تخطى إلى المحتوى

فرحة القلوب بمولد النبى المحبوب

فرحة القلوب بمولد النبى المحبوب
خليجية خليجية

إن الله أمرنا فى قرآنه أن نتذكر النبى صلى الله عليه وسلم ونتذكر الفضل الذى ساقه الله إلينا على يده صلى الله عليه وسلم ، وقال الله لنا فى محكم الآيات القرآنية: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ} أى نعمة يارب؟ هل هى نعمة الصحة أم نعمة الطعام أم نعمة الهواء أم نعمة الضياء أم نعمة الماء؟ بيَّن الله ووضح، ما هذه النعمة التى نتذكرها يارب؟ {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} آل عمران103

النعمة التى ألفت بين القلوب والتى أذهبت الضغائن والأحقاد من النفوس والتى جعلت الإيمان يشرح الصدور ويملأ القلوب بالنور والتى أذهبت الجفاء فى العلاقات والنعمة التى وطدت العلاقات فى جميع الجهات بين المؤمنين والمؤمنات حتى صار الأخ المؤمن الذى ليس قريب ولا نسيب ولا حسيب له فى القلب أكبر نصيب ، أخوه المؤمن يفديه بنفسه ويرتضى أن يعطيه نصف ماله ونصف بيته ونصف كل خير أعطاه له ربه عن طيب نفس ما النعمة التى فعلت كل ذلك؟ هى نعمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ودعانا الله لتَذَّكر هذه النعمة دوماً لأن مشاكلنا فى كل شئوننا شرقاً وغرباً فى مجتمعاتنا وفى بيوتنا وفى عائلاتنا وفى أسواقنا وفى تعاملاتنا لن تُحل إلا إذا تذكرنا هَدى نبينا الذى جاء به إلينا من ربنا لنسير على ضوئه فى حياتنا فتنتهى كل المشاكل من بيننا ، ولذلك يقول الله لنا: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} النور54

إذا أطعناه صلى الله عليه وسلم اهتدينا إلى المنهج القويم والصراط المستقيم فى كل أمر من أمور حياتنا وإذا خالفناه يقول ربنا عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} النور63

إذاً عندما نتذكر رسول الله يوم ميلاده الشريف نتذكر القيم القرآنية التى جاء بها من عند الله ونتذكر الأخلاق القويمة التى كان عليها لنهتدى بها فى حياتنا ونتذكر الشرع الشريف الذى جاء به من عند ربنا ليُصلح الله به كل شئوننا ونتذكر التعاليم الإلهية والعلوم الربانية والأسرار القرآنية التى جاء بها لنا من عند الله ، ونبينا صلى الله عليه وسلم كان يحتفل بميلاده بنفسه ولكنه كان يحتفل بميلاده الإحتفال المناسب لذاته ، فكان صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الإثنين دائماً: {وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الإِثْنَيْنِ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ}{1}

أى أنه يصومه شكراً لله على نعمة ميلاده صلوات ربه وتسليماته عليه فى هذا اليوم المبارك الميمون ، ونحن نحتفى برسول الله كما أمرنا الله بتذكر النعم والعطايا والمنن والخصائص التى ساقها لنا الله على يد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا مانع فى هذا اليوم من الفرح لأن الله أمرنا فى القرآن أن نفرح ، بأى شئ نفرح يارب؟ قال عز شأنه موجهاً لنا: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} يونس58

فالفرح الأعظم الذى وجهه لنا الله أن نفرح بفضل الله وبرحمة الله وبإكرام الله وبعطاءات الله التى أرسلها إلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الفرح الدائم ، لأن الفرح به يدوم فى الدنيا ويوم الدين أما الفرح بالمال أو الفرح بالمناصب أو الفرح بالمكاسب أو الفرح بالأولاد فلا يدوم إلا فترة محدودة مهما طالت ، فهو إذاً لا يدوم ، لكن الفرح بفضل الله وبإكرامات الله وبعطاءات الله فرحٌ يدوم

أبو لهب كان أشد حرباً على النبى من أبى جهل ، لأن أبا جهل كان يؤلب قبائل قريش لكن أبولهب كان يمشى خلف النبى وكلما ذهب إلى قوم يدعوهم إلى دين الله وإلى كتابه يمشى خلفه ويقول أنا عمه وأنا أعلم به منكم فلا تصدقوه ، فكان أشد على النبى من أبى جهل ولذلك ذكره الله فى كتابه وأنزل باسمه سورة كاملة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} المسد1

رآه أخوه العباس عمُّ النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام بعد موته ، فقال له يا أخى ما بك؟ ، قال: أنا فى أشد ألوان العذاب إلا أنه يُخفف عنى العذاب كل ليلة إثنين ، قال: ولِمَ؟ ، قال: لأن جاريتى ثويبة لما وُلد محمد ابن أخى عبد الله جاءت إلىَّ وقالت: أبشر فقد وُلد لأخيك عبد الله غلام – وكان العرب فى ذاك الحين يفرحون بولادة الغلمان ويُساءون بولادة الإناث – قال: فقلت لها أنت حرة ، قال: فخفف الله عنى ويخفف الله عنى كل ليلة إثنين دوماً لأنى فرحت بميلاد محمد وجعلت جاريتى ثويبة حرة لتلك البشرى التى بشرتنى

وفى ذلك يقول الإمام ابن ناصر الدين الدمشقى رضي الله عنه:

إذَا كَانَ هَذَا كَافِرًا جَاءَ ذَمُّهُ وَتَبَّتْ يَدَاهُ فِي الْجَحِيمِ مُخَلَّدَا

أَتَى أَنَّهُ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ دَائِمًا يُخَفَّفُ عَنْهُ لِلسُّرُورِ لأَحْمَدَا

فَمَا الظَّنُّ بِالْعَبْدِ الَّذِي كَانَ عُمْرُهُ بِأَحْمَدَ مَسْرُورًا وَمَاتَ مُوَحِّدَا

ما الظن بهذا العبد الذى يفرح برسول الله كلَّ عمره وعاش على الإيمان ومات على التوحيد للرحمن؟ هذا يكون سروره أعظم ، وقد بشَّر النبى صلى الله عليه وسلم من خالط حبه صلى الله عليه وسلم قلبه فقال: {مَا اخْتَلَطَ حُبي بِقَلْبِ عَبْدٍ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّار}{2}

فعلينا أن نفرح برسول الله فى هذه الليالى المباركة وفى كل أيامنا وأوقاتنا لأن الله خصَّنا به بفضائل لا نستطيع عدها

{1} صحيح مسلم عن أبى قتادة رضي الله عنه
{2} جامع الأحاديث والمراسيل عن ابنِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا

خليجية خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.