يُبعثر كل ما هو حوله، يفتعل كل شيء فقط ليلفت نظر أهله. يضحك، يبكي، يثور ويركض، يحاول خلق سيناريوهات ليكسب إهتمام والديه الدائم به. طفلي مستعد أن يحوّل المنزل الى "مغارة علي بابا" فداءً لرعاية أهله المستمرة. نجده يفتعل قصصاً والعاباً ليكون محور الإهتمام والبطل الوحيد في يومياته الطفولية، ويغار من الاشخاص لمجرد إقترابهم من أهله.
يُلاحقك أينما ذهبت، يُقاطعك بإستمرار عندما تتواجدين مع الأصحاب و لا يتوارى عن أنظارك بهدف جذب إنتباهك. هو مستعد ليبقى في حركة دائمة فقط ليجذب إنتباهكما ويسمع تشجيعكما، فأنتما أغلى ما لديه ، فهل من يضاهي حنان الأم والأب؟ صفة المشاغبة ليست أمراً وراثياً أو طبعاً يُولد معنا، صحيح أنها صفة ولكنها تتضمن رسالة على الأهل ان يفككوا رموزها. الطفل ليس راشداً ليتمكن من التعبير عن كل ما يخالجه من مشاعر او إرتياح، حزن او فرح. لذلك يلجأ الى إيصال صراعاته الداخلية من خلال المشاغبة.
لماذا يشاغب الطفل؟
سؤال يردده الأهل بإستمرار دون ان ينجحوا في ايجاد الحلول لتخطي هذه المشكلة. اولاً على الأهل ان يدركوا ان هذه المشاغبة لا تقف عند السلوك الطفوليّ وإنما لها أبعادٌ اعمق. فالطفل يُشاغب بغية الحصول على إهتمام أكثر، فهو لا يشعر بالحب والحنان الكافيين، وكثرة الحركة وتواجده في كل مكان خير دليل على عدم شعوره بالإنتماء الى هذه العائلة. إنه يبحث من خلال ذلك عن مكان له لإعتقاده أنها وسيلة للتعويض عن هذا النقص الذي يقلقه كثيراً. وقد يطلب الطفل الإهتمام كي يشعر بالأمان، لأنه يخاف ان يبقى وحيداً ضائعاً في عالمه.
من جهة أخرى هذا السلوك قد يُعرض الطفل الى عنف جسدي أومعنوي، صفة " المشاغب"، "طفل غير محمول"…تلاحقه أينما ذهب، فيدخل في دوامة يصعب الخروج منها.
كيف تعالجين سلوك طفلك المشاغب؟
– إعطاء طفلك الإهتمام دون ان يطلب ذلك
– خصصي بعض الوقت لكي تلعبي معه، ودعيه يختار اللعبة التي يريد
– ليكن هذا الإهتمام يومياً وجزءاً من حياته مهما كان الوقت قصيراً
– ساعدي زوجك على خلق علاقة مميزة ومتينة مع طفله .
– لا تعديه يشيء دون ان تفي به .
– كوني صادقة مهما كانت الظروف ( صعبة ودقيقة)
– إحترمي طفلك ككيان مستقل، له رغباته ورأيه وذوقه الخاص
– لا تُهيني طفلك او توجهي اليه الملاحظات القاسية امام الناس
الإستقلالية تحتاج الى الإهتمام
أن يصبح الطفل مستقلاً لا يعني أنه ليس بحاجة الى إهتمام وعناية خاصة. على عكس ما يعتقده الأهل، فالإستقلالية لا تقلل من دورهم الفعاّل في مراحل نمو طفلهم، حتى لو اصبح الولد يرتدي ثيابه بمفرده، يمشي دون مساعدة، يخلد الى النوم دون ان يكون برفقة احد ويأكل لوحده فإن تشجيعكم ودعمكم المستمر له في كل خطوة او ما يعتبره إنجاز هو أمرٌ جدّ مهم لبناء ثقته بنفسه و تعزيز قدراته وحب الاستكشاف لديه والانخراط في المجتمع .
ولا بدّ أن يدرك الأهل ان الطفل لا يعرف بعد معنى الصبر ، فهو بحاجة الى تلبية رغباته في اللحظة ذاتها. غالباً ما يُقاطع الطفل والديه بهدف لفت إنتباههما ، ويكرر طلبه خوفاً من ان ينسى ما يريد قوله في حال إنتظر قليلاً ، ليكون هو المحور الأول في حياتهما لأنه بكل بساطة يغار من أي شيء بإعتقاده ان ابسط الامور تسرق اهتمامهما منه. لذلك على الاهل ان يشرحوا له بوضوح كيف ومتى يستطيع مقاطعتهم وان يوضحوا له ان ذلك لا يعني بأنهم غير مهتمين بما يريد قوله.
منقول