2020, الدعاء , الهدي, النبوي ,الاسلام
أمرنا الله عز وجل بالدعاء ووعدنا بالإجابة ، ثم عقب بقوله ـ عز وجل ـ : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.. [غافر :60].. وعن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : (من لم يسأل الله يغضب عليه).. [رواه الترمذي].
لا تسألنَّ بُنيَّ آدم حاجة وسلِ الذي أبوابه لا تُحجبُ
الله يغضب إن تركتَ سؤاله وإذا سألتَ بُنيَّ آدم يغضبُ
ولما كان الداعي يناجي ربه ـ ملك الملوك ، المعطي المانع ، الرحمن الرحيم {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}.. [غافر :3 ]ـ كان لزاما عليه أن يتأدب بآداب ليكون دعاؤه أقرب للقبول ، فبحسن الأدب يُلبَّى الطلب ، وبتتبع أقوال وهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يظهر لنا الكثير من آداب الدعاء ، ومنها :
الوضوء :
عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال: (دعا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بماء فتوضأ به ثم رفع يديه فقال : اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ، ورأيت بياض إبطيه فقال : اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس).. [رواه البخاري]. قال الحافظ : "يستفاد من الحديث استحباب التطهر لإرادة الدعاء".
استقبال القبلة :
ورد في استقبال القبلة في الدعاء من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحاديث كثيرة منها : عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : (لما كان يوم بدر نظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ، فاستقبل رسول الله القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه يقول : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني ..).. (رواه البخاري).
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: (جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليهم ، فاستقبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القبلة ورفع يديه فقال : الناس هلكوا ، فقال : اللهم اهد دوسا وائت بهم ، اللهم اهد دوسا وائت بهم).. [رواه أحمد].
وقد ورد من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يدل على جواز عدم التوجه إلى القبلة في الدعاء ، ولهذا قال القرطبي : " .. والدعاء حسن كيفما تيسر وهو المطلوب من الإنسان لإظهار وضع الفقر والحاجة إلى الله ـ عز وجل ـ ، والتذلل له والخضوع ، فإن شاء استقبل القبلة ورفع يديه فحسن ، وإن شاء فلا ، فقد فعل ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حسبما ورد في الأحاديث .." .
رفع اليدين :
عن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ قال: (إن ربكم حيي كريم ، يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا).. [رواه ابن ماجه].
الخشوع والتذلل وخفض الصوت :
عن هشام بن عروة ـ رضي الله عنه ـ قال : أخبرني أبي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في قوله عز وجل:({وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا}.. [الإسراء: 110]، نزلت في الدعاء).. [رواه النسائي].
وعن أبى موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : كنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في سفر ، فجعل الناس يجهرون بالتكبير ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (أيها الناس أربعوا على أنفسكم ، إنكم ليس تدعون أصمّ ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم).. [رواه مسلم].
قال النووي : " (اربعوا).. معناه : ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم ، فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه ، وأنتم تدعون الله تعالى وليس هو بأصم ولا غائب، بل هو سميع قريب ، وهو معكم بالعلم والإحاطة.. ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه ، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه .." .
وهناك مواضع يجهر فيها بالدعاء : كالدعاء في خطبة الجمعة ، وفي الاستسقاء ، وفي القنوت وغير ذلك من المواضع التي يناسبها الجهر .
البدء بحمد الله والثناء عليه ، والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
عن فضالة بن عبيد ـ رضي الله عنه ـ قال : (سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلا يدعو في الصلاة ولم يذكر الله ـ عز وجل ـ ولم يصل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : عَجِل هذا ، ثم دعاه فقال له ولغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ، ثم ليصلِّ على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم ليدع بعد بما شاء..).. [رواه أحمد].