تخطى إلى المحتوى

كيف أتخلص من الحقد والحسد؟

كيف أتخلص من الحقد والحسد؟
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام وعليكم

أعلم أن أمراض القلوب من حقد وحسد قد تودي بصاحبها للتهلكة، وسمعت تفسيراً لهذا الحديث: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار) الحديث يفيد: بأنه على الرغم من أنه عمل طيلة حياته عمل أهل الجنة، لكن ما جعله يختم حياته بعمل أهل النار هو أن قلبه لم يكن صافيًا، بل كان مليئاً بأمراض القلوب من حقد وحسد.

مشكلتي هي أنني مستاءة للغاية من نفسي؛ لأنني أحمل هذه الصفة، فلدي أقارب أحسدهم إذا وجدت لديهم خيراً ولم يكن لدينا مثله، وأفرح إذا حصل لهم مكروه، ربما غيرهم من الأقارب لا أهتم كثيراً بما يحصل معهم، لكن لأن هؤلاء دائماً ما أتعرض للأذية منهم.

أعرف أن هذا ليس مبرراً للحسد لا من قريب ولا من بعيد، وأريد حلاً يجعلني لا أتمنى السوء لأحد حتى لو كنت أكرههم، وخوفي أن تختتم حياتي بأعمال أهل النار، لما يحمله قلبي من حقد وحسد.

وشكراً.

الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك أختنا الفاضلة، في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك من كل مكروه، وبخصوص ما سألت عنه فنجيبك من خلال النقاط التالية :

أولاً: شكر الله حرصك على دين الله، وتعقبك أمراض النفس، وبحثك عن العلاج، وإنا نبشرك بالخير العاجل، فإن مما ذكره أهل العلم أن الاعتراف بالخطأ نصف الطريق إلي العافية، نسأل الله أن يمن عليك بالعافية الكاملة.

ثانياً: اعلمي أن الحسد كما يقول ابن القيم: (هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها) وقد ذكر العلماء لها مراتب أربعة وهي :
الأولى: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، ولو لم تنتقل للحاسد.
الثانية: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها.
الثالثة: تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.
الرابعة: حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً؛ وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه.

ثالثاً: علاج الحاسد لنفسه أمر ميسور، لكنه يحتاج إلى جهد وصبر، وخاتمته إلى خير بأمر الله، وعليه أن يتبع الوسائل التالية:

1- كثرة الدعاء إلى الله عز وجل، والتوكل عليه والدعاء، هو أول الطريق أختنا الفاضلة.

2- الرضى بالقضاء والقدر، والنظر إلى من هو أقل منك حالا، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم).

3- الإيمان بأن الإمساك عن الشر صدقة، مما يساعد على التخلص من الحسد، الإيمان بأن الكف عنه صدقة، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (على كل مسلم صدقة، قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق، قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف، قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير، قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة)، متفق عليه. فمجرد إمساكه عن الشر، ومنعه الحسد يكون صدقة على نفسه، وفي حديث آخر: (قال: فإن لم أفعل؟ قال: فدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك)، وفي رواية: (تتصدق بها عن نفسك)، وهذا أيضاً متفق عليه.

4- من الوسائل كذلك: الاعتقاد الجازم بأن الحسد لا يضر المحسود، لذلك سماها بعض أهل العلم بالمعصية المستهجنة، يقول بعض أهل العلم: أي معصية تزيد على كراهتك لراحة مسلم من غير أن يكون لك منه مضرة؟ وهذا يبين غباء الحاسد وقبح فعله، ثم إن الحاسد لا يغير من قضاء الله – سبحانه وتعالى – شيئاً، ولا ينفع، ولا يضر، قال عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} وقال عز وجل: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} وقال -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس رضي الله عنهما: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).

5- الحسد يضر صاحبه ، لأنه ساخط على قدر الله بقصد أو بدون قصد، لأنه تسخط على قضاء الله وقدره، وهذا عمى في بصر الإيمان، ويكفيه جرما أنه شارك إبليس في الحسد، وقد قيل : الحاسد عدو نفسه، وصديق عدوه؛ لأن إبليس يحب زوال النعم عن العباد، ويحب وقوع البلايا فيهم، وقد قال بعضهم:

دع الحسود وما يلقاه من كمدٍ يكفيك منه لهيب النار في جسده
إن لمت ذا حسد نفّست كربته وإن سـكـتّ فـقـد عـذبـتـه بـيـده

6- النظر بعين البصيرة إلى حقيقة الدنيا، من الأمور الهامة التي تعينك على تجاوز هذه المرحلة، النظر إلى حقيقة الدنيا التي لا تزن جناح بعوضة، قال -صلى الله عليه وسلم- :(لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء)، فالدنيا هموم وغموم، وأتراح وأحزان، حلالها فيه حساب، وحرامها فيه عذاب، فأي فضل لمن كانت هذه حالتها؟!

7- من المعينات على العلاج: الإيمان والرضا بالقضاء، فقد قال الله عز وجل: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وقال: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}، فلله حكمة في كل ما يفعله جل شأنه ، ولا يملك العبد إلا الصبر، كما قال بعض العلماء: (ما لي على مر القضا من حيلة غير الرضا، أنا في الهوى عبد وما للعبد أن يعترضا).

8- الدعاء لمن أردت حسده بالبركة، من أهم ما ينبغي أن تراعيه، أن تبرّكي إذا رأيت خيرا على أحد بأن تقولي : (اللهم بارك فيه ولا تضره)، كما ثبت ذلك عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -.

نسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به والله الموفق.

منقووووووووووول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.