مفهوم شهية المخاطره والعلاقه بين الدولار والاسهم
كثير ما نسمع بشهية المخاطرة ، احيانا ترتفع واحيانا تنخفض ، وقد نسمع مصطلح مشابه وهو تجنب المخاطرة ، فالمصطلح الاول ( شهية المخاطرة ) يوحي باشتهاء المخاطرة أي الرغبة والاقبال عليها ، أما المصطلح ( تجنب المخاطرة ) فيوحي بالابتعاد والهروب من المخاطرة.
فما هي هذه المخاطرة؟
في الواقع ان مجالات الاستثمار بجميع أنواعها تتضمن على شئ من المخاطرة وذلك لأنها تعتمد على قراءة المستقبل. فمن يشتري 10000 دولار يضع في توقعاته ان قيمة الدولار سترتفع وفي توقعه هذا نوع من المخاطرة فقد لا يرتفع الدولار بعد ذلك.
ايضا من اشترى بعض الاسهم لشركة ما على أمل انها سترتفع بعد حين فإنه يغامر ويخاطر بهذا الاستثمار لأنه قد لا ترتفع الاسهم.
وهذا ينطبق على اسواق السندات و السلع والمعادن والطاقة وغيرها.
اي نخلص بالقول أن مجالات الاستثمار هذه تنطوي على نوع من المخاطرة التي قد تطيح برؤوس اموال المستثمرين في اي لحظة.
هذه هي المخاطرة والتي لا بد منها اثناء خوض اي مجال من مجالات الاستثمار السابقة الذكر.
فما معني شهية المخاطرة وهل يعقل ان المستثمرين قد يقبلون على المخاطرة كما يقبلون على قالب من الحلويات الشامية؟
في الحقيقة نعم. فإذا كنت مستثمر في شركة ابل الامريكية Apple مثلاً وتملك مجموعة من الاسهم التابعة لهذه الشركة وحدث انك علمت من مصدر موثوق أن الاقتصاد الامريكي في طريقة للانتعاش و النمو الاقتصادي في تزايد فماذا يمكن ان تفعل؟
كثير من المستثمرين امثالك سيقدمون على شراء المزيد من الاسهم كلا حسب الشركة أو الشركات التي يستثمرون أموالهم فيها. لماذا؟
ببساطة لاعتقادهم أن قيمة هذه الاسهم ستزيد بزيادة النمو الاقتصادي.
كيف؟
حدث في السابق أن قامت حكومة دولة ما بمنح كل عائلة مبلغ سنوي بحيث تتحصل كل عائلة في تلك الدولة على نفس المبلغ ولنقل ان هذا المبلغ كان 10000 دولار.
تحصلت العائلات على مبلغ اضافي سنوي مما دفع جميع العائلات لامتلاك ما يحتاجونه وما لا يحتاجونه فمن يحتاج سيارة اشترى سيارة ومن يحتاج سيارة اخرى اشترى هو الآخر ومن يحتاج غرفة نوم اشترى ومن يحتاج لجهاز محمول اشترى من نوع 3G…. الخ.
المهم ان حركة الشراء زادت في الاسواق وبالطبع ارتفعت الاسعار نتيجة لزيادة الطلب وايضا ارتفعت اسهم الشركات لأنها اصبحت تبيع اكثر و الطلب على منتجاتها زاد اكثر واكثر.
أي انه اذا حصل رواج في الاقتصاد ارتفعت اسهم الشركات وهذا ما يجعل المستثمرين يشتهون المخاطرة ويلهثون وراءها.
ماذا لو قوة أن الاقتصاد صحي و معتدل وتسيطر الدولة على كل الجوانب الاقتصادية بحيث لا يوجد ارتفاع في الاسعار ولا توجد بطالة ولا يوجد ركود او انكماش او ما شابه.
فهل تتوقع ان يلهث المستثمرين للمخاطرة وشراء اسهم جديدة ( مثلا ) اذا سمعوا ان مؤشر الناتج الاجمالي المحلي زاد بمقدار 1% او ان مبيعات المنازل الجديدة زادت بمقادر 2%؟
بالطبع لا فلن يلهث هذه المرة ليخاطر ويشترى اسهم جديدة بل سيتروى ويفكر ويفكر ثم يفكر فقد يشتري بعض الاسهم وقد يتنحى عن فعل ذلك.
