منذ أن بهرتها الألوان الزاهية للأحجار خلال رحلتها للرعي وسط جبال مركز الحفاير الواقع شرق محافظة خميس مشيط، بدأت ظبية الشهراني في سن الـ11 عامًا تجمع الأحجار الملونة التي تجدها خلال رحلتها دون أن تعرف أين وكيف يمكن أن تستفيد منها، حتى وصل عددها إلى 705 قطع، جمعتها خلال 5 سنوات من عمرها، وحينها كان الجميع يلاحظ شغفها بجمع الأحجار النادرة ذات الألوان الغريبة، ما جعل شقيقاتها وأشقاءها يُحضرون لها أي حجر غريب يلاحظون عليه أي سمة مختلفة. قالت ظبية: بقيت في كل يوم أخرج فيه لرعي الأغنام أحمل معي كيسا خاصا لأجمع فيه ما أعثر عليه من أحجار أثناء رحلة الرعي.. لقد جذبتني هذه الأحجار بألوانها الزاهية والغريبة وتعددية الألوان في الحجر الواحد، وفي ذات يوم كنت أنصت فيه لإذاعة الرياض وسمعت عن حملة "استعادة الآثار" التي تقوم بها الهيئة العامة للسياحة والآثار، وسجلت الرقم، وقمت بالاتصال على الهيئة، التي حولت الموضوع إلى فرعها بالمنطقة (مكتب الآثار) والذي تواصل معي إلى حين استلام القطع الأثرية والتي تم اختيارها وهي 19 قطعه منها. وأضافت: عشقي لجمع الأحجار لم يتوقف، فعلى الرغم من توقفي عن الرعي والتحاقي بالتعليم للمرحلة المتوسطة، إلا أنني ما زلت أستغل أي فرصة أكون فيها مع أسرتي في البر لجمع الأحجار الغريبة واحتفظ بها، كما أن الهيئة قررت أن تعيد لي باقي الأحجار التي جمعتها، ولم يكن لها أي تاريخ في مجال الآثار، وسأقوم بالاحتفاظ بها، فهي غالية على قلبي، وكل قطعة أحس أنها تخصني وجزء مني. أما شايع الشهراني -شقيق ظبية- فقال: إن عائلتنا تعرف عشق ظبية لجمع قطع الأحجار النادرة، ولقد ساعدها على ذلك مهنه الرعي وحياتها في البادية التي أتاحت لها التقاط هذه القطع المميزة الألوان، ولقد تواصلت مع الهيئة العامة للسياحة بالرياض وبفرعها في منطقة عسير لتسليم كافة الأحجار وقطع الآثار التي جمعتها.. إننا فخورون بهوايتها، على الرغم من صغر سنها، فقد كان لديها هذه النظرة الجمالية لكل ما يحيط بها، ولقد تسلمت في المقابل مكافأة من الهيئة العامة للسياحة على تلك القطع والتي تم تسليمها لهم وخطاب شكر وتقدير. وأضاف: الآن هي تعيش في القرية، وابتعدت عن البادية، ولكنها ما تزال تحمل روح البحث والنظرة الثاقبة للأشياء، ولا يزال لديها شغف جمع القطع المميزة والجميلة، فتراها دائما تبحث في الأرض وتنتقي القطع الغريبة التي لم تكن تعرف أهميتها، ولكنها دائما كانت تنتظر فرصة المعرفة وأن تتوصل إلى تاريخ هذه القطع، وأهميتها التاريخية لغرابة الشكل والألوان. وقال مدير مكتب الآثار بالمنطقة سعيد القرني: إن حملة استعادة الآثار والتي أطلقت بتوجيهات رئيس الهيئة بتاريخ 23/ 1 /1433 كانت متزامنة مع المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية 1445، أوصلت الرسالة لكافة شرائح المجتمع، وهي ما كانت تصبو له الهيئة، والدليل وصول هذه الحملة لهذه الفتاة في البادية، إضافة إلى تعاون عدد كبير من المواطنين للإبلاغ عن مواقع أثرية في عدد من محافظات ومراكز المنطقة. وأشاد مدير عام فرع الهيئة بالمنطقة المهندس محمد العمرة بما قامت به الفتاة، مشددًا على أنه واجب وطني للحفاظ على التراث الحضاري الوطني، وأن صغر سن الفتاة وحماسها للتواصل مع الهيئة وتسليم تلك القطع من المفترض أن يكون حافزًا للجميع للقيام بهذا الواجب سواء بالإبلاغ عن المواقع الأثرية أو من خلال تسليم ما لديهم من قطع أثرية، مضيفا: "الهيئة تقدر ذلك للجميع، وتتمنى المزيد من التفاعل مع هذه الحملة".
قصة الراعية التي جمعت 700 قطعة أثرية خلال 5 سنوات