دبي – رويترز – يظهر انخفاض أسواق الأسهم في الخليج أن الخوف بدأ يدب في قلوب المستثمرين لاحتمال انخفاض سعر النفط إلى 70 دولارا للبرميل هذا العام. لكن ضخامة إنفاق الحكومات تعني أن أداء أغلب شركات المنطقة سيكون على ما يرام باستثناء قطاع البتروكيماويات.
وهبط المؤشر الرئيسي لسوق الأسهم السعودية 4.8 في المئة يوم الأحد، لتصل خسائره منذ الذروة التي بلغها في سبتمبر ايلول 23 في المئة. وتراجع مؤشر بورصة دبي 21 في المئة عن أعلى مستوى له هذا العام. وعلى النقيض بلغ انخفاض مؤشر إم.إس.سي.آي للأسواق الناشئة تسعة في المئة فقط.
ويخشى المستثمرون أن تخفض حكومات مجلس التعاون الخليجي الست إنفاقها بما يتماشى مع انكماش ايرادات النفط إذا بقي سعر مزيج برنت حول 70 دولارا للبرميل في العام المقبل، انخفاضا من حوالي 115 دولارا في يونيو حزيران.
ومن المحتمل خفض موازنات الشراء الحكومية، وإلغاء الدعم وإبطاء مشروعات البناء الكبرى أو الغائها. وإذا حدث ذلك فستتأثر أرباح الشركات سلبا في مختلف أنحاء المنطقة.
لكن كثيرين من مديري الصناديق والاقتصاديين يقولون إن هذه المخاوف مبالغ فيها. وحتى إذا بقي سعر النفط عند 70 دولارا، فإن اثنين من دول مجلس التعاون هما الكويت وقطر ستحققان فوائض في الموازنة العامة، ولن تتعرضا لأي ضغوط كبرى لتقليص الإنفاق.
وربما تعاني السعودية والامارات صاحبتا أكبر اقتصادين في المنطقة من عجز في الإنفاق. لكن الاحتياطيات المالية الكبيرة التي تراكمت في السنوات الأخيرة، ستمكنهما بكل سهولة من الحفاظ على مستوى الإنفاق المرتفع.
وقالت المجموعة المالية المصرية-هيرميس في تقرير عن احتمال بقاء سعر النفط عند 70 دولارا للبرميل في 2024-2015 «نحن نفترض أن حكومات مجلس التعاون الخليجي سيكون رد فعلها الأولي لانخفاض سعر النفط اعتباره صدمة عابرة.. من ثم فإنها ستستغل فوائضها المالية الحالية لامتصاص الاثر السلبي لانخفاض الايرادات الحكومية، وعوائد الصادرات على الاقتصاد في الأجل القصير».
وتوضح بيانات تومسون رويترز أن المحللين لم يغيروا متوسط توقعاتهم لأرباح الشركات في عام2020 في الامارات وقطر في الشهورالثلاثة الأخيرة إلا بدرجة هامشية.
وشهدت السعودية تخفيضا كبيرا في توقعات الأرباح، لكنه يرجع بكامله تقريبا إلى قطاع البتروكيماويات.
البحرين وعمان
من المحتمل أن تتضرر أرباح الشركات كثيرا في أصغر دولتين بمجلس التعاون من جراء انخفاض سعر النفط إلى 70 دولارا للبرميل. فالبحرين كان لديها بالفعل عجز في الموازنة عندما كان سعر النفط أعلى من 100دولار. أما سلطنة عمان، فقد أصبح في حكم المؤكد أن تسجل عجزا، كما أن احتياطياتها المالية صغيرة نسبيا.
ومن ثم فمن المرجح خفض الإنفاق في البلدين. وفي الاسبوع الماضي اقترحت هيئة استشارية على حكومة عمان تخفيضات كاسحة في الإنفاق، وزيادات في الضرائب لمجاراة انخفاض النفط.
ويوم الأحد انخفضت أسهم شركات الاسمنت المسجلة في سوق مسقط للاوراق المالية، بعد أن قالت الحكومة إنها ستخفض الدعم وترفع أسعار الغاز من أول يناير كانون الثاني المقبل. وفي الاسبوع الماضي هوت أسهم شركات الاتصالات العمانية لاحتمال فرض ضرائب على القطاع.
السعودية
وفي مختلف أنحاء منطقة الخليج يتوقع أن تعاني أرباح شركات البتروكيماويات. وترتبط أسعار المنتجات البتروكيماوية بأسعار النفط ارتباطا وثيقا، كما أن شركات الانتاج في المنطقة تشتري المنتجات الوسيطة بأسعار مدعمة، ولذا فإن ارتفاع أسعار النفط يرفع هوامشها وانخفاض الاسعار يمحو تلك الميزة.
