الوكيل – حظي نظام الكفيل للعمال غير الأردنيين ‘المهاجرة’ والحماية القانونية التي يتمتعون بها باهتمام تقرير لوزارة الخارجية الأميركية خاص بمتابعة جهود الدول بمكافحة الاتجار بالبشر للعام 2024 صدر قبل أسبوع.وانتقد التقرير ‘نظام الكفالة في الأردن’ الذي يربط العمال الأجانب بأرباب العمل بدون القدرة على تغيير صاحب العمل، وبدون تمكينهم بشكل كاف من اللجوء للقضاء، وبالتالي وضع كمية كبيرة من السلطة في أيدي أرباب العمل ووكالات التوظيف’.واعتبر ‘العمال المهاجرين الأكثر عرضة ليكونوا ضحايا اتجار بالبشر والعمل الجبري، بسبب أنظمة استقدامهم وتوظيفهم فضلا عن المواقف المجتمعية السلبية تجاه العمال الأجانب، وارتفاع معدلات الأمية، والمتطلبات القانونية لوجودهم، حيث إنهم يعتمدون على أرباب العمل لتجديد تصاريح العمل والإقامة الخاصة بهم’.ودعا الى عدم إبعاد وترحيل أي عامل إلا بقرار قضائي، وعدم اللجوء إلى (حجز الحرية/ التوقيف الإداري) أثناء إجراءات الإبعاد أو تصويب الأوضاع أو بسبب مخالفة قانون الإقامة، وقبول كفالة ممثل السفارة للعامل المهاجر وعدم ربطها بكفيل أردني للحد من التوقيف.ولفت الى أهمية وضع تشريع عملي يجرم الأعمال القسرية في إطار التشريعات الجزائية، وبناء قدرات القضاة بمحاكم الصلح من المختصين بالنظر في المطالبات العمالية على اكتشاف ما يدخل ضمن العمل القسري، ووضع الآلية لإحالة الدعوى إلى الجهة المختصة.وأكد أهمية مراجعة كافة الأنظمة والتعليمات ومواءمتها مع الاتفاقيات الدولية، وإلغاء التي تكرس ممارسة نظام الكفيل، والعمل على إصدار تصريح وإذن الإقامة باسم العاملة بدون ربطه باسم صاحب العمل، بحيث لا يتم دفع رسوم تصريح جديد في حالة تغيير صاحب العمل خلال السنة.وبالنسبة لحق العمال المهاجرين بالتقاضي، أشار الى وجود عقبات تعترضهم، مثل طول أمد التقاضي، حيث إن جلهم يغادر الأردن قبل إنصافه وتعويضه بسبب الممارسات الروتينية للسلطات العامة التي تحرمهم من الاستمرار في الإقامة لحين حصولهم على مستحقاتهم وتعويض مناسب وعادل عن الأضرار التي لحقت بهم.وكان تقرير صدر مؤخرا عن مركز دعم للمساعدة القانونية أكد أن عددا كبيرًا من هؤلاء العمال والعاملات يتم إبعادهم وتسفيرهم من قبل الجهات الإدارية والأمن العام قبل إنصافهم.ومن العقبات الأخرى التي تمنع وصول الضحايا للعدالة، بعض التشريعات النافذة في الأردن، حيث يستوجب القانون في القضايا التي تزيد قيمتها على (1000) دينار وجود محام، ما يشكل عقبة أمام العمال، الذين لا يكون بمقدورهم التعاقد مع محامين لأسباب مالية بحسب التقرير.كما يقضي قانون العمل بسقوط الحق في الأجور العمالية بمرور سنتين، وبسقوط المطالبة بالتعويض عن الضرر بمرور ثلاث سنوات، ما يعد عقبة أمام عاملات المنازل اللواتي يتم تقييد حريتهن واحتجازهن بالمنازل، فضلا عن أن نقص المترجمين والمعلومات من أهم معيقات الوصول إلى العدالة.ومن العوائق التي تمنع إنصاف المهاجرين، لجوء بعض أصحاب العمل لتهديد العمال بحبسهم، في حال طالب العامل بحقه، كما يلجأون لتسجيل شكاوى سرقة ضد العمال، يتبين بعد التحقيق أنه ليس لها أساس من الصحة وتتم تبرئتهم منها.وانتقد التقرير اتساع ظاهرة احتجاز العمال المهاجرين وحرمانهم من حرياتهم دون أي مسوغ قانوني أو شرعي، حيث دأبت المراكز الأمنية على احتجاز أي مهاجر يقوم صاحب العمل بإخطارها بقيامه بترك العمل لديه وانقطاعه عن التردد على مكان العمل، ما ينطوي على حرمان تعسفي غير قانوني من الحرية، لأن ترك العمل من قبل العامل قبل انقضاء المدة المتفق عليها لا يشكل جرما ولا يستوجب احتجاز فاعله.ورغم صدور تعليمات من مدير الأمن العام نهاية العام 2024، توضح الإجراءات الواجب اتخاذها بحال توقيف عمال أبلغ عن تغيبهم، إلا أن العاملين في المراكز الأمنية يمتنعون عن تنفيذها، ويصرون على ممارساتهم التعسفية بدون أي مسوغ شرعي أو قانوني، في وقت يطرح الأمن العام ذاته كشريك للمجتمع المدني بحماية حقوق العمال المهاجرين وإنصافهم.