في الشرنقة اسوأ سيناريو للتمييز الطبقي الذي يأتي دائماً على الاشخاص الفقراء ويدفع الكثيرين منهم لتعويض هذا النقص والعقدة النفسية في سلوك طريق الجريمة. اما عبير فقد اختارت ان تضع تصور الضحية كجلاد يجلد نفسه، وتصيب سياطه بعض من حوله من الاحبة. وهي تبتعد عن الجرائم الكلاسيكية والنمطية المصورة في كتب الادب السالفة، لتتحدث عن جريمة فظيعة واغتيال حب قاوم حتى الرمق الاخير آلة الانتقام الطبقي وشهوة المال المنبعثة من عقدة الفقر.
عبير حدثتنا فأمتعتنا، واقنعتنا بحكمتها البسيطة التي انسلت الى اعماقنا دونما ادنى جهد في التفكير، فـ«منابع الحزن كثيرة، لكن منابع الفرح اكثر وعلينا ان نرتوي منها قبل ان تنضب ونندم على خسارتها» بحسب عبير التي ترى ان «الانجراف في الحب دون تفكير لا يعد سذاجة.. انما هي سلطة القلب تعلو اي سلطة».
وتروي لنا فراشة الكتّاب اليانعة قصة اماني التي تخلت عن مجدٍ من اجل مالك، فضاع المجد ولم يسعفها المُلك في نيل السعادة بعد ان فقدت جميع احبتها، في مغامرة محسوبة مصحوبة بعذاب وانتقام وانانية لفتاة ارادت ان «يشهد التاريخ انها كتبت مجدها بقهرها وان السعادة اتتها لاهثة، فركلتها، لأنها لم تعتد الطرق السهلة».
أصالة التقاليد
رواية ممتعة تشاركنا فيها عبير، خريجة كلية الاعلام، حكمتها المستمدة من اصالة القرية وتقاليدها وصفاتها، اقنعتنا بأن المطلوب احياناً قد لا يستحقنا او لا نستحقه، يضيف لنا ويأخذ منا، يكون وسيلة نجاة او مقبرة للاحلام والطموح.
«فراشة النسيان» رواية تستحق ان نقوم بفعل قراءة لعلنا نعيد قراءة الكثير من افعالنا ونصوغ افكارنا واحلامنا على اسس صحيحة تجعلنا نحلّق نحو مستقبل افضل، لا ان نرضى البقاء في طي النسيان.