وسيكون الضرر الذي يلحق بشركات البتروكيماويات محسوسا في السعودية بدرجة أكبر من غيرها، لأن هذه الشركات تمثل نحو ثلث القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودية. وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة خفض المحللون توقعاتهم لمتوسط نمو الأرباح في قطاع البتروكيماويات السعودي هذا العام إلى 13 في المئة من 25 في المئة.
لكن المحللين لا يتوقعون انخفاضا كبيرا للقطاعات السعودية الأخرى. ولم تنخفض توقعاتهم لنمو الأرباح الاجمالية لسوق الأسهم كلها سوى بدرجة بسيطة من 17 في المئة إلى 12 في المئة، وكان أغلب هذا الانخفاض يرجع إلى قطاع البتروكيماويات.
وانخفضت التوقعات للقيمة الاجمالية لأرباح الشركات السعودية في2020 بنسبة أربعة في المئة، أغلبها بسبب البتروكيماويات، وبعضها بسبب صدمة إعادة حساب أرباح شركة اتحاد اتصالات (موبايلي) في أوائل نوفمبر تشرين الثاني الجاري.
وباستبعاد قطاع البتروكيماويات وموبايلي يبلغ الانخفاض في إجمالي الأرباح المتوقعة للشركات السعودية واحدا في المئة فقط منذ سبتمبر ايلول الماضي.
وقال تركي فدعق مدير الأبحاث والمشورة في شركة البلاد المالية «المخاوف بشأن الإنفاق الحكومي مستقبلا أثرت سلبا في أسعار الأسهم في القطاعات غير البتروكيماوية».
لكن «ايراداتها لم تتأثر تأثرا مباشرا بانخفاض أسعار النفط. وبالتالي فإن الهبوط في أسعار الأسهم يمثل فرصا مغرية للشراء في هذه القطاعات».
ويعتقد فدعق أن الحكومة السعودية ستحافظ على مستوى الإنفاق في العام المقبل. وقدر صندوق النقد الدولي أن السعودية بحاجة لأن يكون سعر النفط نحو 92 دولارا للبرميل، حتى تتساوى الايرادات مع المصروفات في موازنة الدولة. أما عند سعر 70 دولارا فستعاني السعودية من عجز، لكن احتياطياتها المالية يمكنها تغطية العجز بكل سهولة.
وتوقعت الموازنة الأصلية للدولة لعام 2024 أن يبلغ الإنفاق 855 مليار ريال (228 مليار دولار).
الإمارات وقطر
من المرجح أن تتأثر أرباح الشركات في أسواق مجلس التعاون الخليجي الكبرى الأخرى، حيث يقل وزن قطاع البتروكيماويات.
ففي الشهور الثلاثة الأخيرة، رفع المحللون الذين استطلعت رويترز آراءهم متوسط توقعاتهم لاجمالي أرباح2020 لأكبر 13 شركة مقيدة في سوق دبي بنسبة ثلاثة في المئة.
كما رفع المحللون توقعاتهم للشركات الكبرى المقيدة في سوق أبوظبي بنسبة خمسة في المئة. وتهيمن على السوقين البنوك وشركات العقارات والاتصالات.
وقال أرتي تشاندراسيكاران المحلل لدى الوطني للاستثمار متحدثا عن أرباح بنوك الامارات: «من الناحية الجوهرية لا تمثل فرقا كبيرا.
لست قلقا في الواقع بشأن التصحيح الحالي في أسعار النفط».
وقال هارشيت أوزا من شركة النعيم القابضة للاستثمارات إنه رغم احتمال تغير أنماط الإنفاق الحكومي، فمن المستبعد أن يكون لرخص النفط أثر كبير في شركات مثل إعمار العقارية أكبر الشركات المقيدة في سوق دبي.
وأضاف: «تحصل إعمار على أكثر من 50 في المئة من أرباحها من أنشطة التجزئة والضيافة التي مازالت تسير على ما يرام»، موضحا أن المشترين الأوروبيين والهنود قد يعوضون أي انخفاض في الطلب على العقارات من جانب المشترين الخليجيين.
أما بالنسبة لشركات قطر، فقد خفض المحللون توقعاتهم لأرباح2020 بنسبة اثنين في المئة منذ سبتمبر أيلول بسبب شركات أهمها صناعات قطر التي تشمل أنشطتها البتروكيماويات، والخليج الدولية للخدمات التي تقدم خدمات الحفر.