الوكيل – بات واضحا أن مشروع قانون التقاعد المدني ‘حشر’ الحكومة في زاوية دستورية صعبة بعد رده من جلالة الملك عبدالله الثاني لمخاوف من وجود شبهة دستورية فيه، ما رتب عليها خيارات صعبة مستقبلا إزاء التعامل مع هذا الموضوع.
وفيما تجد الحكومة نفسها حائرة حيال إرسال استفسار حول ‘طبيعة عمل النائب أو العين’ الواردة في مشروع القانون، فإنها تخشى بذلك من أن تخالف نص المادة 59 فقرة 1 من الدستور، التي تنص على ‘تختص المحكمة الدستورية بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة.. ‘، أي أن ثمة فرقا بين الأنظمة النافذة وغير النافذة، فضلا عن أن الفقرة (2) من نفس المادة تنص على أن ‘للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور إذا طلب إليها ذلك’.
وحول السيناريوهات المتوقعة لمشروع القانون، يؤكد برلماني قانوني لـ’الغد’ أن الحكومة قد تلجأ إلى سحب القانون من مجلس الأمة لإجراء المزيد من التعديلات، أو الوصول إلى توافق بينها وبين المجلس أو أن يصر الأخير على رأيه حول القرار السابق، وبعدها سواء رد مشروع القانون أو تمت المصادقة عليه يصبح نافذا، على غرار حادثة ‘قانون محكمة أمن الدولة’ في العام 1992 الذي رد مرتين وأصبح نافذا بدون المصادقة عليه من مجلس الأمة العام 1989.
بدوره، يقول وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني إن القانون المعمول به الآن للتقاعد المدني (المؤقت) هو القانون الساري المفعول، لافتا إلى أن الحكومة سترسل إلى المحكمة الدستورية استفسارا حول طبيعة عمل النائب والعين.
ووفقا لمصدر رسمي لـ’الغد’ فإن الحكومة ‘لا تستطيع إرسال مسودة مشروع القانون للمحكمة الدستورية، كونه مسودة وليست قانونا نافذا، خلافا لنص المادة 59 من الدستور، بيد أنها تستطيع إرسال استفسار حول طبيعة عمل النائب والعين، وهل يستحقان راتبا تقاعديا’، وهو ما أكد برلماني حقوقي بأنه ‘مخالف للدستور’ أيضا.
وفي السياق، يؤكد الخبير الدستوري الدكتور محمد الحموري ‘أن الحكومة لا تريد إرسال القانون إلى المحكمة الدستورية، إذ لا رقابة سابقة لها، بيد أنها تريد سؤال المحكمة عن تفسير نصوص دستورية لتعرف هل لها أن تصدر قانونا بهذا الصدد أم لا’.
من جهته، قال رئيس ديوان التشريع والرأي في رئاسة الوزراء نوفان العجارمة إن رد مشروع القانون المعدّل لقانون التقاعد المدني لسنة 2024، يعني العودة للعمل بقانون التقاعد المدني المؤقت 2024، الذي كان ألغى تقاعد أعضاء مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان.
وكانت الإرادة الملكية السامية صدرت يوم الاثنين الماضي برد مشروع قانون التقاعد المدني المعدل 2024، الذي أقره مجلس الأمة خلال جلسة مشتركة عقدها يوم 11 أيلول (سبتمبر) الحالي.
وسبق لجلالة الملك أن استخدم صلاحياته الدستورية في العام 2024، عندما لم يصادق على قرار مجلس الأمة السابق، بإعلان بطلان قانون التقاعد المدني المؤقت (صدر العام 2024)، والذي ألغى تقاعد النواب والأعيان، أي أن النواب بإعلان بطلان القانون المؤقت المذكور يبقون على التقاعد للنائب ومساواته بالوزير.
وبحسب نص المادة 9 من قانون المحكمة الدستورية فإنه يحق لمجلس الوزراء ومجلسي الأعيان والنواب حق الطعن مباشرة لدى المحكمة في دستورية القوانين والأنظمة النافذة، على أن يقدم الطعن لدى المحكمة بطلب موقع من رئيس الجهة الطاعنة على أن يبين فيه اسم القانون أو النظام المطعون فيه ورقمه ونطاق الطعن بصورة واضحة ومحددة فيما إذا كان منصبا على القانون أو النظام بأكمله أو على مادة واحدة أو أكثر، ووجه مخالفة القانون أو النظام للدستور.
الغد