بينما تكافح العديد من دول العالم لوضع وتجربة برامج تأهيلية من شأنها احتواء والتعامل مع (الجهاديين العائدين) من الحروب المستعرة في الشرق الأوسط؛ شكك خبراء في نجاعة تلك البرامج ومدى تأثيرها، مشيرين إلى أن بعض هؤلاء الشباب حصلوا على منح سخية بعد انخراطهم في تلك البرامج بالمملكة، إلا أنهم عادوا مرة أخرى إلى صفوف المتطرفين. ومع تواصل تدفق آلاف الشبان من المسلمين على سوريا والعراق للمشاركة في الجهاد، تكافح عشرات الحكومات حول العالم لبذل المزيد من الجهود للتعامل مع هؤلاء الشباب من العائدين من تلك الحروب. ومن أوائل هذه الدول كانت المملكة العربية السعودية التي منحت منذ بدء عام 2024 فوائد سخية للشبان الذين تخلوا عن فكرة الجهاد والتطرف، وتضمن ذلك معاشات شهرية وشقة، وسيارة، ومبلغ 20 ألف دولار حالة إقدامه على الزواج، وغيرها. كما كانت الدنمارك في طليعة دول الاتحاد الأوربي التي قامت بعمل تجارب في هذا الصدد مطلع عام 2024 لإعادة تأهيل عشرات الشبان العائدين بعد أن أغواهم المتشددون للدخول في هذه الصراعات، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. فبدلا من أن يتم الزج بهم في السجون كما تفعل الحكومة الكندية، تسعى الحكومة الدنماركية للاستفادة من "الإرهابيين التائبين" بتقديم استشارات لهم، أو منحهم وظائف أو منحًا جامعية، ويساعد الدنمارك في مهمتها عدد من المعلمين، بالإضافة إلى جهاز الشرطة والخدمات الاجتماعية والقيادات الدينية لتحديد وحل مشاكل هؤلاء الشبان. بلدان أخرى كإندونيسيا والهند وبريطانيا، أقامت برامج لنزع التطرف من حالات مشابهة في السنوات الأخيرة، أملا في أن تنجح هذه السياسة الناعمة على المدى الطويل في مواجهة أو الحد من التطرف والعنف. ولكن وبرغم سخاء هذه العروض على المتطرفين العائدين فإن عددًا من الخبراء أبدوا بعض الشكوك حول نجاح هذه التجارب في إقناع الشبان بالعدول عن أفكارهم المتطرفة. ومما يعزز هذا القول، ما كشفت عنه التحقيقات الأمنية حول ملابسات هجوم "الدالوة" الإرهابي، من حصول أحد المتهمين على مبلغ 250 ألف ريال من برنامج "ريادة" بعد عودته من سجنه بالعراق أواخر 2024، الأمر الذي يثير الشكوك حول إنفاق هذه الأموال في الهجوم الدامي الذي أسفر عن سقوط 7 شهداء مطلع الشهر الجاري. من جانبه، قال مسؤول فرنسي كبير في مكافحة الإرهاب لوكالة الأنباء الفرنسية: "دعونا نكن واضحين، تجارب نزع التطرف أصبحت غير ناجعة الآن". وأضاف المسؤول الذي لم يكشف عن شخصيته: "يقول السعوديون إنه يعمل بشكل جيد، لكني أؤكد لك أن نسبة النجاح لا تتعدى 80%، فالرجال الذين يقومون بالالتحاق بهذه البرامج يأخذون الأموال السخية التي تمنح لهم ومن ثم يعودون مرة أخرى للانضمام للقاعدة في اليمن". وأشار إلى أن فرنسا والحلفاء الرئيسين في الغرب يراقبون عن كثب جهود إعادة تأهيل هؤلاء الشبان في البلدان الأخرى، لكنها -بحسب رأيه- ليست مشجعة، لافتًا إلى أن الشكوك في نجاعة تلك البرامج دفعت عدة دول إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في هذا الصدد. ففي بريطانيا، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خططًا لمنع الجهاديين من العودة للمملكة على الأقل لمدة سنتين إذا لم يوافقوا على الإجراءات الصارمة التي تتبناها الحكومة تجاههم.
خبراء: برامج تأهيل "الجهاديين العائدين" ليست ناجعة