تخطى إلى المحتوى

معالجة بيئة العمل لسلامة عقول الموظفين

معالجة بيئة العمل لسلامة عقول الموظفين
خليجية بصفته أحد كبار الشركاء لقطاع الضرائب في شركة إرنست أند يونغ، تعوَّد دافيد بروين على اتخاذ القرارات المهمة. ولكن مساعدته في أحد الأيام في عام 2024 تولت زمام الأمور وأخبرته أنها ألغت كل مواعيده ولا يجب أن يجادلها وأن يستقل السيارة التي طلبتها له لكي تقله إلى موعد في مصحة للعلاج الجماعي للصحة العقلية.

ويسترجع الأحداث قائلاً: «كنت قد استقلت، ومرتاح. وكانت تعرف أن لدي مخاوف، ولاحظت كيف تغيرت وأصبحت أقل اهتماماً. حضرت الاجتماعات لمدة أسبوعين وانتهى الأمر بمكوثي لمدة شهر في المصحة التي كانت من أفضل المراكز الطبية التي ذهبت إليها مطلقاً».

رغم وجوده في وظيفة ناجحة في شركة خدمات مهنية يرى دافيد بروين أن هناك شيئا ما لم يكن على ما يرام، حيث حدثت عدة أحداث مرهقة متزامنة وكان المنصب الوظيفي يشمل تحديات وقاوم كل ذلك. ومع حدوث الطلاق وانهيار العلاقة مع زوجته وتغيير في المهام، لم يعد يجد الطاقة أو المعنى للاستمرار.

يتزايد عدد المهنيين الذين يتحدثون عن تجاربهم مع الاكتئاب والتوتر من أجل أن يكونوا مثلا يحتذى، ولتشجيع الموظفين على اتخاذ أدوار نشطة في حماية الصحة العقلية في أماكن العمل.

هناك بعض إحصائيات ترى أن واحدا من أصل 6 موظفين يتأثر بذلك، وتكلف مشاكل الصحة العقلية بريطانيا 26 مليارا استرلينيا سنوياً من خلال التغيب عن العمل والتواجد في العمل رغم المرض ليصبح الموظفين غير منتجين. والرجال بين أعمار 40 و44 هم الأكثر ميولاً للانتحار.

واندهش جوف ماكدونالود التنفيذي الكبير السابق في شركة يوني ليفر عندما أصيب بالفزع في وسط الليل عام 2024، واستيقظ من النوم معتقدا أنه كان سيموت وسعى لمساعدة من طبيب. وقال: السبب الوحيد الذي يبقيني حيا هو كوني واعيا لمرضي وتمكني من الحصول على دعم.

ويقارن تجربته مع صديق له، مصرفي انتحر بالقفز من فوق سطح مطعم في وسط لندن منذ عامين، مشيرا إلى أنه كان يمتلك شخصية رجل قوي ولم يكن ليفصح لأحد. والاكتئاب في حد ذاته تعذيب لأصحاب الشخصيات القوية، لافتا إلى أنه يؤمن بأنه من المهم جدا مساعدة الرجال على التحدث بشكل أكبر عن مشاكلهم العقلية.

ويعتقد ماكدونالود أن الأزمة الاقتصادية وضغط التواصل على مدى اليوم زادا من المخاطر.

وأضاف: يتوقع منا تقديم المزيد بأقل التكاليف، في عالم هش وغير مستقر وملتبس ومعقد. وكل ذلك يساهم في زيادة الهموم الناس وربما مرضهم.

وهناك علامات تغيير إيجابية، فمنذ أن تم إنشاء اتحاد الصحة العقلية في لندن العام الماضي وهو مظلة جماعية تسعى لترويج النقاش الفعال عن هذه المشكلة، فقد سجلت 26 شركة كبرى وبنوك وشركات خدمات مهنية في هذا الاتحاد.

ويقول نائب رئيس الاتحاد والشريك في شركة «لينكليتارس» للمحاماة نيجل جونز ان التعامل مع المشاكل الصحة الجسدية أسهل من خلال توفير صالة ألعاب رياضية أو مطعم جيد، لكن المشاكل العقلية أصعب التحدث عنها.

وأشار إلى أن نمو التوعية عن المشاكل العقلية جلب الدعم لعدة مبادرات رفيعة المستوى. وفي حين أن الشركات قد ترى ذلك على أنه منافع مالية مباشرة، يعتقد جونز أن التدخل ببساطة يعني ماذا يجب على الموظف الجيد فعله بغض النظر عن أى جدال اقتصادي.

ويوافق على ذلك ماكدونالود الذي أصبح الان مديرا غير تنفيذي في المؤسسة الخيرية مينتال هيلث فيرست أيد التي توفر التدريب، ويقول ان الأمر يتطلب حالة انتحار واحدة في مؤسستك لتضع الحقيبة المالية جانبا وتتساءل عما يجب فعله.

ويكون الرد بأن يتم تشجيع كبار الموظفين الذين لديهم مشاكل عقلية على الحديث علانية لمعالجة المشكلة وتوفير أمثلة وتشجيع الآخرين للحديث عن مشاكلهم. ويقول الشريك في إرنست أند يونغ – ستيف ويلكينسون ان الشركة توفر التدريب إضافة إلى نظام «الصديق» الذي يوفر الدعم غير الرسمي، ويقول: «نحتاج إلى مزيد من الناس للحديث عن ذلك».

ويحذر ماكدونالود من أن التدريبات الذهنية لوحدها ليست كافية، ويوصف إرسال الموظفين إلى دورة تدريبية مثل وضع لاصقة طبية على جرح عميق، ولفت إلى أنه لا يمكن معالجة المشكلة من دون التعامل مع المسببات البيئية. فعلى الشركات تشجيع الموظفين على أخذ استراحة بشكل دوري والعمل من المنزل أو بعيدا عن اضطرابات المكتب السماع لملاحظات أفضل من المديرين وإعطائهم مهام تجعلهم يشعرون بأنهم يفعلون مساهمه إيجابية بعيدا عن النمو والأرباح.

وتفضل الرئيسة التنفيذية للمؤسسة الخيرية مينتال هيلث فيرست أيد – بوبي جامان تجنب المشاكل، وتقول: «سيكون من الجيد إذا وفرنا مقصدا للمساعدة العقلية في أماكن العمل مثل تلك التي نوفرها لمشاكل الظهر. ويمكن عمل تعديلات مقبولة في البداية مثل تلك التي نفعلها لتقييم المساحات المكتبية والكراسي ومساند القدم».

وتدعو إلى تغيرات جذرية أكبر، وتبين أنه أمر سخيف أن تضع الشركات معدلات أداء عالية جدا، وإذا كان هناك شخص معدلاته تصل إلى 120 في المئة فذلك يأتي على حساب شيء آخر. وعندما نجد شخصا يتفوق فى معدلات الأداء لا يجب أن نحتفل ولكن نحذره من أنه يقوم بالكثير وسيؤذي نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.