من الخطأ أن تتعامل الأم مع أطفالها من الجنسين على حدٍّ سواء، إذ أثبت علماء النفس أن ثمة اختلافات جوهرية في التكوين العقلي والفكري بين الصبي والبنت في مرحلة الطفولة، ما يتحكّم في سلوكهم واختياراتهم وقدراتهم.
وفي هذا الإطار، يقول مدير معمل الأبحاث السلوكية للدماغ في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية البروفسور روبن فير «إنَّ ثمة علاقة وطيدة بين الإختلافات في الجنس، وبين كبر وصغر المساحات المتواجدة بمخ كلِّ طفل، ما ينع على مجموعة الأفعال التي يتّصف بها كلّ جنسٍ من أولئك الأطفال». ويعدّد هذه الإختلافات على الشكل التالي:
.
إختيار اللعبة
تتّضح الفروق بين الجنسين حينما ينمو الطفل، حيث تنحصر كلُّ اهتماماته في الألعاب التي تعبِّر عن ميوله ورغباته. فالطفل حينما يلعب ويفكّر، تنشط وتتجدّد كلَّ خلايا دماغه، وتصبح بالتالي أكثر تفاعلاً للنمو.
وتشكِّل الألعاب ذات الطابع الحيواني اهتماماً مشتركاً بين الأطفال سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، وحبذا لو كانت متحرّكة حيث يستطيع الطفل استخدامها بكلِّ سهولة ويسر.
وفي غالبية الأحيان، يختار الصبي الألعاب ذات الطابع الرجولي كالسيارات والمسدّسات والدبابات، لتختار البنت بالمقابل العرائس ذات الألوان الزاهية، وبعض الحيوانات الأليفة كالقط والأرنب.
وقد لاحظ علماء النَّفس أنَّ الطفل إذا لم ينل حظّه من تلك الهدايا فإنَّه يحاول صنعها. ويظهر هذا الأمر جلياً في المناطق الفقيرة حيث يصنع الصبيان والبنات ألعابهم بواسطة بقايا الأقمشة والصفيح والخشب.
التعلُّم واكتساب اللغة
تستطيع الأم أن تلاحظ أنَّ نمو وتطوّر البنات أسرع من الصبيان في مراحل الطفولة، والصبا، ولكنَّها قد لا تدرك السبب. وفي هذا الإطار، إكتشف علماء الأعصاب أنَّ خلايا الأطفال من البنات تعمل بصورة أسرع من الصبيان في نفس السنِّ، وهذا ما يوضح لنا أنَّ البنات عادة ما يتحدَّثن أسرع من الصبيان في طفولتهن، وغالباً ما يتكلّمن في عمر أصغر، ويمتاز نطقهنَّ بالطلاقة والسلاسة، وبحفظ السور والأناشيد بكلِّ سهولة. ولكن الصبيان يتمتّعون بمساحة أكبر في المخِّ، خصوصاً في أداء العمليات الحسابية، ولذلك غالباً ما نراهم يتفوّقون على البنات في حلِّ المسائل الحسابية والهندسية، بالإضافة إلى العمليات الأكثر تعقيداً، فيما تظهر البنات ضعفاً في الذاكرة من هذه العمليات.
التطوّر الحركي
أكَّدت الأبحاث أنَّ الصبيان يعتبرون أكثر سرعةً في تعلّم المشي من البنات، خصوصاً وأنهم مغرمون بالحركة.
وفي هذا الإطار، يؤكِّد المتخصّصون أنَّ هنالك جزءاً من دماغ الأطفال يُعنى بالحركة، وأنَّ عملية نضوجه لدى الصبيان تكون أسرع من الفتيات الصغيرات.
البنات حسّاسات
البنــــات يهتممــن بالأحاسيس والمشاعر أكثر من الصبيان، فالبنات لديهنَّ جزء أكبر مساحةً في أدمغتهن مختصّ بالأحاســــــيس. ويظهر هذا جلياً في إحســــاسهن المرهف في أوضاع الحزن والفرح التي تجابههن في حياتهن، لدرجة أنَّ كثيراً من الفتيات يفقدن الوعي إذا واجهن مواقف مخيفة أو خطيرة. كما إنّ البنات عادةً ما يراعين مشاعر الغير في تعاملهن سواء داخل المنزل أم خارجه، بينما الصبيان عادةً ما يندفعون في أفعالهم.
الثقة بالنَّفس
وجد العلماء أن الصبي يتميّز بالثِّقة في النَّفس في اتخاذ القرار إذ إنه عادةً ما يزن الأمور بعقله قبل أن يتّخذ القرار، بينما تتأخّر البنت في اتخاذ قرارها.
التربية
ثمة مساحة مشتركة في تربية كلٍّ من البنت والصبي، فكلاهما يكتسب من الراشدين القيم الإيجابية وأنماط السلوك المتعارف عليه، كما يتعلَّم أمور الدين من عبادات ومعاملات، ويُوجَّه نحو التعليم المناسب لإمكاناته، وكذلك نحو النشاط الرياضي أو الفني أو ممارسة هواية محبّبة إلى نفسه.
ولكن بعض الأعراف الإجتماعية خصّت كلاًّ من الصبي والبنت بجوانب تربوية منفردة، فمثلاً الصبي باعتباره رجل المستقبل يُعطى قسطاً أكبر من الحرِّية حتى يكتسب القدرة على التعامل مع الآخرين، وتنمو شخصيته بشكلٍ سوي، ويؤهّل على تحمّل المسؤولية ويمكن السماح له بالخروج بصحبة الأصدقاء. أمَّا بالنسبة للبنت فهي «الأم» الصغيرة الهادئة بطبعها ذات الإهتمامات الأسرية البيتية، وإن أرادت الاختــــــــلاط بالآخرين فهي تندمج مع بعض الرفيقات تحت رعاية الأسرة