استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
بارك الله فيكم, وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؛ جراء تعاملكم الراقي, وإفادتكم العامة بعلمكم الغزير.
لدي عدة أسئلة, أتمنى أن تتسع صدوركم لها:
1- ما رأي حضرتكم في تقنية الحرية النفسية التي ظهرت مؤخرا؟ وهل صحيح أنها مسجلة ومعتمدة في الجمعية الأمريكية للطب النفسي؟
2- ما رأي سعادتكم في التنويم الإيحائي لمريض الرهاب الاجتماعي كعلاج أساسي أو كداعم؟
3- هل بالإمكان لو تعاملنا مع العقل الباطن عن طريق التكرار (التأكيد) بعبارات إيجابية؛ نزاحم بها الأفكار السلبية كالخجل, واستخدام عبارة مضادة لها كالجرأة, وتكرارها مرارا حتى ترسخ؛ ما رأيكم بجدوى هذه الطريقة؟ وإن كانت هناك طريقة أفضل؛ أتمنى الإيضاح والتفصيل فيها.
4- أنا مقبل على دراسة في بلاد غريبة بعد عدة أسابيع؛ فهل تنصحونني بالذهاب أم بالعدول؟ لو كانت الإجابة نعم فما هي أنسب التخصصات التي من الممكن أن أتكيف معها بحكم المرض.
آسف على الإطالة.
وبارك الله في البطن التي أخرجتك للنور يا دكتور.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كثر الحديث عن تقنيات علاجية نفسية كثيرة، ومنها: الحرية النفسية، والتنويم الإيحائي –كما ذكرت وتفضلت– وهو من الأساليب العلاجية القديمة.
الذي أريد أن أؤكده لك أيها الفاضل الكريم: لا أعتقد أن منهجية واحدة في العلاج تفيد، لأن الحالات النفسية -بسيطة كانت أو شديدة– هي متعددة الأسباب، ولا بد أن يكون العلاج أيضًا متعدد الطرق والوسائل، وهذه حقيقة مُجمع عليها.
وما يفيد إنسانٍ من وسيلة علاجية قد لا يفيد شخصًا آخر، هذا مُثبت تمامًا، وإرادة التحسن والقبول الشخصي لوسيلة العلاج ومدى مقدرات المعالج، أعتقد أنها عوامل رئيسة تُحدد نتائج العلاج.
مثلاً موضوع الحرية النفسية: قابلني من يؤمن به إيمانًا مطلقًا، وقد استفاد من ذلك، قابلني مَن قال أنه عالج نفسه عن طريق التأمّل، وقابلني أيضًا من قال لي إن هذه كلها أوهام –أي الحرية النفسية أو العلاج عن طريق التأمل وهكذَا-.
فالناس إذًا متباينة جدًّا، ومختلفة جدًّا في طريقة تقييمها وتقبُّلها وتطبيقها لهذه الوسائل العلاجية، وأنا أتبع المدرسة التي تُشير إلى أن الأسباب ما دامت متعددة فوسائل العلاج يجب أن تكون متعددة، ويجب أن يتخذ الطبيب والمريض قرارهما مع بعضهما البعض.
بالنسبة هل صحيح أن الحرية النفسية مسجلة ومعتمدة في الجمعية الأمريكية للطب النفسي؟ .. حقيقة لا علم لي بذلك.
سؤالك الآخر حو التنويم المغناطيسي أو الإيحائي لمريض الرهاب، هو يفيد بعض المرضى الذين يتأثرون إيحائيًا، سريعي التأثر، وهذا التنويم الإيحائي أو حتى تمارين الاسترخاء العادية تقلل كثيرًا من القلق والتوتر، والرهاب الاجتماعي أحد مكوناته الرئيسة هو القلق والتوتر، فإذا أزلنا القلق والتوتر نكون هنا قد تحكّمنا في الخوف والرهاب بصورة واضحة جدًّا.
سؤالك الثالث حول التعامل مع العقل الباطني عن طريق التكرار؟ .. هذا تعامل مع العقل الظاهر، والعقل الباطني في ذات الوقت: أن تؤكد لذاتك شيئًا من خلال تكراره، إذا كنت مقتنعًا بذلك، ولك اليقين التام، وأخذت الأمور بجدية، قطعًا يحدث هنالك تحول وتغيُّر، ولا شك في ذلك؛ إذًا ليست عملة التكرار فقط، إنما التكرار بالجدية، وبالتدبر وبالتمعن، وأن تكون هناك الدافعية الحقيقية، وإرادة التحسن والتغيير كما نسميها.
هذه الطريقة ممتازة إذا طُبقتْ بالصورة التي ذكرتها لك.
في خصوص الدراسة: أنا أعتقد أنك يجب ألا تُحدد البلاد التي أنت ذاهب إليها دون أن تُحدد نوعية الدراسة التي تريد أن تدرسها، فقم بمسحٍ عامٍ للإمكانيات التعليمية الموجودة في البلد الذي تريد أن تذهب إليه، ثم قرر بعد ذلك في المادة التي تريد أن تدرسها.
إذا كانت فرصة التعليم لك في البلاد الغربية أفضل فليس هنالك ما يمنع من الذهاب، ما دمتَ سوف تُحافظ على دينك، وتستفيد من المعارف الموجودة هنالك، أما إذا كان بإمكانك أن تجد فرصة تعليمية ممتازة في بلدك فلا أرى ضرورة أن تذهب إلى غيرها من البلاد.
أما بالنسبة لموضوع المادة التي سوف تختارها فهذا يرجع إلى رغبتك -كما ذكرت لك- وما هو متوفر، مع ضرورة أن تقدِّر أيضًا حاجة سوق العمل، هذه مهمة جدًّا، لكن فقط الذي أنصحك ألا تدرسه هو العلوم النفسية، لأن مدارسها مختلفة، وتفسيراتها متناقضة في بعض الأحيان، وربما تضر بصحتك النفسية.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
منقووووووووووول