اسمها مميز في عالم السجاد الفاخر، فالقطع التي تقتنيها تأتي بها من مختلف أنحاء العالم، تجوب دوله شرقا وغربا بحثا عن سجاد نادر ومميز، تحتفظ ببعضه في منزلها في الكويت وبالبعض الآخر في منزل والدتها في أميركا. انها هاوية السجاد الفاخر عايدة ميرزا التي لا تحب ان يعتبرها البعض تاجرة للسجاد لأن الفرق كبير، كما تقول، بين التاجر والهاوي. كما تفخر عايدة بأن قطعها يقتنيها أصحاب الذوق الرفيع، وتفخر أيضا بإهدائها لوحة لملكة الأردن رانيا العبدالله.
وتقول عايدة أنها نجحت في هذا المجال بفضل تسلحها بمعرفة كل ما يتعلق بعالم السجاد من خلال قراءة الكتب وزيارة المعارض والمتاحف المتخصصة بالسجاد الفاخر، وصداقتها لأكبر تجاره في العالم، هذه الأمور وغيرها تحدثت عنها بتفصيل في حوارنا معها.
• كيف بدأ مشوارك مع السجاد الفاخر؟
– وأنا صغيرة كانت جدتي تصطحبني معها إلى البنك في إيران لتتفقد سجادها الذي تحتفظ به هناك، فأدركت من الصغر أهميته وأن هذا السجاد ثروة كالمال والذهب، أيضا أحببت جمال رسومه وألوانه وتعلقت بهذا الفن الرائع.
ولازمني هذا الحب حتى كبرت وعملت. وعندما تقاعدت من عملي، أصابني نوع من الاحباط والملل، فسافرت إلى إيران تغييرا للجو. وأثناء جولة لي في أحد الشوارع لفتت نظري بشدة سجادة معروضة في واجهة غاليري، وظللت أتمعن فيها لأكثر من ساعتين. وعندما هممت بالرحيل لفَّ صاحب الغاليري السجادة واعطاها لي قائلا: هذه من نصيبك. اندهشت وأجبته أن ثمنها ليس معي، فقال: لم أر أحدا من قبل معجبا ومغرما بسجادة مثلك، وهذا رقم حسابي البنكي، ويمكنك ارسال ثمنها لي متى تيسر لك ذلك.
استغربت ثقته بي وهو لا يعرفني جيدا. وعدت بالسجادة إلى الكويت وعلقتها على الحائط، إلى أن جاءت إحدى قريباتي وطلبت مني شراءها، ومن هنا بدأ المشوار، حيث قررت استغلال وقتي في شيء أحبه.
• هل واجهتك صعوبات؟
– تعودت من أهلي على السفر المرفه لأن والدي كان رجل أعمال كبيرا، وعندما بدأت رحلة تجوالي بحثا عن السجاد النادر، وجدت صعوبة مادية من حيث تكاليف السفر الباهظة وأسعار السجاد أيضا، فكنت أبيع ما أملك من السجاد لأوفر النقود، بعدها زاد إدراكي أكثر بأهمية السجاد، وأن سعره يزداد يوما بعد يوم.
بين التاجر والهاوي
• تقولين دائما أنك هاوية للسجاد الفاخر، فما الفرق بين الهاوي والتاجر؟
– التاجر يشتري ما يتطلبه السوق وما يرغب فيه الناس، على عكس الهاوي الذي يبحث عن قطعة مميزة، تستهويه ويتذوق جمالها بحسه الفني ويشعر بمتعة عندما يضيف قطعة جديدة لمجموعته، فأنا أشتري القطع النادرة التي تعجبني ثم أبيعها. وأنا أعتبر السجاد عالمي الخاص وجميع قطعي مميزة وتحمل أسماء أشهر الماركات في هذا المجال الفريد من نوعه. وأحب الندرة والتميز.
• كيف طورت من نفسك؟
– التطور جاء من خلال جمع المعلومات من قراءة الكتب والمجلات المتخصصة، ومن البحث والسفر وحضور المعارض والمزادات العالمية الخاصة بالسجاد الايراني وزيارة المتاحف العالمية. وأتذكر أنني خططت للسفر إلى سانت بطرسبورغ في روسيا لرؤية سجادة «بزريك»، وهي أول سجادة اكشفت في العالم وعمرها 2500. لم أسمع عن أحد من التجار سافر لمشاهدتها، ولكني فعلت.
الأمانة.. بداية الطريق
• هل دعمك أحد أو وجدت من يساعدك؟
– لا، أنا أعمل وحدي، ومن طبيعتي اني إذا وضعت هدفا في بالي لا بد أن أحققه وهذا سر نجاحي. فأهلي كانوا ضد دخولي عالم السجاد لخوفهم علي من الفشل كوني أنثى، ولعلمهم بمدى إسرافي وتبذيري للمال، لكني تحديت أهلي خاصة أمي، وكان هذا التحدي سبب نجاحي. كان وضعي المادي لا يسمح لي ببدء التجارة، فتحدثت مع التاجر الذي أعطاني أول سجادة أبيعها واتفقت معه على رسم البيع «الأمانة»، وأصبح يبعث لي بصور سجاد لأختار منها، وهكذا أقمت أول معرض لي في بيت لوذان ضم 38 قطعة بعت منها 5 قطع فقط. وتكرر الأمر سنة بعد سنة الى ان تعرف على اسمي السوق الايراني الذي كنت ازوره 5 مرات بالسنة، وأصبحت لي مصداقية بين التجار وثقة متبادلة. «الأمانة» وضعت رجلي على أول الطريق.
