أتدرون ما المعيشة الضنك
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتدرون ما المعيشة الضنك
وعن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال،المؤمن في قبره في روضة خضراء،ويرحب له في قبره سبعون ذراعاً، وينور له قبره كالقمر ليلة البدر،أتدرون فيم أنزلت هذه الآية(فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)قال،أتدرون ما المعيشة الضنك،
قالوا،الله ورسوله أعلم،قال،عذاب الكافر في قبره والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليهم
تسعة وتسعون تنيناً،أتدرون ما التنين،قال،تسعه وتسعون حيه،لكل حيه سبعة رؤوس ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم يبعثون)رواه أبو يعلى وإبن حبان وصححه الألباني،في صحيح الترغيب والترهيب،
وقد حكمَ الله سبحانه وتعالى بالمعيشة الضَّنك على مَن أعرضَ عن ذكره وخالف أمره واهتدى بغير هداه،فقال سبحانه( وَمَنْ أَعرض عن ذكري فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) أي،في الدنيا،فلا طمأنينة له،ولا انشراح لصدره،بل صدره ضيِّق حرج لضلاله،وإن تنعم ظاهرُه،ولبس ما شاء وأكل ما شاء،وسكنَ حيث شاء،فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهُدى فهو في قلق وحيرة وشك،فلا يزال في ريبه يتردد،فهذا من ضنك المعيشة،
وفسر بعض المفسرين المعيشة الضنك بعذاب القبر،كما روي ذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،فقال،يضيق عليه قبره حتى تختلف أَضلاعه،
ومعنى الآية ما رجَّحَهُ بعضُ المفسِّرين من أن،المعيشة الضنك عامَّة في دار الدنيا، بما يصيب المعرِض عن ذكرِ ربه من الهموم والغموم والآلام ،التي هي عذاب معجل،وفي دار البرزخ وفي الدار الآخرة،
فلا يسلم أن النصارى وغيرهم من أهل الكفر يعيشون في طمأنينة ويقين من أمرهم مع إعراضهم عن ذِكر الله،بل هُم في الحقيقة وإن تنعموا وضحكوا وأكلوا وشربوا ما شاءوا،فهم في قلق وحيرة وشك،وهذا معلوم في الواقع لا شك فيه،وتجد فيهم من أسباب الراحة والترف والتنعم ما يفوق الوصف والخيال،ولكنك مع كل ذلك تجد أهلها أشد الناس بؤساً وقلقاً وحيرة واضطراباً،
فهم أكثر الدول في الأمراض النفسية والعصبية،فأي أمن وطمأنينة يشعر بها هؤلاء، لا شيء،
واعلم أن الكافر قد يفتح الله عليه جميع أبواب الراحة والترف في الدينا،كما قال الله تعالى( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) الأنعام،
إلا بابين اثنين فقد خصهما الله تعالى لأهل الإيمان به،وهما،الأمن والبركة،
فالبركة،يقول الله تعالى فيها( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) الأعراف،
وأما الأمن،فيقول الله تعالى فيه( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )الرعد،
فلا يمكن لكافر مهما وجد من أسباب النعيم والترف والسعادة أن يعيش في أمن وطمأنينة وبركة قط ، فذلك غير ممكن،بل هو في شقاء نفسي وقلق واضطراب ،
فإذا كان يعيش في أمن وطمأنينة فلماذا كانت كل هذه الأمراض النفسية والاكتئاب ثم الانتحار،إن هذا نتيجة الضنك الذي يعيشون فيه،
ويدل على هذا الضنك الذي يعيشه أهل الكفر في الدنيا،شهادة من أسلمَ منهم ودخلَ في هذا الدِّين العظيم،بأنَّه كان يعيش في بؤس وشقاء وقلق وحيرة،ويشعر الآن بسعادة وطمأنينة وراحة وحياة هادئة لا يستطيع وصفَها،كما قال تعالى( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)النحل،
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي)أي،خالف أمري،وما أنزلته على رسولي،أعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه،فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى،فهو في قلق وحيرة وشك،فلا يزال في ريبة يتردد،فهذا من ضنك المعيشة،وفي شقاء،وكل مال أعطيته عبداً من عبادي ، قل أو كثر ،لا يتقيني فيه،فلا خير فيه،وهو الضنك في المعيشة،
إن قوماً ضلا وأعرضوا عن الحق ، وكانوا في سعة من الدنيا متكبرين ، فكانت معيشتهم ضنكاً وذلك أنهم كانوا يرون أن الله ليس مخلفا لهم معايشهم ، من سوء ظنهم بالله والتكذيب ، فإذا كان العبد يكذب بالله ، ويسيء الظن به والثقة به اشتدت عليه معيشته ، فذلك الضنك،والعمل السيئ،والرزق الخبيث،
وعن أبي سعيد قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،في قول الله عز وجل(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً)قال،ضمة القبر،
وقوله(وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)قال مجاهد ،أنه يحشر أو يبعث إلى النار أعمى البصر والبصيرة، كما قال تعالى (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا )الإسراء،
نسأل الله العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة،
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الحقِّ حتى نلقاه ،
