استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنتي أتمت الست سنوات هذا الشهر، وهي ابنتي الوحيدة من طليقي، وأسكن مع أهلي منذ كان عمرها سنة ونصف, -الحمد لله- الوضع في بيتنا شبه هادئ ومرحب بنا، وأهلي متفهمون جداً، وتم الطلاق بطريقة حضارية وبلا مشاكل تؤثر على طفلتي.
لكن مشكلتي الحالية هي وضع ابنتي وسط عائلتي الكبيرة، فهي تتقمص بعض تصرفات أخويّ المراهقين، وهما مدللان جداً، ويحدث بينهما مشاجرات، فأصبحت تطبق بعض حركاتهما في الروضة، ولأن شخصيتها قوية، كانت هي التي تقود الفصل، ولأن لسانها فصيح -ما شاء الله- كانت محببة من قبل أغلب المعلمات، فلا يعترضن كثيراً على سلوكها، وأتضايق كثيراً من كلام الأمهات عن شكواهن منها، حيث تصنع رفقة خاصة، وتستبعد بعض البنات منها.
ولكن في الاجتماعات المنزلية أصبحت منبوذة؛ لأنها الأصغر سناً، فتحاول فرض نفسها بالضرب، ولا يخلوا أي اجتماع من معركة تكون طفلتي بطلتها، كما أنها تشك أن أطفال العائلة يتآمرون عليها، وإذا رأت أي اثنين يتهامسان ظنت أنهما يتكلمان عنها، فلا تتردد بضربهما أو ضرب أمهاتهما إذا التجآ لهن للشكوى، وكذلك تضرب الخادمات.
توترت علاقتي بأخواتي لهذا السبب، مع أنهن يحبونها، لكن الجميع لا يريد الأذى لأطفاله، كما أنها تحب كثيراً التفاخر بما لديها، وبما تعلم. تعبت معها جداً، وتعبت من أجلها أكثر، أتمنى أن ترشدوني، ما الحل؛ خصوصاً أنني جهزت لها في بيتنا جناحاً خاصاً، حيث لا تختلط بإخواني؛ خوفا عليها من طباعهم، لكن اتضح لي أنه قد فات أوان الحماية، ويجب أن أبدأ فترة العلاج، مع ملاحظة أن علاقتها بوالدها جيدة -الحمد لله-.
أرجو منكم الرد على مشكلتي، وتوجيهي لما ينفع ابنتي، حيث إنها استثماري في هذه الحياة، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا على هذا الموقع.
لا أكتمك أنني كنت أتساءل وأنا أقرأ سؤالك "يا ترى هذه البنت لمن طالعة؟!"، ومما لا شك فيه أن شخصيتك قوية -ما شاء الله-، وهذا واضح من خلال أسلوب كتابتك وتعبيرك الواضح.
بشكل عام فإن الصفة التي تتعبنا في الطفل وهو صغير قد تكون هي نفسها الصفة التي ستكون وراء نجاحه وتفوقه في قابلات الأيام، فمن يدري ربما طفلتك هذه يمكن أن تكبر لتصبح مديرة مؤسسة أو رئيسة مستشفى، وستذكرين كلامي، ولذلك فنحن لا نهدف إلى تحطيم هذه الثقة بنفسها، وإنما تطويعها قليلا لمصلحة الطفلة ومصلحة من حولها، وهذا التطويع يكون عن طريق تعليم الانضباط والقواعد السلوكية الاعتيادية.
وسأشرح هنا شيئا أساسياً مما يمكن أن يكون نقطة تحول في طريقة تربيتك لطفلتك:
إن من أكثر أسباب السلوك المتعب عند الأطفال، وربما كثير مما ورد في سؤالك عن سلوك طفلتك ينطبق عليه هذا، هو الرغبة في جذب الانتباه لنفسها، ومن المعروف أن الطفل يحتاج لانتباه من حوله، كما يحتاج للهواء والطعام والماء، وإذا لم يحصل الطفل على هذا الانتباه على سلوكه الحسن، فإنه سيخترع طرقا سلوكية كثيرة لجذب هذا الانتباه، والغالب أن يكون عن طريق السلوكيات السلبية، التي ورد بعضها في سؤالك.
ولماذا السلوكيات السلبية؟ ببساطة لأننا نحن الآباء والأمهات لا ننتبه للسلوك الإيجابي، وكما قال أحدهم: (عندما أحسن العمل، لا أحد ينتبه، وعندما أسئ العمل، لا أحد ينسى)، ولذلك قد نذكره له لأشهر وسنواتّ.
ماذا يمكنك فعله مع طفلتك؟ عدة أمور منها:
1- أن تلاحظي أي سلوك إيجابي تقوم به طفلتك، ومهما صغر هذا السلوك، وأن تـُشعريها بأنك قد لاحظت هذا السلوك الإيجابي، ومن ثم تشكرينها عليه.
2- أن تحاولي تجاهل بعض السلوك السلبي الذي يمكن أن تقوم به، إلا السلوك الذي يعرضها أو يعرّض غيرها للخطر، فعندها من الواجب عدم تجاهل الأمر، وإنما العمل على تحقيق سلامة الطفلة والآخرين مباشرة.
3- حاولي التعامل مع سلوكها المتعب على أنه مجرد سلوك لجذب الانتباه، فوجّهي انتباهك إليها عندما تتجاوب معك ومن دون عناد، وحاولي صرف انتباهك عنها عندما يصل عنادها لحدّ لا ترتاحين له.
ودوما أنصح الآباء والأمهات بدراسة كتاب في تربية الأطفال، فهذا مما يعين الكثير من الآباء، ويعلمهم الصيد، بدلا من أن نعطيهم سمكة، ومنها كتابي: "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" حيث سيعينك على تربية طفلتك، ويمكنك الحصول عليه من مكتبة جرير أو من موقع نيل وفرات دوت كوم.
والله الموفق.
منقووووووووووول