الوكيل- بالحزن والدموع استقبل الأردنيون جريمة القتل البشعة التي راح ضحيتها الشاب وسام حداد، وبمزيج من الغضب والغيرة على مستقبل الوطن يطالب الرأي العام الأردني بايقاع اقصى العقوبات على الجاني ومن تعاون معه في تنفيذ هذه الجريمة النكراء.اللافت في الجريمة ذاتها أنها جاءت نتيجة خلافات في العمل، كما أظهرت نتائج التحقيق الأولية وتسريباتها عبر وسائل الاعلام، وهو ما يدفع الى تسليط الضوء على ضوابط السلوك الوظيفي في المؤسسات والشركات الاردنية، ودور هذه الأخيرة في علاج صراعات العمل والوقاية من مضاعفاتها، مع التأكيد على عدم تبرير أي خروج عن القانون مهما كان حجمه وأيا كانت مبرراته أو دوافعه. المؤسسات الأردنية عامة أو خاصة، بتفاوت أحجامها و أنواع نشاطها، تعاني كما يعاني المجتمع الأردني الموسع، من مجموعة سلوكيات خلافية وسلبية مولدة للصراع ومضاعفاته، وفي مقدمتها التحرش الجنسي، والعلاقات العاطفية وغير الشرعية، وتشابك العلاقات الاجتماعية خارج العمل، والمزح والمقالب غير المبررة، والايذاء النفساني والبدني، وغيرها من السلوكيات التي لا يمكن حصرها في هذا المقال.بالتالي، وبما أن هنالك دورا لمجتمعات التعليم والأعمال في الوقاية من بعض السلوكيات ومضاعفاتها، وفي تنمية قيم المجتمع الأصيلة وتكريس الممارسات الاخلاقية فيه، يضحى التساؤل مبررا عن آلية تعامل مؤسساتنا الأردنية مع ضوابط السلوك الوظيفي وقواعد العمل الأخلاقي داخل أروقة المؤسسات والشركات وحتى الوزارات.بعد السؤال والاستقصاء، تبين بأن معظم الشركات والوزارات والمؤسسات الاردنية، لا تتبنى مدونات سلوكية وأخلاقية لموظفيها، وحتى ان تبنت مثل هذه الوثائق نكون أمام خيارين: الأول عدم معرفة الموظفين بوجودها، والثاني عدم وجود عقوبات رادعة لمخالفة مضامين هذه المدونات وتفصيلاتها.المسؤولية في هذا الجانب تقع على عاتق المؤسسات والشركات العاملة في المملكة من جهة، ومن جهة أخرى على كاهل وزارة العمل الاردنية وتشريعات العمل القائمة حاليا وفي مقدمتها قانون العمل والعمال.قانون العمل الساري حاليا لا يتطلب من الشركات والمؤسسات اقرار مدونات أخلاق وسلوك، فيما يكتفي بالمادة رقم 55 من القانون ذاته بفرض وضع نظام داخلي لتنظيم العمل في المؤسسة وتحديد المخالفات والعقوبات، وذلك طبعا باشتراط مصادقة وزارة العمل على هذا النظام.وبعد الاتصال مع مجموعة لا بأس بها من مديري الموارد البشرية في المؤسسات والبنوك والشركات، تبين بأن الانظمة الداخلية المشار لها سابقا، اما لا تحتوي على روادع واضحة لخرق مدونات السلوك والأخلاق، أو ان وزارة العمل تنهك المؤسسات وتماطلها في عملية اقرار انظمتها الداخلية، اذا لم تكن الأخيرة تقليدية ومختصرة ‘توفيرا’ فيما يبدو لوقت وجهد العاملين في وزارة العمل!النتيجة، أن مؤسسات الأعمال مطالبة بالتركيز على مدونات السلوك والأخلاق، من خلال التوعية بها والتدريب عليها، وأيضا عبر وضع العقوبات الرادعة لتجاوزها ومخالفتها.من الجهة المقابلة، يكون مطلوبا من وزارة العمل ابداء مزيد من المرونة والاهتمام فيما يتعلق بأنظمة الشركات والمؤسسات الداخلية، خصوصا فيما يتعلق بالضوابط السلوكية والأخلاقية والعقوبات الناظمة لمخالفتها.المشرعون أيضا مطالبون بادخال التعديلات المطلوبة على قانون العمل والعمال بغية الوصول الى تشريع يقدس ضوابط السلوك وقواعد الأخلاق، بعد أن أضحينا أمام مجتمع معقد ومتشابك.(العرب اليوم)
وسام حداد…جريمة بشعة تسلّط الضوء على ضوابط السلوك الوظيفي في الشركات