الوكيل – رصد – حتى تحصل على الإجابة وافية عليك أن تسأل السؤال التالي من هي القاعدة وكيف ولدت وكيف نشأت ومن مولها ؟ …بنفس الطريقة وبنفس المسار غير أن الإختلاف هو أن داعش ومنتجات الوهابية السياسية , لم تعد ترفع شعارات ضد أمريكا وإسرائيل بل تحول قتالها إلى حرب الشيعة والخوارج ..وإسقاط النظام العلوي .. يقول سياسي بريطاني :- إن الصراع الوهابي الإثنا عشري – ويقصد المذهب في إيران – بدأ في لبنان , واستهلك هذه الساحة دون وجود منتصر , ثم أنتقل إلى سوريا وكل له أدواته هناك ولم ينتصر أحد وسوريا دفعت الثمن, والان إنتقل للعراق …ولأن إيران تدرك في لحظة أن مواجهة عسكرية مع السعودية كفيلة بإنهاء الثورة الإسلامية هناك بحكم تحالفات وقوة هذه الدولة فقد قررت خوض الحرب بالوكالة ..وهي حرب مذهبية في أساسها حرب المذهب الوهابي السلفي وحرب التشيع …ولا بد من وجود منتصر , كون الصراع بدء في العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية فقد خاض صدام حسين هذه الحرب ضد الثورة الشيعية في إيران والتي كان ملهمها ومفجرها الإمام الخمنئي , خاضها دفاعا عن الخليج والأمة …وبعد (34) يعود الصراع كي يحسم مرة أخرى بين هذين المذهبين في العراق . إيران تقاد بالمذهب الإثني عشري , وهي دولة لها وجهين إيران الدولة وإيران الثورة ويبدو أن الثورة إنتصرت على الدولة , فالرئيس الإيراني الحالي لايقوى على الخروج عن رأي المرشد الأعلى وإمام الثورة …والسعودية بكل محاولاتها التي تصب في إعطاء صورة الدولة المدنية إلا انها ما زالت تعود لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( المؤسسة الوهابية الراسخة جذورها في المجتمع) وهذه الهيئة هي التي تمنح شرعية الحكم وهي الذراع الأطول في البلاد .. بإختصار تام , كل ما يحدث في المنطقة هو صراع بين الوهابية السياسية وبين المذهب الإثنا عشري الشيعي , وهذا الصراع يخاض بالوكالة وفي أرض شقيقة تارة وأرض صديقة تارة أخرى …ويبدو أن العراق التي بدأت الصراع في العام (1980) وأطلقت عليه لقب القادسية , ستنهي هذا الصراع بإنتصار طرف على الاخر ولا نظن أن هناك مجال للهدنة أو التوقف . ماهو دور الأردن وكيف يتعاطى مع هذه الأحداث ؟ …الأردن يمر بأزمة العقل في القرار بمعنى :- أن السياسة الاردنية لم تعتد تحتوي على عقل ينتج قرارا ويستفيد من تناقضات المنطقه ويكون لاعبا أساسيا على الطاولة , مثلا رجل مثل عدنان أبو عوده أو مروان القاسم أو حتى مضر بدران . ففي فترة الثمانينيات كان رجال مثل هؤلاء يقرأون الأحداث بشكل ذكي , ولهذا إنخرط الأردن في تحالف عضوي عروبي مع العراق عام (1980) وترتب على هذا التحالف مكاسب إقتصادية هائلة ولعب دورا مهما في المنطقة …ثمة لحظة في الأحداث تحتاج لشخص ذكي كي يلتقط المشهد ولكن العقل الذكي غير موجود في السياسة الأردنيه , لم يعد هناك نموذج للثعلب ولم يعد هناك أيضا نموذج للسياسي المحترف …لهذا فالأردن خائف وينتظر تطمينا من الولايات المتحدة , وبدلا من ذلك كان بإمكانه أن يلعب دورا مهما في الأزمة الحالية , بحكم أن نشوء أي فيدرالية سنية جديدة في العراق سيكون غير قابل للحياة أن لم تكن الأردن بوابته …وربما هذا جزء مهم من السيناريو القادم فبدلا من الحديث عن داعش كان على الأردن , أن يتحدث عن مكونات الشعب العراقي وعن نبذ الطائفية …ولكنه تورط قبل أربعة اشهر حين أدان أحداث الفلوجة ودعم حكومة المالكي , بالمقابل لم تفعل السعودية الحليف الإستراتيجي ذلك . والأردن نسي