تفسير ابن كثير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتدرون ما المعيشة الضنك
وعن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال،المؤمن في قبره في روضة خضراء،ويرحب له في قبره سبعون ذراعاً، وينور له قبره كالقمر ليلة البدر،أتدرون فيم أنزلت هذه الآية(فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)قال،أتدرون ما المعيشة الضنك،
قالوا،الله ورسوله أعلم،قال،عذاب الكافر في قبره والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليهم
تسعة وتسعون تنيناً،أتدرون ما التنين،قال،تسعه وتسعون حيه،لكل حيه سبعة رؤوس ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم يبعثون)رواه أبو يعلى وإبن حبان وصححه الألباني،في صحيح الترغيب والترهيب،
وقد حكمَ الله سبحانه وتعالى بالمعيشة الضَّنك على مَن أعرضَ عن ذكره وخالف أمره واهتدى بغير هداه،فقال سبحانه( وَمَنْ أَعرض عن ذكري فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) أي،في الدنيا،فلا طمأنينة له،ولا انشراح لصدره،بل صدره ضيِّق حرج لضلاله،وإن تنعم ظاهرُه،ولبس ما شاء وأكل ما شاء،وسكنَ حيث شاء،فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهُدى فهو في قلق وحيرة وشك،فلا يزال في ريبه يتردد،فهذا من ضنك المعيشة،
وفسر بعض المفسرين المعيشة الضنك بعذاب القبر،كما روي ذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،فقال،يضيق عليه قبره حتى تختلف أَضلاعه،
ومعنى الآية ما رجَّحَهُ بعضُ المفسِّرين من أن،المعيشة الضنك عامَّة في دار الدنيا، بما يصيب المعرِض عن ذكرِ ربه من الهموم والغموم والآلام ،التي هي عذاب معجل،وفي دار البرزخ وفي الدار الآخرة،
فلا يسلم أن النصارى وغيرهم من أهل الكفر يعيشون في طمأنينة ويقين من أمرهم مع إعراضهم عن ذِكر الله،بل هُم في الحقيقة وإن تنعموا وضحكوا وأكلوا وشربوا ما شاءوا،فهم في قلق وحيرة وشك،وهذا معلوم في الواقع لا شك فيه،وتجد فيهم من أسباب الراحة والترف والتنعم ما يفوق الوصف والخيال،ولكنك مع كل ذلك تجد أهلها أشد الناس بؤساً وقلقاً وحيرة واضطراباً،
فهم أكثر الدول في الأمراض النفسية والعصبية،فأي أمن وطمأنينة يشعر بها هؤلاء، لا شيء،
واعلم أن الكافر قد يفتح الله عليه جميع أبواب الراحة والترف في الدينا،كما قال الله تعالى( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) الأنعام،
إلا بابين اثنين فقد خصهما الله تعالى لأهل الإيمان به،وهما،الأمن والبركة،
فالبركة،يقول الله تعالى فيها( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) الأعراف،
وأما الأمن،فيقول الله تعالى فيه( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )الرعد،
فلا يمكن لكافر مهما وجد من أسباب النعيم والترف والسعادة أن يعيش في أمن وطمأنينة وبركة قط ، فذلك غير ممكن،بل هو في شقاء نفسي وقلق واضطراب ،
فإذا كان يعيش في أمن وطمأنينة فلماذا كانت كل هذه الأمراض النفسية والاكتئاب ثم الانتحار،إن هذا نتيجة الضنك الذي يعيشون فيه،
ويدل على هذا الضنك الذي يعيشه أهل الكفر في الدنيا،شهادة من أسلمَ منهم ودخلَ في هذا الدِّين العظيم،بأنَّه كان يعيش في بؤس وشقاء وقلق وحيرة،ويشعر الآن بسعادة وطمأنينة وراحة وحياة هادئة لا يستطيع وصفَها،كما قال تعالى( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)النحل،
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي)أي،خالف أمري،وما أنزلته على رسولي،أعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه،فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى،فهو في قلق وحيرة وشك،فلا يزال في ريبة يتردد،فهذا من ضنك المعيشة،وفي شقاء،وكل مال أعطيته عبداً من عبادي ، قل أو كثر ،لا يتقيني فيه،فلا خير فيه،وهو الضنك في المعيشة،
إن قوماً ضلا وأعرضوا عن الحق ، وكانوا في سعة من الدنيا متكبرين ، فكانت معيشتهم ضنكاً وذلك أنهم كانوا يرون أن الله ليس مخلفا لهم معايشهم ، من سوء ظنهم بالله والتكذيب ، فإذا كان العبد يكذب بالله ، ويسيء الظن به والثقة به اشتدت عليه معيشته ، فذلك الضنك،والعمل السيئ،والرزق الخبيث،
وعن أبي سعيد قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،في قول الله عز وجل(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً)قال،ضمة القبر،
وقوله(وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)قال مجاهد ،أنه يحشر أو يبعث إلى النار أعمى البصر والبصيرة، كما قال تعالى (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا )الإسراء،
نسأل الله العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة،
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الحقِّ حتى نلقاه ،
تفسير ابن كثير.