تناول تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي النفط والمالية العامة، وقال: بانتهاء شهر نوفمبر 2024، انقضى الشهر الثامن من السنة المالية الحالية2020/2014، وواصلت أسعار النفط انخفاضها للشهر الثالث على التوالي وبوتيرة أسرع من شهري سبتمبر وأكتوبر، وكسرت حاجز الـ 70 دولارا أميركيا للبرميل، إذ كان أدنى معدل لسعر برميل النفط الكويتي خلال شهر نوفمبر عند نحو 67.09 دولارا أميركيا، في يوم 2024/11/28، بينما كان أعلى معدل، عند نحو 78.70 دولارا أميركيا، في يوم 2024/11/3، وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي، لشهر نوفمبر نحو 73.8 دولارا أميركيا للبرميل، بانخفاض بلغ نحو 10.1 – دولارات أميركية للبرميل، عن معدل شهر أكتوبر، البالغ نحو 83.9 دولارا أميركيا للبرميل، وأدنى بنحو -28.6 دولارا أميركيا أو نحو %-27.9 عن معدل الاشهر الستة الأولى من السنة المالية الحالية البالغ نحو 102.4 دولار أميركي للبرميل. وعليه، فقد بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي، للاشهر الثمانية الأولى من السنة المالية الحالية، نحو 96.5 دولارا أميركيا للبرميل، وهو أدنى بنحو -6.7 دولارات أميركية للبرميل، أي بما نسبته نحو %-6.5 عن معدل سعر برميل النفط الكويتي للاشهر الثمانية الأولى من السنة المالية الفائتة 2024/2013، والبالغ نحو 103.2 دولارات أميركية للبرميل. ولكن بزيادة بلغت نحو 21.5 دولاراً أميركياً للبرميل، أي بما نسبته نحو %28.7، عن السعر الافتراضي الجديد، المقدر في الموازنة الحالية، والبالغ 75 دولاراً أميركياً للبرميل، وكانت السنة المالية الفائتة 2024/2013، التي انتهت بنهاية مارس الفائت، قد حققت، لبرميل النفط الكويتي، معدل سعر بلغ نحو 103.5 دولارات أميركية.
ويفترض أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية، خلال الاشهر الثمانية الأولى من السنة المالية الحالية، بما قيمتـه 18.5 مليـار دينـار كويتـي، وإذا افترضنـا استمرار مستويي الإنتاج والأسعار على حاليهما -وهو افتراض، في جانب الأسعار، وربما حتى الإنتاج، حالياً، لا علاقة له بالواقع-، فمن المتوقع أن تبلغ قيمة الإيرادات النفطية المحتملة، للسنة المالية الحالية، مجملها، نحو 27.4 مليار دينار كويتي، وهي قيمة أعلى بنحو 8.6 مليارات دينار كويتي، عن تلك المقدرة في الموازنة. ومع إضافة نحو 2.5 مليار دينار كويتي، إيرادات غير نفطية، ستبلغ جملة إيرادات الموازنة، للسنة المالية الحالية، نحو 29.9 مليار دينار كويتي. وبمقارنة هذا الرقم باعتمادات المصروفات البالغة نحو 23.2 مليار دينار كويتي، وإذا افترضنا توفيرا بحدود %10 أسوة بالسنة المالية الفائتة 2024/2014، قد تبلغ جملة المصروفات الفعلية نحو 20.9 مليار دينار كويتي، وعليه ستكون النتيجة تحقيق فائض افتراضي، في الموازنة، للسنة المالية2020/2014 يراوح بين 9-10 مليارات دينار كويتي، وسوف تكون السنة المالية السادسة عشرة على التوالي، التي تحقق فائضا، ولكن الفائض الفعلي سيكون أقل بكثير بفعل تآكل الأسعار للاشهر الأربعة المتبقية، وستكون السنة المالية القادمة سنة صعبة إن استمر ضعف كل من أسعار وإنتاج النفط. وعلى كل الأحوال، لن يكون هناك أسعار للنفط أعلى من الـ 90 دولارا أميركيا في المستقبل المنظور، ومن المرجح وفي أحسن الأحوال أي بافتراض عدم دخول منتجي النفط التقليدي في حرب أسعار، ستستقر أسعار النفط لاحقاً حول الـ 80 دولارا أميركيا للبرميل.
