استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم
أنا فتاة عمري 24 عاما، وحيدة أبي وأمي رحمهما الله، أصبحت يتيمة الأبوين في عمر 16، أسكن مع عمي، باختصار أحببت ابن عمي ومارست معه الجنس مراراً وتكراراً حتى فقدت عذريتي، ومات بعدها هو أيضاً -سامحه الله- قبل أن نتزوج، عانيت الفقد بجميع أنواعه، فهو الشخص الوحيد الذي كان يحادثني ويشفق علي ويراعي مشاعري، ما زلت أبكي حتى هذه اللحظة على فقدي له، وعلى فقدي لعذريتي.
بعد سنة من وفاته خطبني ابن خالتي، وهو شخص ملتزم وخلوق بشهادة الكل، ولكنه من عائلة لا تسامح على الخطأ، ووافقت لأن زوجة عمي لم تعد تريدني، وأنا أيضاً أريد الخلاص من بيت عمي، أريد أن أعيش مجدداً، وأن أتزوج وأنجب، ولا أريد أن أتذكر ما مضى لأنه يصيبني بالجنون، وابن خالتي لن يرتبط بي نهائياً لو صارحته، ما الحل؟ حاولت الانتحار كثيراً لكن أتوقف دائما لحرمة الانتحار، ولأني أرغب في الحياة الطاهرة في ظل زوج، الآن أريد حلا لبكارتي أو الموت، أقسم بالله تبت وأريد تكوين عائلة بأي طريقة، ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يسترك بستره الذي لا ينكشف، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يمُنَّ عليك بزوج صالح يراعي ظروفك، ويضع الله المحبة لك في قلبه، ويكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإنه مما لا شك فيه أن ما فعلته من الأمور العظيمة، ومن الكبائر التي حذَّر منها مولانا جل جلاله في كتابه وبيَّن عقوبتها، وكذلك حذَّر منها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سُنَّته وبيَّن عقوبتها، وهذا خطأ فادح وقعت فيه، إذ أنك فرطت في نفسك، رغم أنه لم يكن بينك وبين هذا الرجل رباط شرعي، وهذا التقصير أنت الآن تدفعين ثمنه، حتى إنك أوشكت أن تُخرجي نفسك من هذا العالم –الانتحار المحرم– لولا رحمة الله تبارك وتعالى بك، وأن الله بيَّن لك ما أقنعك بحرمة الانتحار، لكنت اليوم في عِداد أهل النار -والعياذ بالله تعالى-؛ لأن المنتحرين –كما تعلمين– عقابهم أنهم يكونوا في النار كما أخبر النبي –عليه صلوات ربي وسلامه– ولكن الله أدركك برحمته، وبيَّن لك حرمة الانتحار فانصرفت عنه، ونسأل الله أن يثبتك على ذلك.
وأما بخصوص موضوع البكارة، فيا بُنيتي: لقد سوّلتْ لك نفسك الوقوع في الفاحشة مرارًا وتكرارًا كما ذكرت، ثم تريدين بعد ذلك أن تبحثي عن حلٍّ لهذه المسألة بمسائل محرَّمة أخرى، فلو أنك أقبلت على رتق غشاء البكارة وتركيب غشاء بكارة جديد تكونين قد ارتكبت عدة كبائر، الكبيرة الأولى: كبيرة الزنى، والكبيرة الثانية: كبيرة الكذب، والكبيرة الثالثة: كبيرة الغش والخداع، فإذًن جمعت على نفسك عدة كبائر وعدة معاصي، لأن هذا الغش عظيم ويحتاج إلى مجهود جبار حتى نقول بأنه قد غُفر لك فيه.
نعم أي ذنب غير الشرك قابل لمغفرة الله تعالى، ولكن ما أدراك أنك ستتوبين إلى الله ويقبل الله تبارك وتعالى منك؟ قد لا تتمكني من التوبة النصوح فتظل هذه المسألة عالقة في ذهنك، وقد يبتليك الله تبارك وتعالى بعدم الاستقرار؛ لأن الرجل قد ائتمنك على عرضه وظنَّ بك الخير وأنت لست كذلك، فهذا الأمر قد يؤرقك وقد ينغص عليك حياتك كلها.
ولذلك أنا أرى -بارك الله فيك يا بُنيتي– أن تركزي على التوبة النصوح لله تبارك وتعالى، وأن تجتهدي في ذلك غاية الاجتهاد، وأن تُكثري من الاستغفار، وأن تُكثري من التوبة، ويعني ذلك طبعًا الإقلاع عن الذنب –وقد حدث– والندم على فعل هذا الذنب، وعقد العزم على ألا ترجعي إليه، حتى لو قُطعتِ قطعًا قطعًا لا تفكري في العودة لهذا الذنب مطلقًا، ثم أن يكون ذلك من أجل الله وابتغاء مرضاة الله وحده، لا خوفًا من فضيحة وليس خوفًا من زوجٍ ولا غيره، وإنما تتركين هذا الذنب من أجل الله تبارك وتعالى وحده، وتجعلي هذه نيتك، وتتركي الأمر لله تبارك وتعالى، ولا تشغلي بالك بشيء، فإن الله جل جلاله قادر على أن يستر عليك، إن الله تبارك وتعالى قادر، وثقي وتأكدي من ذلك، وليكن لديك يقين بهذا الأمر، الله تبارك وتعالى قادر على أن يستر عليك بأي وسيلة، فهو جل جلاله على كل شيء قدير، ولكن إياك –يا بُنيتي– أن تُقدمي على الحرام، لأن إقدامك على الحرام فيما يتعلق بترقيع غشاء البكارة ورتقه قد يجعلك كاذبة وغشاشة ومُخادعة، وقد لا يبارك الله لك في حياتك.
وتوبي إلى الله تبارك وتعالى توبة نصوحًا، حافظي على الصلوات في أوقاتها، حافظي على ورد من القرآن يوميًا، أكثري من التوبة والاستغفار مئات بل آلاف المرات، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بنيَّة أن يغفر الله لك ذنبك، واتركي الأمر لله تبارك وتعالى، ولا تكلمي أحدًا، لا هذا الأخ ولا غيره، بل يحرم عليك شرعًا أن تتكلمي في هذا الموضوع لا مع هذا الخاطب الذي تقدم إليك أو غيره، لأنه لا يجوز لك أن تفضحي نفسك وقد سترك الله تبارك وتعالى، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من ابتُلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله) فإن هذا من المجاهرة المحرمة.
اتركي الأمر لله تبارك وتعالى، واصدقي مع الله، وأقبلي على هذا الزواج -بإذن الله تعالى- بحسن ظنٍّ بالله والثقة فيما عند الله، وأبشري بكل خير.
وبالله التوفيق.
منقووووووووووول