عموما لن تكون شهية المخاطرة هي المسيطرة على عقول و افواه المستثمرين لان الاقتصاد في افضل حالاته وارتفاع الاسهم وانخفاضها لن تكون بسبب ارتفاع مؤشر اقتصادي هنا او هناك بل عندها ستكون حركة الاسهم تحت تأثير عوامل اخرى تتعلق بانتاجية الشركة نفسها و معدل مشترياتها و مبيعاتها … الخ.
اذا ، ما هي عملية تجنب المخاطرة؟
تجنب المخاطرة هي أن يمتنع المستثمرون عن المخاطرة بشراء اسهم جديدة مثلا وذلك لأن الوضع الاقتصادي لا يوحي بالطمأنينة. فمثلا اذا جائت قيمة مؤشر الميزان التجاري بعجز كبير او كانت قيمة مؤشر البطالة يشير الى استفحال البطالة في الدولة ، فهل تعتقد ان المستثمرون سيلهثون ليخاطروا بأموالهم تحت هذه الظروف الاقتصادية المخيفة.
ولذلك فهم يتجنبون المخاطرة بعيد عن الاسواق.
الآن ما علاقة ذلك بالدولار الامريكي؟
اذا ارتفعت شهية المخاطرة في الولايات المتحدة الامريكية فإن الدولار سينخفض. لماذا؟
لأنه وكما قلنا قبل قليل انه اذا ارتفعت شهية المخاطرة سارع المستثمرون بشراء اسهم جديدة أو سندات جديدة أو سلع جديدة او ذهب او نفط او …. الخ
اي عمليات شراء كبيرة ستحصل وعملة الشراء هي الدولار الامريكي اي انهم يبيعون الدولار ليحصوا على ما يطلبون. مما يؤدي الى انخفاض قيمة الدولار نتيجة لذلك لزيادة عرضه وارتفاع الاسهم ( وما شابه ) لزيادة الطلب عليها.
في حالة تجنب المخاطرة يحدث العكس ، فقد يقرر الكثير من المستثمرين بيع ما يملكون من اسهم ( وغير ذلك ) لأن الاقتصاد حالة تسوء ولا تسر لا صاحب ولا عدو فخوفا من ان تزداد خسارتهم او ان يفقدوا ارباحهم الحالية يلجؤن للبيع.
والبيع يتم طبعا بالدولار الامريكي حيث يشترى الدولار لبيع ما يملكون وبالتالي فإنه سيزداد الطلب على الدولار مما يرفع من قيمته و يزداد العرض للاسهم فتنخفض قيمتها.
وهذا ما نلاحظه الآن ومنذ اندلاع الازمة العالمية الاقتصادية ، فكلما ارتفعت الاسهم انخفض الدولار وكلما انخفضت الاسهم ارتفع الدولار في علاقة عكسية تماماً.
الى متى؟
هل ستستمر العلاقة بين الدولار والاسهم علاقة عكسية الى الابد؟
في الواقع لا ، فإن هذ العلاقة مرتبطة فقط مع الوضع الاقتصادي السئ كما اسلفت في الشرح اعلاه لأن الوضع الاقتصادي السيء يتسبب في حدوث شهية المخاطرة بنسب مؤثرة وايضا تجنب المخاطرة بنسب مؤثرة.
فإذا تحسنت الاوضاع الاقتصادية فلن يكون هناك شهية للمخاطرة لأن الاوضاع لا تحتاج لمخاطرة فالاوضاع الاقتصادية مستقرة ولا داعي للاقبال على المخاطرة او الابتعاد عن المخاطرة.
نتمنى عودة العلاقة الحميمة بين الدولار الامريكي والاسهم الامريكية حيث يسيران معا في السراء والضراء.
والى ان يحدث ذلك علينا استقبال الزائرة المزعجة شهية المخاطرة واختها من الام تجنب المخاطرة.