طرحت الأكاديمية والأديبة د. عالية شعيب العديد من الأسئلة المتعلقة بالسرد في النص الأدبي في المحاضرة التي قدمتها في رابطة الأدباء الكويتيين بعنوان «المنهج والحبكة في السرد» التي أدراها الإعلامي محمد الوسمي.
شعيب أكدت في بداية محاضرتها ان كلمة السرد أصبحت فضفاضة، وهو ما يقتضي إعادة النظر له بطريقة نقدية تحليلية، وأشارت إلى أن السرد فتن الإنسان منذ بداية الخليقة وانه فعل اختلاف وتنوع، وحددت ركائزه الثلاث المتمثلة في: السارد والمسرود له والحكاية.
وتحدثت شعيب عن التنازلات التي يمكن أن يقدمها الكاتب للنص من أجل إرضاء القارئ، واكدت أنها يجب أن تكون محدودة ومدروسة، لكي لا يخسر الكاتب نفسه وجمالية النص.
القارئ يقرأ أم يكتب؟
واستعانت شعيب بمقولة نقدية:«افترض أن الرواية الجديرة بالاعتبار هي تلك التي لا تتطلب وجهة نظر القارئ»، لتتساءل بعدها: هل القارئ يقرأ أم يشارك في الكتابة؟ وأجابت: على الكاتب أن يجد مساحات للقارئ في النص ليستريح فيها ويخيل ويتمهل ليصبح عنصرا من عناصر التجربة الإبداعية.
وأشارت شعيب إلى أن السارد يتخذ دورين: الأول في صورة بطل يروي قصته بضمير الأنا الذي يعرف كل شيء، والثاني الراوي الذي يراقب الاحداث من الخارج لكنه لا يتدخل.
البنيوية والشكلانية
وتحدثت شعيب عن المنهج حيث توقفت أمام البنيوية والشكلانية، حيث رأت أن البنيويين انشغلوا بكيفية حصر وترتيب اللامحدود من السرد وتطويعه، بينما اهتم الشكلانيون بأشكال السرد في القصة القصيرة والرواية، مؤكدة أن دراسة الشكل لا تكتمل إلا إن أدت الى معرفة المعنى.
السرد الرديء
وتطرقت شعيب في محاضرتها إلى ما أسمته «السرد الرديء» المطروح حاليا في الصحافة الكويتية بعد انتشار كتبه في معرض الكتاب الأخير، وأرجعت شعيب ظهور الادب الرديء إلى العديد من الأسباب: ضعف الحدود الفاصلة بين الأجناس في الكتابة والأدب، تفكك أساليب السرد القديمة، انتشار الفساد في المجتمع، حيث أراد الكتاب الجدد توجيه صفعة الى وجه هذا المجتمع، «نقدم لك أدبا رديئا يعكس رداءتك». كما تحدثت شعيب عن دور النشر التي تنشر لمن يدفع، وغياب النقد الجاد، لكنها نادت إلى تجاوز التناحر بين أجيال المبدعين، حيث رأت ان الكتابة الجديدة تمثل مشروعاً سردياً خلاقاً لو تم بالشكل الصحيح.
جدوى النص
وتحدثت شعيب عن «الحبكة في السرد»، حيث أشارت إلى أن الكثير من الكتاب المعروفين يستمرون في السرد بمعنى الحشو، حيث يستمر السرد من دون قيمة ومن دون نهاية محتملة، وأحيانا ينتهي العمل دون حبكة، وهو ما جعلها تطرح سؤالا جديدا عن جدوى النص.
واكدت شعيب في نهاية محاضرتها، ان عدم وجود جدوى للنص يخل بمهمته الأساسية، ويتحول النص إلى مجرد كتاب آخر، أو ديكور في المكتبة.
وانهت شعيب كلامها بسؤال مفتوح عن أخلاقية النص: هل لابد أن يكون هناك خطاب أخلاقي للسرد؟ وهل تعتبر أخلاقية النص موازية لنجاته فنيا وأدبيا وجماليا؟
دور الرابطة
في مداخلته عقب المحاضرة قال الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي: إن شعيب في محاضرتها وضعت يدها على الكثير من النقاط المهمة، وعلى رأسها الأدب الرديء، مؤكدا أن الرابطة تحاول منع انتشار هذا النوع من الأدب الرديء في المجتمع من خلال الدورات التي تقيمها للأدباء الشباب، مطالبا شباب المبدعين بالتمهل قبل إصدار العمل الأول وعرضه على الكبار والأخذ بنصائحهم قبل النشر.