معركته الاساسية مع الإحتلال الإسرائيلي , فما يحدث الان في الخليل وباقي مدن الضفة من إعادة الإحتلال الإسرائيلي اصبح شيئا غير مهم في الإعلام , وكان الأجدى بالأردن في هذه اللحظة أن ينتبه إلى سياسة التنكيل الإسرائيلي في مدن الضفة الغربية بالتحديد الخليل لأنها تشبه سياسات التهجير أكثر منها محاولة البحث عن مفقودين إسرائيلين…كان عليه أن ينتج قضية داخلية وعربية مما يحدث الان في الضفة ,ومن محاولات إسرائيل إعادة تشكيل الخريطة من جديد فالذي يراقب ما يحدث سيدرك أن هناك مخططا إسرائيليا يطبخ في الخفاء لإعادة رسم الجدار العازل من جديد بحجة الأمن . غريب وعجيب أمر الأردن , وكيف لاتقتنص ما يحدث من حولها وتوظفه لخدمتها ..وكيف تصور للناس هنا في عمان أن (داعش) قادمة والناس تدرك أن الأردن في أبجديات هذه الحركات خط أحمر واللعب بأمنه سيعني اللعب بأمن دول محورية ..وهذا ممنوع . في العراق ثمة إتفاق سني كردي على الثروة وهذا الأمر كشفه الأكراد حين أعادوا كركوك وكشفته داعش حين إستولت على محطة (بيجي) فكما هو معروف أن نشوء فيدرالية جديدة في العراق لن يكون واقعا , إن لم يكن للسنة حصة في الثروة والإستيلاء على (بيجي) هو رسالة لإيران ولحكومة المالكي , وأجزم أن الذهن الشيعي الحاكم في العراق في لحظة ما سيكتفي ببغداد والحوزات ..ولكنه يقاتل الان ليس من أجل عراق موحد بقدر ما يقاتل لأجل الغنيمة الأكبر في الثروة ..وهو يدرك في قرارة نفسه أن تحرير الشمال العراقي من قبضة السنة اصبح أمرا مستحيلا ..ويدرك أن قوى إقليمية مؤثرة قد وجهت صفعة مدوية لإيران فقد كسبت في جانب النظام السوري..ولكنها خسرت في جانب اخر أهم مصد وأهم حاجز شيعي عن إيران .. الأردن الان لا يحتاج لأن يخاف من بعبع (داعش) هو يحتاج لأن يطلق موقفا سياسيا متطابقا مع الموقف السعودي , والأردن يحتاج الان بحكم الجغرافيا وبحكم أمنه أن يكون قريبا من سنة العراق … والأردن يدرك أن داعش في لحظة ما هي تحول , فقادتها هم من ضباط الجيش العراقي السابق ,وهؤلاء في لحظة إختاروا المظلة الإسلامية ويدرك أن داعش العراق , ليست مثل داعش سوريا فهناك على أطراف دمشق وحلب حركة أممية إسلامية , ولكن العراقيين إستفادو من تلك التجربة ولا أظن ان سنة العراق سيسمحون …لوجود داعش أمميه مثل التي موجودة في سوريا , بل ستكون من المكون السني العراقي فقط , ولاحظوا الاخبار للان لم تستطع حكومة المالكي أن تقبض على عربي أو شيشاني أو أفغاني في العراق يقاتل تحت راية داعش . هناك شكل جديد للعراق وهناك فيدرالية سنية جديدة , وهناك جزء من الثروة سيكون لهذه الفيدرالية الجديدة …وهناك أيضا فصل إنتهاء الصراع الشيعي الوهابي وستكون العراق خاتمته ,وسوريا ستبقى أزمة معلقة ربما ستحتاج لسنوات أطول … وعلى الأردنيين أن يتعاطوا مع هذه الوقائع بقليل من الذكاء , وليس بالخوف من داعش …فمصر إستطاعت في لحظة غفلة , أن تنتزع الإسلام السياسي من قاموسها وتتعاطى مع المشهد بشكل جديد , وسيكون لها دور مؤثر والأردن في لحظة يستطيع إعادة إنتاج السياسة فيه الأردن يحتاج الان لردم الوجوه الكلاسيكيه وإنتاج العقل في الدولة …وليس تغيبه … الاصل الان أن يتم إعادة غربلة القيادات السياسية في الأردن , والاصل أن يتم إنتاج جيل جديد …يقوم على تحالفات جديدة , جيل غير مغرق في المحلية والمشاريع الصغيرة والنظرة الإقتصادية العاجزة بل جيل يفكر بدور جديد للأردن وبوجه اخر للبلد .
داعش والأردن .. من هي داعش كيف نشأت وكيف ولدت وكيف توسعت ؟