باريس – أ ف ب – تستعد فرنسا لإلغاء إجراء اتخذ في بداية عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند ويتمثل في فرض ضريبة نسبتها %75 على الموارد الكبيرة جداً، بعدما أثار جدلاً أكثر مما سمح بإدخال أموال إلى خزينة الدولة التي تعاني من عجز.
وأصبحت الضربية التي توصف بأنها «مساهمة استثنائية تعبيراً عن التضامن» وعد بها هولاند في أحد التجمعات خلال الحملة الانتخابية في 2024، وأقر بعض التعديلات بعد انتخابه، تعيش أيامها الأخيرة، إذ إن الشركات التي تدفعها أمهلت حتى الأول من فبراير لتسديد الشريحة الأخيرة منها.
وكان إلغاء هذه الضريبة المثيرة للجدل مقرراً منذ فترة طويلة، وقد فرضت في البداية على الدخل للسنوات 2024 و2014 ولم تدرج في ميزانية2020 التي أقرها البرلمان الفرنسي في ديسمبر الماضي.
وكان رئيس الوزراء مانويل فالس أعلن خلال زيارة إلى لندن في أكتوبر أن هذه الضريبة التي أثار فرضها ضجة كبيرة في فرنسا لن تمدد.
وأتى هذا التأكيد في لندن التي زارها فالس، مشيداً بسياستها المؤيدة لقطاع الأعمال يرتدي طابعاً رمزياً، فحتى قبل فرضه أثار الإجراء توتراً دبلوماسياً بين فرنسا وبريطانيا.
وخلال قمة العشرين في المكسيك في يونيو 2024، قال رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كاميرون: إنه مستعد لاستقبال الشركات الفرنسية التي يستهدفها المشروع، مثيراً استياء هولاند الذي كان قد تولى مهامه قبل شهر ونصف الشهر فقط.
وفي فرنسا، حيث الضرائب بين الأعلى في أوروبا لم تثر ضريبة جدلاً كهذا منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما فرض رئيس اشتراكي آخر هو فرنسوا ميتران ضريبة على الثروة لم تتم مراجعتها منذ ذلك الوقت.
تأثير في كل القطاعات
وشكّلت الضربة السياسية التي تمثلت بإطلاق فكرة فرض ضريبة نسبتها %75 في فبراير 2024 مفاجأة للجميع، وسمحت لهولاند بتنشيط حملته الانتخابية التي كانت مهددة، حينذاك، بصعود جان لوك ميلانشون مرشح اليسار الراديكالي.
وبعد فوزه، أصر هولاند على الوعد في الأشهر التي تلت توليه السلطة، مما أثار توتراً شديداً في أوساط الأعمال.
وتصاعد الجدل خريف 2024، مع إعلان الملياردير برنار أرنو أغنى رجل في فرنسا ورئيس المجموعة العالمية الأولى للمنتجات الفاخرة (إل في إم إش) أنه طلب الجنسية البلجيكية.
وفي ديسمبر، اتهم الممثل جيرار ديبارديو أحد أشهر الفنانين الفرنسيين في العالم مصلحة الضرائب بأخذ %85 من دخله وطلب الجنسية الروسية.
وفي نهاية 2024، رد المجلس الدستوري فرض هذه الضريبة، مشيراً إلى خطر عمليات مصادرة. وأقرت في نهاية المطاف في نهاية 2024 بصيغة معدلة لتدفع الشركات الضريبة على القسم الذي يتجاوز مليون يورو من عائدات موظفيها وحدد سقفها بـ %5 من حجم الأعمال.
ومن أشد معارضي هذه الضريبة ناديان لكرة القدم هددا، في خريف 2024، بإضراب في المباريات، ولكن المبادرة فشلت في الحصول على تأييد جمهور لقضية لاعبين أثرياء من نواد كبيرة مثل باري سان جيرمان.
وتفيد تقديرات الحكومة أن ضريبة الـ%75 درت خلال سنتين أكثر بقليل من 400 مليون يورو، وهو مبلغ ضئيل بالمقارنة مع العجز الذي تواجهه فرنسا والبالغ مليارات اليورو.
ويتزامن عدم تمديد هذه الضريبة مع التوجه الإصلاحي الذي اتخذه هولاند، العام الماضي، بسياسة ترتكز على خفض أعباء الشركات لإنعاش الاستثمار والوظيفة في بلد يواجه نسبة بطالة عالية.