لعل بعضنا مر بهذا المشهد من قبل والذي يتلخص في بضع كلامات
يوم طويل ومرهق وممل في المدرسة أو الكلية أو العمل متشوق للذهاب
الي المنزل حيث السكينة والهدوء والراحة والإسترخاء كل أمالي في هذه اللحظة
متلخصة في بعض من الماء الدافئ تداعب جسدي فتغسل ألآم عضلاتي المرهقة
ووجبة دسمة من وجبات المنزل تعوضني عن مرار الوجبات السريعه يصحبه
كوب من الشاي ثم الفرار الي السرير حيث السكون التام .
وما إن وصلت إلي باب منزلي المتواضع وأخرجت مفاتيح جنتي الخاصة التي أحلم بها
ووضعتها بداخل (الكالون) وأدرتها حتي فوجئت بأعظم عمل مسرحي يجسد الحروب
الصليبية داخل شقتي لا تتفاجأوا فأنا لم أخطأ منزلي أبداً ولا مرة ولكن الموضوع
وببساطة (خناقة ) أسرية من العيار الثقيل والمعتاد ولكنها لم تكن في وقتها الصحيح
وليست بالتأكيد مع الشخص الصحيح .
فما الحل ؟
أسمع أحدكم يقول لي ببساطة وباللهجة المصرية الواثقة (أنفد بجلدك ) دعك من هذا
الهراء وأذهب إلي أقرب صديق أو قريب أستسمحه أن ينتشل جسدك الموشك علي
الإنهيار وأقضي ليلتك عنده .
وإذ بآخر يخبرني بصوته المتوعد إياك أن تسمع كلام هذا المخبول ( خليك راجل )
يجب أن تواجهه مشاكلك ولا تفر منها فرار الجبان من أرض المعركة .
ولكني أعرف بالتحديد ماذا علي أن أفعل ..
علي وبمنتهي السرعة أن أتصل ( بالسيد ساحر ) هكذا أسميه
نعم لا تتعجبوا أنه شخص كلنا نعرفه له عينين ولسان واحد ونفس الملامح البشرية
ولكنه به سر عظيم.
لا أخفي عليكم سراً إن أصاب هذا الرجل مكروه لعله يكون من جراء حسدي فيه
علي هذه النعمة..
لا تصدقوني في هذا فأنا أمزح معكم لست بمن يستعين بشخص
وبعد ذلك يكون أول رد لجميله بأن أحسده علي ما وهبه الله من نعم .
أسمع أحدكم يصرخ بي ( لخص ) من هذا وماهي سماته الخارقة ؟
أصبر ياأخي ولا تقنط علي هو شخص عجيب حقاً ما إن يدخل وسط أي معركة
من هذه المعارك ويحرك فقط شفتاه حتي يعم الهدوء وينصت الجميع وما هي
إلا لحظات وتنتهي المعركة ليس هذا فقط بل وسرعانً ما تسمع (قهقهة) ضحكاتنا
العالية وهي تحتل مكان صراخ المعركة بعد إلقائه لفكاهة عابرة يلطف بها الأجواء .
هل يوجد بحياة أحدكم مثل هذا الشخص وهل تمنيتم أن تصبحوا مثله ؟
أنا تمنيت أن أكون مثله لذلك قررت أن أضعه تحت مجهريوأشرح شخصيته
لعلي أطلع علي هذا السر .
نتيجة التحليل :
1 – دوما يبدأ كلامه بذكر الله والصلاة والسلام علي الرسول المختار سيد الأنام
محمد عليه الصلاة والسلام لذلك يجبرنا لوهلة علي الإنصات والصمت .
2- لا يناقش المشكلة أبداً في وقتها وإنما يصنع فاصل صغير جداً بالسؤال علي
الصحة والإطمئنان علي الأخبار قبل أن يبدأ .
3- قدرة خارقه علي الإستماع والإنصات بتركيز ونظرات وهمهمات توحي للمتكلم
بشدة التركيز في كلامه مع تأكيده بإستمرار علي عدم ضرورة إستخدام
الصوت العالي لفهم المشكلة .
4 – عدم سماحه نهائياً بمقاطعة أي طرف من أطراف المشكلة للطرف الآخر مهما
كان فالكل سوف يأخذ نصيبه من الإستماع والإنصات بالقدر الذي يرضيه بإذن الله .
5- الحق يقال أن له إبتسامة ساحرة وقبول في قلوب الناس وعندما تسأله عن
سر هذا يقول أنه سمع حديث للرسول صلي الله عليه وسلم يقول
” إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل، إن الله تعالى يحب فلاناً، فأحببه،
فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء : إن الله يحب فلاناً فأحبوه،
فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض “
ويقول أن هذا الحديث عظيم يرتجف له قلب المؤمن الراجي لحب سيده ومولاه
ويضيف بأن طاعة الوالدين وإستجلاب رضائهم يزيد من محبة الخلق لك ويؤكد لي أنه
دوماً لا يكف عن السعي لنيل ذلك .
6- لا يتسرع في إطلاق الأحكام ولا يتهم أحد بالخطأ بل دوماً يبحث عن سبب
المشكلة ويتتبع خيوطها حتي يصل إلي حلها .
7- أفكاره مرتبة ولا يتشعب إلي أشياء أخري يري أنها قد تتسبب في مشاكل أكبر.
8- لا يحاول معرفة أسرار شخصية لا يصح قولها بل دوماً يتجنب معرفة مثل هذه
الأسرار التي لا تفيد .
9- ينتقي الكلمات والقصص المعبرة وصاحب طرفة محترمة ومضحكة في
ذات الوقت ويستخدم لغة الجسد ببساطة وتلقائية .
10- هو قدوة فهو متدين و ناجح هادئ ورزين قليل الكلام كثير العمل .
11- له رصيد كبير في قلوب الجميع فالكل يذكره دوماً بموقف فهو
لا يترك لا صغير ولا كبير سواء أكان هذا في فرح أو حزن فدوماً تجده بجانبك .
12- قبل أن يرحل لا ينفك أن يذّكر أطراف الخلاف بقدرهم عند بعضهم البعض
ويسترجع مواقف سعيدة مروا بها سوياً ويؤكد أن الحياة لا تخلوا من مثل
هذه المشاحنات التي لا يجب أن تنسينا أبداً كل هذه اللحظات الحلوة
التي مررنا بها سوياً .
أنا أتمني أن اكون هذا الشخص فمن أخر يود ذلك ؟
أري أن الأيدي بدأت ترتفع لا تترد أرفع يدك ياصديقي وها هو يرفع يديه
وأري قارئة أخري رفعت هي الأخري يدها .