استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 18 سنة، ليس لدي صداقات، ولا علاقات، حتى مع من هم أقرب الناس لي، مثل أمي وأبي وإخواني، وعلاقاتي معهم رسمية، ولا أحب الاجتماعات ولا المقابلات، حتى أني أتمنى أن أكون وحيدًا، وأرتاح من تعليقات الناس، والشك بي، حتى ظنوا أني مجنون، أو مختل عقلياً، وهذا ليس من كلام الناس فقط، بل من كلام الأهل والأقرباء، وصلت لحالة لا يعلم بها إلا رب العالمين.
كرهت الدنيا وتمنيت أن الله لم يخلقني، وجعلني ترابًا، وريحني من الهموم التي أصبحت جزءًا من حياتي، أقسم بالله العظيم فترات أفكر بالانتحار، وأنها مجرد خطوة، وينتهي كل هذا، لكني أخاف من رب العالمين، أسأل نفسي: لماذا أنا لست مثل الناس يتكلمون، ويعملون علاقات إلا أنا؟ لماذا أنا مختلف عنهم، ولماذا الله خلقني الله هكذا؟ حياتي أصبحت لا معنى لها، وكأنها مجرد شريط يعاد كل يوم.
أخاف من الناس ولا أواجههم، وحالتي يرثى لها لكثرة تغيبي عن المدرسة، أنا حالياً في الثاني الثانوي، وفصلت بسبب الرهاب الذي قتلني ودمرني، أحس أن الناس نظراتها إليّ دائماً، وتراقبني في كل صغيرة وكبيرة، لا أشعر بالارتياح بتاتاً.
عندما يدخل البيت شخص غريب أبدأ بالارتجاف والتصرف بغرابة، مما يجعلهم يشكون أني مختل، أو ما شابه.
أسأل الله العلي العظيم أن يشفيني ويشفي مرضى المسلمين، والله إني ليس عندي بعد الله إلا أنتم؛ لأنه لا أحد عندي يقدر حالتي، وتعبي النفسي الذي فسره البعض لدي أنه جنون مما أفقدني ثقتي بنفسي، والله ولي التوفيق.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الإله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
ليس هنالك ما يُشير في رسالتك لا من قريب ولا من بعيد أنك تعاني من مرض عقلي أو من جنون، هذا كلام ليس صحيحًا، أنت لا تعاني من أي مرض عقلي أو اضطراب سلوكي، هذه حقيقة علمية أؤكدها لك.
الذي تحتاجه – أيها الفاضل الكريم – هو أن تجلس مع نفسك، أنت الآن لديك ما يُعرف بالإسقاط، أي أنك غير مرتاح من أفراد أسرتك، حدث لك الفشل الأكاديمي، وهذا يجب ألا نُحمِّله الآخرين، أنا أُقدِّرُ مشاعرك جدًّا، لكني أعرف أن الدراسة هي مسؤولية شخصية، وهنالك من يعيشون تحت الأشجار وتحت الأضواء الخافتة ويدرسون وينجحون.
فأريدك أن تكون صاحب عزيمة وشكيمة، واعرف – أيها الفاضل الكريم – أن أفضل ما يكتسبه الإنسان في هذه الدنيا هو العلم – علوم الدنيا والعلوم الشرعية – وهي الوسيلة الوحيدة لتطوير المهارات وحفظ الذات وتطويرها، وأن تكون مقبولاً لدى نفسك ولدى الآخرين.
فيا أيها الفاضل الكريم: ابحث عن وسيلة تعليمية، فقدت فرصتك في هذه المدرسة؛ لأنه قد تمّ فصلك منها، هذا لا يعني نهاية الأمر، لا تخف من المستقبل، ادفع نفسك وأصِرَّ على الدراسة، افتح آفاقًا جديدة، بدون دراسة بدون علم أعتقد أن الأمور سوف تكون صعبة جدًّا معك.
بالنسبة لموضوع أسرتك: لا بد أن تتعلم ما يُسمى بالتواؤم الأسري، أنت فرد في الأسرة، ولا أحد يكرهك، لكن سوف تُحبُّ من خلال مساهماتك، فكن عضوًا فاعلاً ومساهمًا في أسرتك، الانزواء خطأ، ليس صحيحًا أبدًا.
الأمر الآخر: طوّر نفسك اجتماعيًا، ابنِ علاقات معقولة، ابدأ بصديقٍ واحد، رفقة المسجد هي من أعظم ما يمكن أن يكتسبه الإنسان، فاحرص على صلاة الجماعة، وسوف تجد من يُخالل، سوف تجد من تُصاحب، سوف تجد من تُصادق، وبعد ذلك وسِّع من شبكتك الاجتماعية.
أنت شاب، أنت لديك طاقات نفسية، لديك طاقات جسدية، يجب أن تستغلها بصورة صحيحة.
وأنا أقول لك: لا أحد يقوم بعمل أي شيء لك، الأمر يعتمد عليك، ولا أريدك أن تعتمد على الآخرين، على العكس تمامًا يجب أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، والأمر كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز).
هذه هي الأسس الرئيسية في الحياة، والتي يجب أن تتبعها، وأسال الله لك التوفيق والسداد.
منقووووووووووول