وأضاف تقرير «الشال»: صرح وزير النفط الكويتي بأن الكويت قادرة على التكيف مع أسعار نفط 100 دولار أميركي و80 دولارا أميركيا و60 دولارا أميركيا، وذكر بأن قرار أوبك بالحفاظ على مستوى إنتاجها صائب، وبينما التصريح الأول حول التكيف خطأ، يحتمل التصريح الثاني أن يكون صحيحا، وإن بتكلفة عالية. في التصريح الأول، أثبتت الكويت بشكل قاطع أنها لا تستطيع التكيف مع مستوى مرتفع من أسعار النفط، فقد قاد ارتفاع الأسعار إلى فقدان الاقتصاد الكويتي لتنافسيته بسبب السياسة المالية الخائبة. وذكرنا قبل بضعة أسابيع بأن الكويت ضيعت فرصة الوقاية عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، وحدث ذلك رغم سيل من التحذيرات بأن ما يحدث الآن سيحدث، والخلاف فقط على توقيته. وأيضاً لا نستطيع الجزم بأن الكويت ستتكيف مع سعر 60 دولارا أميركيا للبرميل، وتاريخ التعامل مع سوق نفط ضعيف لا يوحي بالتفاؤل، وتصريح وزير النفط يرجح ضعف مؤقتا لسوق النفط عندما يتحدث عن أن سياسات نمو تحفيزية -سياسات مالية ونقدية توسعية- للدول المستهلكة سوف تجعلها تستعيد مستويات نموها المرتفعة، بينما الواقع هو بأن أهم جرعات التحفيز لهذه الاقتصادات ستأتي من هبوط أسعار النفط، ولكن نتائجها على دعم جانب الطلب فيه ستتأخر كثيراً.
التصريح الثاني حول خيار أوبك الحفاظ على حصتها في سوق النفط يحتمل وجهتي نظر، الأولى خطأ إذا كانت جرعة السياسة فيها كبيرة، وهو ما نرغب في استبعاده، والثانية صحيحة إن كانت مقاصده كما نعتقد، أو اقتصادية بحتة. وجهة النظر الأولى ترجح أن القرار كان عقوبة لروسيا وإيران، وسوف تصيب العقوبة كلاً من العراق والجزائر ونيجيريا وفنزويلا وحتى عُمان وهي خارج أوبك. وإن صدق استخدامه عقوبة سيكون خطأ لأن العقوبات تصيب الشعوب بضرر جسيم أكثر مما تصيب الحكام، وكوبا الخاضعة للعقوبات الأميركية منذ ستينات القرن الفائت والعراق في تسعيناته مثال، وإصابة الجوار ستطال حتماً دول الخليج في المستقبل. وهو خطأ إن تسبب في حرب أسعار بين منتجي النفط التقليدي، فلن يكون هناك سقف أدنى تتوقف عنده أسعار النفط، وحينها ستتكرر تجربتي ثمانينات وتسعينات القرن الفائت. وهو خطأ لأن استخدام النفط سلاحا سياسيا سلاح ذو حدين، ولعل استخدامه في عام 1973 ما زال يعكس تداعياته على دول النفط بدءاً من إنشاء وكالة الطاقة الدولية في عام 1974 مروراً بكل أزمات سوقه. وأخيراً هو خطأ لأن دول الخليج ليست في مأمن، وبعضها من دون فوائض مالية، وإصابة دول الفائض المالي ضمنها تبقى مسألة وقت. وهو صحيح إن كان قرارا محسوبا مداه الزمني، وهدفه محدد وهو تقويض اقتصاديات النفط الصخري بعد أن اتسعت استثماراته بما يوحي باحتمال خفض متسارع في تكاليف إنتاجه وعلاج لمشكلاته البيئية. والقرار صحيح لأن فيه رسالة واضحة بوقف الاعتماد على أوبك للتنازل عن حصصها كلما زاد إنتاج النفط الصخري، كما حدث في سبعينات وثمانينات القرن الفائت عندما هبط إنتاجها لمصلحة النفوط الصعبة -بحر الشمال- من 30 مليون برميل يومياً إلى نحو 16 مليون برميل يومياً.
في الأساس لا يجمع أوبك هدف، فالخلافات السياسية كانت وما زالت ضمنها على أشدها، وهي في الوقت الحاضر غير ملتزمة بسقف الـ 30 مليون برميل يومياً، وإيران وليبيا قادمتان لتعويض ما فاتهما من فاقد الإنتاج، أي أن الأصل هو أن الاختلاف قائم ومحتمل. ورغم ذلك، فقد يكون من مصلحة جميع أعضائها التضحية ببعض الدخل في الزمن القصير 6- اشهر إلى سنة- لمواجهة الغير من منتجي النفوط غير التقليدية، ولكن، إن طال المدى الزمني لهبوط الأسعار، فستكون التكاليف باهظة عليها، وبعض دول أوبك ستكون إصاباتها غير محتملة.