تخطى إلى المحتوى

معرض بيروت الرهان على الثقافة في زمن الغوغائية

معرض بيروت.. الرهان على الثقافة في زمن الغوغائية
خليجيةانطلقت الأسبوع الماضي فعاليات الدورة الثامنة والخمسين لمعرض بيروت الدولي والعربي للكتاب والتي تنتهي في 11 ديسمبر الجاري. ظاهرة ثقافية ثابتة لم تغب عن بيروت حتى في اعتى سنوات الحرب، وان تزامنت في كل عام مع ظروف امنية وسياسية معقدة باتت من صلب الثوابت اللبنانية.

يقاوم الكتاب للبقاء على قيد الحياة في معركة غير متكافئة قوامها خصم شرس من مجموعة من وسائل التواصل الحديثة بدأت تزيحه شيئا فشيئا من أيدي القراء، مصراً على الاحتفاظ بقيمته ومجده الغابر.

ليس الانترنت وحده من يحارب الكتاب في عصرنا الحالي. الثورات العربية بما آلت اليه حولته هي الاخرى الى ضحية من ضحاياها الكثر. غابت اسماء بارزة في الثقافة العربية وانكفأت أخرى، ألغت عواصم عربية أساسية مثل دمشق وعدن لا تزال تعيش صراعات دموية تظاهراتها الثقافية السنوية، وتسلل الفكر الداعشي او وهجه الى منظمي تلك المعارض، فسلطت سيوف الرقابة والمنع والالغاء على كل نتاج ثقافي رأوا فيه تهديدا لأفكارهم وايديولوجيتهم.

من التاريخ إلى فن الطبخ

اللافت ان بعض الكتاب الذين امضوا سنوات مديدة من اعمارهم في انتاج الثقافة بدوا في اجنحة دور النشر وحيدين يستجدون بعض التواقيع، بينما أقرانهم من الكتاب الشباب وبفضل انتشارهم ونشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد تمكنوا من حشد جمهور لهم حتى شبّه لنا ان كل واحد منهم بات نسخة عن ظاهرة «احلام مستغانمي».

تراجعت دور النشر العربية في معرض بيروت للكتاب هذا العام مع ازدياد ملحوظ لدور النشر السورية التي كانت شبه غائبة في الاعوام السابقة.

قد يكون معرض بيروت الذي يحل آخر المعارض في سلسلة المعارض العربية وكأنه نجا من سلطة الرقابة والافخاخ، وأرضى كل الذائقات الادبية، حيث تكدست العناوين بدءا من دولة الخلافة الى المواطنة الى فن الطبخ الى الابراج.

وكما تناسلت في السنوات الاخيرة كتب المواضيع الراهنة كالثورات والحروب الطائفية، شهد هذا المعرض العديد من الكتب التي تتعلق بالدولة الاسلامية والحوثيين. ربما يصح القول ان معرض بيروت للكتاب العربي والدولي هو نسخة عن بيروت عاصمة الحداثة والاعتدال وتقبل المختلف.

خلية عمل

جناح «دار الساقي» خلية عمل. وهو يحتفل هذا العام بتواقيع لاصدارات تطال مختلف الشؤون الحياتية والفكرية من الدين الى الاجتماع الى الرواية والشعر، وكذلك هي حال دار الآداب ودار رياض الريس الذي يحتكر الى حد ما الاصدارات الجديدة المتعلقة بالثورة السورية ومآلاتها. كما في السنوات السابقة، خصّص «دار الساقي» هامشاً كبيراً لأدب الطفل يتضمن تواقيع لقصص وقراءات مع طلاب المدارس.

ومن التواقيع البارزة لاصدارات دار الساقي، يوقع الباحث اللبناني خالد غزال كتابه «من الدين الى الطائفة»، وعزة بيضون «مواطنة لا انثى»، كما يوقع الروائي حسن داوود روايته «نقل فؤادك» والشاعر عباس بيضون «صلاة لبداية الصقيع»، والكاتب والصحافي عبد الباري عطوان «الدولة الاسلامية». اما شذا شرف الدين فتوقع كتابها الثاني «حقيبة بالكاد ترى» وهو مجموعة قصص قصيرة. ويتشارك الكاتبان الصحافيان حازم صاغية وبيسان الشيخ كتاب «شعوب الشعب اللبناني: مدن الطوائف وتحوّلاتها في زمن الحرب السوريّة».

تفاؤل

وعن دار سائر المشرق يوقع الدكتور سعود المولى كتابه الجديد «الحوثيون واليمن الجديد» وترجمته لكتاب لورنس لويير «السياسات الشيعية العابرة للأوطان»(عن شيعة الخليج).

مديرة «دار الآداب» رنا ادريس اعربت عن تفاؤلها بمعرض الكتاب، فاضافة الى اصداراتها في الترجمة والشعر والرواية والمسرح لأسماء بارزة مثل فواز طرابلسي وحنان الشيخ ونزيه ابو عفش.

تستأثر دار رياض الريس باصدارات تتمحور حول الثورة السورية والثورات العربية عموماً، «سوريا:تجربة المدن المحررة» لصبري درويش،و«السوريون الاعداء» لفوزي حداد، و«ملاك الثورة وشياطينها» لفداء عيتاني، و«من وحي الثورات العربية» لزهران زاهر الصارمي.

لا يقطع هذا السياق الثوراتي الا كتاب غازي قهوجي الساخر الجديد «مكدوس وماكدونالد»، وكتاب وضاح شرارة «أترجة النساء» ويجمع فيه شرارة سلسلة مقالات كتبها منذ التسعينات.

زمن التكفير

الرهان على نجاح الكتاب في تحديه لزمن التكفير والغوغائية ليس عبثيا. ولكي لا يتكرر الحديث عن ازمة تخيم بظلالها على النشر والثقافة والقراءة، يحتاج الكتاب في معركته الحالية وفي زمن قطع الرؤوس والظلامية والعنف والتعصب والتخندق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.