وانتقد التقرير الاحتجاز الإداري للعمال بصورة تعسفية، ما يعد مخالفة لاتفاقيات حقوق الإنسان التي يلتزم بها الأردن.وأوضح أن شبح الإبعاد أصبح سيفاً مصلتاً على رقاب العمال المهاجرين باختلاف جنسياتهم، كون قرار الإبعاد يصدر بشكل تلقائي وروتيني وسريع، حيث يتم التنسيب بإبعاد أي عامل مهاجر يتم توقيفه من قبل الجهات المعنية، سواء أكان يحمل إذن إقامة أم لا، ولا يعطى من صدر بحقه الإبعاد الوقت الكافي للتظلم.وطالب بتوفير المترجمين في المؤسسات التي على صلة مباشرة بالعمال المهاجرين، وعلى رأسها أماكن تلقي الشكاوى والمحاكم.وطالب التقرير الدول المرسلة للعمالة بتأهيل العمال وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، واعتماد وكالات تشغيل موثوقة، واحتفاظ سفارات الدول المرسلة بالمعلومات الكاملة عن مواطنيهم.ولفت التقرير الى مواصلة السوريين الفرار من العنف الدائر في سورية الى الدول المجاورة ومن بينها الأردن، وهم عرضة للاستغلال والاتجار.وأوضح أن منظمات غير حكومية ومسؤولين حكوميين أفادوا من خلال تقارير أن عددا متزايدا منهم لا يحملون وثائق، ما يجعهلم معرضين بشكل أكبر للعمل بشكل غير قانوني في السوق الأردني، وبالتالي زيادة احتمالية تعرضهم للعمل الجبري.وتشير تقديرات وزارة العمل الأردنية، بحسب التقرير، الى أن حوالي 30 ألف طفل لاجئ سوري يعملون في السوق سواء في ‘الزعتري’ أو خارجه.وأشار إلى تقارير تؤكد أن أعدادا قليلة من البالغين الأردنيين يتعرضون للعمل القسري، فضلا عن تعرض عاملات منازل وعمال زراعة وافدين لانتهاكات، تصنف على أنها شبهة اتجار بالبشر.وقال التقرير إنه ‘رغم إصدار قانون منع الاتجار بالبشر 2024، لكن التطبيقات القضائية ما تزال متواضعة إلا في حالة تجارة الأعضاء، وما يزال عنصر حماية الضحايا، يفتقد لأحد مكوناته’.وأشار الى أن هذا المكون ‘هو مأوى لضحايا الاتجار، كما أنه لا يقدم دعما نفسيا أو اجتماعيا أو قانونيا لهم، كما لا توجد فرص عمل وتدريب للضحايا، أو أي نص على منح الضحية إقامة وتصريح عمل مؤقتا’.وأوصى بتعديل القانون وتضمينه نصوصا تتعلق بحماية الضحايا، والتعويض المباشر، مبينا أن القانون الذي يعد من أوائل القوانين التي أصدرت بالمنطقة، وتبنى تعريف جريمة الاتجار بالبشر كما جاء في بروتوكول منع وقمع الاتجار بالبشر مع تغيير في بعض المفردات، إلا أنه ‘تناول أمورا تنظيمية بشكل مفصل وعلى حساب النص على حقوق ضحايا الاتجار بالبشر، مثل الإقامة بشكل مشروع إلى أن يتم البت في الدعوى القضائية على أقل تقدير’.وأكد التقرير أهمية مراجعة هذا القانون لضمان انسجامه مع المعايير الدولية، وتوفير الحماية لضحايا الاتجار وضمان حصولهم على الخدمات الطبية والاجتماعية والتأهيلية والقانونية، مع ضرورة إجراء التحقيق الفوري والفعال بجميع الادعاءات المتعلقة بالاتجار بالبشر، وملاحقة الجناة، ومعاقبتهم بعقوبات تتناسب مع جريمتهم.وطالب التقرير بتعديل نظام دار الوفاق التي تستقبل حالات اتجار بالبشر، بحيث يسمح بتحويل الضحايا إليها بدون اشتراط موافقة المدعي العام.ولفت التقرير الى محدودية قدرة دار الوفاق، التي تستقبل المعنفات أسريا، كونها لا تستوعب أكثر من 52 حالة، مؤكدا ضرورة الإسراع في إنشاء دار خاصة لهم، وهو ما أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية عن مباشرتها بإنشائها لتكون جاهزة لاستقبال الحالات قبل نهاية العام.وطالب التقرير بتعزيز الخدمات الوقائية المتوافرة لضحايا الاتجار، لكي تشمل المأوى المناسب وتعزيز جهود التعرف على ضحايا الاتجار والعمالة والدعارة القسرية، وضمان عدم معاقبة الضحايا الذين يتم التعرف إليهم بسبب الأفعال غير القانونية نتيجة لحالة الاتجار التي كانوا فيها، وتأمين ظروف حماية أفضل للضحايا.الغد
واشنطن تنتقد نظام الكفيل للعمالة المهاجرة في الأردن