تخطى إلى المحتوى

معرض الفنون الهندية إنها حكايتنا أيضاً

معرض الفنون الهندية.. إنها حكايتنا أيضاً
خليجية حينما تنتهي من جولتك بين لوحات المعرض الذي أقامه أخيرا غاليري بوشهري تحت عنوان «معرض جماعي للفن الهندي» يبدهك السؤال: هل ثمة أوجه شبه بين قضايا الشعوب ورؤاها ووسائلها في التعبير؟ هل تقف الشعوب ذات البعد التاريخي العريق، خصوصا على أرض واحدة أو متشابهة من أسلوب معالجتها لواقعها وخيالاتها وأحلامها.. للحقائق والأساطير معا؟

تتراجع الحياة العصرية أو رصد اللحظة إلى الخلف خطوتين في هذا المعرض ليصبح الواقع ملتبسا بالتاريخ، ولا يكاد يتخلص الفرد في لحظته الراهنة من صدى الجماعة وأساطيرها وهواجسها. ففي بورتريهات مانيش بهات ذلك التعبير الأسيان المسالم، تلك البراءة المرسومة لا بنعومة الفرشاة وانما بسكين يكشط طين الأرض وحمرتها.

في لوحات رام كيشور تسكنك البساطة غير المتناهية للتعبير عن المرأة والأنوثة. لا يكاد الوجه يختلف عن وجه فلاحة كما تصوره بورتريهات الرسامين العرب. يعتمد الفنان على التركيز على الاستدارات ليمنح الاحساس اللين والناعم والغني بالحضور النسائي مع ألوان هادئة وتكوين بسيط وتوازن رائق بين الوجه في مقدمة اللوحة وعازفة الناي في خلفيتها بشعرها المحلول.

علم القصص

ما يمكن أن تطالعك به قصص ألف ليلة وليلة ستجده أيضا بأكثر من أسلوب. فهناك ما ينسحب إلى عالم القصص الشعبي والحس القروسطي في استبعاد المنظور ليقدم لك ذلك العالم الغني المملوء بالتفاصيل والحكايات. وهناك – مثل أعمال تسليم مكراني- ما يجمع بين حس القصة الشعبية والنماذج المعاصرة، حيث تتداخل الأزمنة والرموز، وحيث تغيب وحدة الموضوع، لتترك المجال لوحدة أعمق هي ملحمة التجربة الانسانية بكل تفاصيلها العابرة، برموزها الغامضة، بعلاقتها بالطبيعة، حيث يسمح الضوء الشامل وغياب الظلال بمساواة شاملة بين كل الموضوعات. في لوحات غاوتام فاغيلا أنت أمام منظور معماري لإعادة تكوين المدينة؛ مدينة للحكايات حافلة بالرغبة في الحكي والثرثرة، عامرة بالحياة، تجعلها وحدة اللون كأنها نقش أو حفر على طاولة أثرية، فيها دقة منمنمات الصانع القديم، ومحاولته لاستيعاب كل التفاصيل، بروح تعكس المرح وحب الحياة.

رغم التأثيرات المعاصرة والسوريالية منها بوجه خاص، لا تخطئ العين المحتوى الأصيل للتجارب التي يقدمها المعرض، وهي تجارب تضعها في دائرة المشاركة الحضارية مع فنون تملك تراثا شبيها بتراثنا الحضاري، وإن كانت قد تمكنت من تجاوز صراعات الهوية التي نحياها منتهية إلى نوع من السلام.

تراث ضخم

في تقديمه يقول الكتيب المصاحب للمعرض «تمتلك الهند تراثا ضخما ومتنوعا يعكس روابط فنية وثقافية مع العديد من الحضارات القديمة والديانات المختلفة، فوجدت على أرضها الإسلامية والمسيحية والزرادشتية واليهودية، اضافة الى الهندوسية والبوذية والسيخية والجانية.

والهند اليوم تتبوأ مكانة ومنزلة عالمية على أوسع نطاق، فهي أكبر ديموقراطية في العالم، قوية اقتصاديا وتفيض حيوية فنية وثقافية.

تشكل الفنون التشكيلة جانبا مهما في الحياة والحضارة الهندية الحديثة، وتواكب حركة الفن الغربي المعاصر وتطوراته، خاصة عندما قام قلة من الفنانين أمثال أمريتا شيرجيل، وجاميني روي وغيرهما خلال سنوات قليلة قبل الاستقلال بتمهيد الطريق لأجيال من الفنانين برزت إبداعاتهم في ساحة التشكيل العالمي بعد التحرر من قيود رسومات المنمنمات التي ظلت سمة الفن الهندي لقرون طويلة، وفي مقدمتهم مقبول حسين وآخرون بعد ذلك عرفناهم في الكويت، من خلال معارضهم أمثال سوبرامانياني، وكريشين خان، ورضا، ورام كومار، وبهوبين، وغلام شيخ، وبارمجيت سينج، وباوا، وأربيتا سينغ وغيرهم.

م . ن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.