لم يكن وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي رجل الإطفاء المنتظر لقضية الإسكان، ذلك الهم الذي يؤرق كثيرًا من الأسر في المملكة، فلم تعد الوعود وحدها قادرة على حل المشكلة، ويبدو أنَّ مطالبة عضو مجلس الشورى سلطان السلطان للوزير بالاستقالة العام الماضي لم تعد كافية، فما بين اتهام بشبهة فساد في العقود التي أبرمتها الوزارة مع مقاولي الباطن، واتهامها بأنَّها وزارة لا يرى لها منتجًا على الأرض، وأنَّ كلَّ ما تقدمه مجرد وعود لا تتحقق؛ لم يجد الضويحي تحت قبة مجلس الشورى، في الرياض أمس (13 يناير) لصد هذا الهجوم الذي أُثير ضده إلا بالوعود وتأييد المطالبات، بعد أن فاض الكيل بالكثيرين من عدم جدوى وعوده واستراتيجيته التي وصفها السلطان بقوله: "نرى أفلامًا وإعلامًا، ولا نرى منتجًا"، إذ لم يكتف السلطان بالمطالبة باستقالة الضويحي، كما فعل عند مناقشة تقرير وزارة الإسكان مطلع مارس الماضي، بل طالب بعقد اجتماع مشترك بين مجلسي الوزراء والشورى لمناقشة موضوع الإسكان. ولم يجد الوزير إلا الدفاع وتأييد الآراء التي سيقت، لكنه لفت في سياق حديثه إلى أنَّ مشروعات الإسكان التي تنفذها الوزارة، لن تتأثر بانخفاض أسعار البترول، مؤكدًا أنَّ وزارته "تدفع باتجاه إقرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء"، مبينا أنَّ "الوزارة قدَّمت دراسة مستفيضة في هذا الجانب، أيَّدت فيه سرعة إقرار هذا المطلب، لما له من أثر إيجابي، للحدّ من ارتفاع أسعار الأراضي واحتكارها". ووافق الضويحي بعض الأعضاء على وجود ارتفاع في أسعار العقار والأراضي إلى 10 أضعاف. وقال: "هناك نحو 119 ألف مواطن صادرة قروضهم، ولم يتسلموها بسبب ارتفاع الأسعار، وها أمر لا يمكن إنكاره". وقال أعضاء في مجلس الشورى أمس، بحسب صحيفة "الحياة": "إنَّ الوزارة لديها آلية، ولكن ليس لديها منتج حقيقي، وإنَّ لديها بطئًا شديدا في تمليك المواطنين، على رغم تزايد نسبة السكان، وإنَّ مشاريعها تجمع ذوي الدخل المحدود في أحياء خاصة بهم، ما كوّن بيئة "غير صحية". فرد الوزير: "لدينا منتجات عدة، وقوائم الانتظار لدى صندوق التنمية العقاري وصلت لعشرة أعوام، والخطة المقبلة تتضمن الوصول إلى 5 أعوام"، مضيفا: "إنَّها في بعض المراكز في المحافظات قد تصل إلى عامين"، منوها إلى أنَّ الوزارة حددت حجم المستحقين والمنتجات السكنية على مستوى المملكة. وعزا العضو السلطان تعثر مشاريع "الإسكان" إلى تنفيذها عبر شركات بالباطن غير مؤهلة، إضافة إلى أن "كادرها الفني ضعيف جدا"، واتهم الوزارة صراحة بشبهة فساد مالي، بسبب منحها شركة استشارية ما قيمته 15 في المائة من قيمة العقود، في حين أنَّ المعمول به عالميًّا 5 في المائة. وأوضح الوزير بلغة تحد، موجّها دعوة مفتوحة للأعضاء للاطلاع على عقود المشاريع وكلفتها التفصيلية، من أجل أن يتأكدوا من أنَّ المبالغ المدفوعة لشركات الإشراف والتصميم أقل من المتعارف عليه محليا ودوليا. واعتبر العضو الدكتور عبد الله الجغيمان أنَّ ما تقوم به وزارة الإسكان مشابه لسياسة إطفاء الحرائق، مطالبا بحلول طويلة المدى. فرفض وزير الإسكان ذلك، مذكّرا المجلس بالاستراتيجية السكانية الشاملة المعروضة على مجلس الاقتصاد الأعلى التي أقرها مجلس الشورى قبل أشهر. وأطلق وزير الإسكان مؤشرات مهمة تنبئ بانخفاض متوقع في سوق العقار داخل المملكة، متوقعا أنَّ الضخ الكبير للوحدات السكنية في المدن ستنتج منه موازنة بين العرض والطلب في العقار. وقد أثارت تصريحات الوزير المغردين على "تويتر" فغرَّد الكاتب الدكتور "عبد الوهاب أبو داهش"، لافتا إلى أنَّ القطاع العقاري يحتاج إلى الشفافية وتقليل الشائعات، ونشرها بدون أساس. مشددا على أن لقاء وزير الإسكان بمجلس الشورى، كان مهمّا في هذا الاتجاه. وقال: "إن كل ما تفعله وزارة الإسكان في صالح العقار، وإنَّ معظم القرارات التي اتخذتها مؤخرًا تحفز مزيدا من السيولة في العقار، مؤكدا أن المطورين سيعودون بقوة إلى سوق العقار، وأنَّ الأموال التي ستضخّ في القطاع، قد تكون غير مسبوقة في السنوات القادمة".
وعود وزير الإسكان لم تعجب أعضاء الشورى