لندن – رويترز – يقول محللون إن البلدان المصدرة لمواد الطاقة التي كدّست مليارات الدولارات من الأرباح المفاجئة في صناديق الاستثمار السيادية قد تضطر إلى السحب منها مع تراجع عائدات تصدير النفط، الأمر الذي قد يحدث هزة قوية في أسواق الأسهم والسندات والعقارات في أنحاء العالم.
وصناديق الثروة السيادية التي تستند إلى عائدات تصدير النفط فاعل رئيسي في التمويل الدولي، إذ تحتفظ بما يزيد على خمسة
تريليونات دولار من الموجودات وفقاً لتقديرات ديفيد سبيغل خبير الأسواق الناشئة في بي.إن.بي باريبا.
وأموال هذه الصناديق مقسمة في العادة إلى سلال مختلفة يخدم كل منها وظيفة معينة، وتساعد على تعزيز الإنفاق الحكومي في أوقات هبوط عائدات الصادرات أو إدارة الأرباح المفاجئة على مدى عقود من أجل الأجيال المقبلة.
وبمقدور حكومة النرويج أن تنفق كل عام ما يصل إلى %4 من صندوق ثروتها السيادية البالغ قيمته 850 مليار دولار، وهو الأكبر في العالم، ولكنها لم تنفق سوى %2.8 في عام 2024، واستخدمت هذه الأموال في تمويل تخفيضات ضريبية.
ويشكل صندوق تحقيق الاستقرار في نيجيريا نحو %20 من إجمالي صندوق ثروتها السيادية.
ومع تأرجح أسعار نفط برنت الخام حول 70 دولاراً للبرميل، وهو ما يقل كثيراً في الوقت الحالي عن مستوى التعادل على صعيد المالية العامة في كثير من البلدان الرئيسية المصدرة لمنتجات الطاقة، ومنها السعودية وروسيا ونيجيريا – ذلك المستوى الذي يكفل تحقيق توازن الميزانية – فإن كثيراً من الصناديق بدأت بالفعل استخدام مكوناتها الخاصة بتحقيق الاستقرار.
وقال سبيغل «الجزء الأكبر من أموال الصناديق السيادية يجري استثماره في أدوات عالية الجودة، وكثير منها في سندات الخزانة الأميركية وسندات حكومية أخرى».
ونقل سبيغل عن تقديرات صندوق النقد الدولي أن الأموال التي يعاد استثمارها من عائدات صادرات النفط تجعل عائد سندات الخزانة الأميركية أقل بمقدار 50 نقطة أساس تقريباً عن المستوى المحتمل لولا هذه الاستثمارات.
وقال سبيغل: إن صناديق الثروة السيادية «تستثمر أيضاً في أسواق الأسهم إلى حد ما». وأشار إلى أن نيجيريا وكازاخستان والكويت وإيران أمثلة للبلدان التي تساعد فيها هذه الصناديق الخزينة العامة للدولة في أوقات الحاجة.
وأسوأ السيناريوهات المحتملة للبلدان المنتجة للنفط مع استمرار تراجع أسعار النفط لفترة طويلة هو احتمال أن تضطر الحكومات إلى استخدام الصناديق التي تدار من أجل الأجيال المقبلة.
وشارك المستثمرون السياديون في بعض من أكبر صفقات العقارات والبنية التحتية هذا العام.
وقد يؤدي أي انسحاب محتمل لصناديق الثروة السيادية إلى إلحاق أضرار بقيم العقارات التجارية في بعض من أكبر مدن العالم. وفي لندن على سبيل المثال، تملك صناديق سيادية مثل جهاز قطر للاستثمار بعضاً من أبرز المباني التجارية في لندن ومنها متاجر هارودز.
وقال ستيفن كليفتون رئيس قسم وسط لندن في الشركة العقارية نايت فرانك: أبقت صناديق الثروة السيادية تركيزها على وسط لندن، ولكن من الصعب تقدير إجمالي حجم استثماراتها، لأن الصفقات تجري في الغالب من خلال صناديق الاستثمار. ونحو 5.2 مليارات جنيه إسترليني (8.2 مليارات دولار) من الاستثمارات الخارجية في العام الماضي يمكن تصنيفها على أنها «خاصة» وقد يكون جانب كبير منها من صناديق سيادية.