مصداقية وثقة
• كيف تعرفت على مشاهير تجار السجاد الإيراني، وما قصتك مع صيرفيان؟
– من حظي أنني بدأت من قمة الهرم، فأثناء وجودي في لندن مررت أمام أكبر وأغلى غاليري للسجاد بالعالم، فدخلته، وتحدثت مع صاحبه الايراني الأصل واسمه منصور، وهو من فرش قصر شاه إيران السابق. بنيت جسرا بيني وبينه، حتى أنني أعتز بشهادته عني بعد ذلك بقوله: «لم ار احدا يتغزل بالسجاد مثلك لدرجة أنه يمكن أن تكتبي بيتا من الشعر غزلا فيه».
وأعجبت بإحدى اللوحات عنده فأخبرني أنها غالية جدا، لأنها تحمل أهم اسم يتداول في كل المزادات العالمية، وهو الإيراني العالمي صيرفيان المعروف بدقته ومصداقيته، فأصررت على التعرف به. وفعلا سعيت حتى قابلت صيرفيان في منزله الذي يحتوي على مجموعته النادرة من السجاد، واشتريت منه قطعتين. بعدها نمت صداقة بيننا الى ان اصبحت وكيلة لاسمه بالكويت، ولدي أكبر كمية من سجاده، وهذا اعطاني سعادة لا توصف، وحين قدم للكويت وزوجته استضفتهما في منزلي.
85 قطعة مميزة
• كم قطعة تضم مجموعتك الخاصة؟
– مجموعتي كبيرة وأحتفظ بأغلبها في مخازن مختصة بحفظ السجاد، وتضم 85 قطعة مميزة ونادرة لمصممين عالميين.
• هل هناك قطع لا تعرضينها للبيع؟
– طبعا، فكل قطعة اقتنيها مميزة ولها شأنها وقصتها، وبعضها لا يقدر بثمن. وشعوري ان بحوزتي قطعة نادرة يزيدني فخرا، كما أدخر بعض قطع أخرى في منزل والدتي باميركا، لأني ادخر السجاد عوضا عن المال، فإن ضاقت بي الحال بعت منه.
وعي محدود
• هل هناك وعي عربي بقيمة السجاد الايراني؟
– للأسف الوعي محدود جدا بقيمة هذا السجاد، فكثير من الناس لا يقدرون عمر قطعة معينة أو نقوشها أو توقيع الرسام عليها وعدد الغرز المستخدمة في نسجها. لذلك أعطيت محاضرات في هذا الشأن في بيت السدو ولجنة المرأة العالمية.
• هل ورث هوايتك أحد من عائلتك؟
– حاولت مع ابنة أخي، لكن ليس لديها شغف كبير مثلي.
• أمنيتك؟
– ان افرش المتحف الاسلامي بالدوحة.
• ما الذي يضايقك؟
– مناداتي بالخبيرة. فمنصور صاحب اكبر غاليري بالعالم وخبرته في هذا المجال تعدت 50 سنة، وعلى الرغم من ذلك يقول عن نفسه إن معلوماته عن السجاد لا تتعدى نسبة 40 في المائة في هذا العالم الواسع، فما بالك انا؟
• عدد معارضك؟
– 9 معارض في الكويت الى الآن وواحد في هانوفور في المانيا، والخطة القادمة في فيينا.
• ألم تتعبي من هذه الهواية التي تتطلب كل هذه التكاليف والوقت والجهد؟
– لا انكر ان البحث عن السجاد متعب ويأخذ جهدا ووقتا، لكن لا يوجد ما يوقف عشقي وشغفي لامتلاكه.
عالم رائع
• ماذا تخبرينا عن عالم السجاد؟
– السجاد عالم كبير من الصعب حصر أنواعه وأسعاره التي لا تحدد بحجم السجادة بل باسم الشخص الذي تحمل اسمه أولا، ثم بعدد الغرز والألوان الطبيعية المستخدمة في تصنيعها. وتوجد في إيران 60 مدينة صغيرة تعمل في نسج السجاد بنقوش وألوان ومواد مختلفة، تعكس كل سجادة منها طبيعة وثقافة هذه المنطقة، وتكون الرسوم عليها مقتبسة من معالم اسلامية أو مناظر طبيعة أو وجوه أشخاص أو من الخيال. ومن هذه المناطق: أصفهان، قم، تبريز، كاشان، كرمان، ملاير، فراهان وقزوين.
• ما مميزات السجاد الايراني؟
– ايران الدولة الأولى عالميا في انتاج السجاد الفاخر، وتتميز منتجاتها بالمتانة والقوة لانها تستخدم «الدوبل نوت» في النسج والالوان الطبيعية والرسوم المميزة والنقوش العربية والفارسية وغيرها.
• هل كونت ثروة من وراء عملك؟
– ثروتي في سجادي، فكلما جمعت مبلغا من المال أشتري قطعة اخرى من السجاد.
• وأين يوجد سجادك؟
– في بيوت الملوك والأمراء والطبقة المرفهة لارتفاع قيمته. وقد طلبت تصميم سجادة خاصة هدية للملكة رانيا العبدالله تحمل توقيعي. وأنوي تقديم سجادة أخرى للشيخة موزة وللاعلامية الشهيرة أوبرا وينفري.
معرض للسجاد الفاخر اليوم
تفتتح هاوية السجاد الفاخر عايدة ميرزا اليوم معرضها في غاليري تلال، ويضم مجموعة مختارة من القطع الفنية التي تحمل أسماء أشهر صناع السجاد في العالم.
السلام عليكم اين هذا المعرض غاليري تلال في الكويت ام في ايران ؟