تخطى إلى المحتوى

أعاني من رهاب اجتماعي واضطرابات وأعيش في جحيم الفشل

  • بواسطة
أعاني من رهاب اجتماعي واضطرابات وأعيش في جحيم الفشل
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام عليكم

عمري 28 سنة، تخرجت من الجامعة صيف 2024، وشاركت في 16 مباراة، منها مباريات عمل، وفشلت في كل هذه المباريات، وأغلبها في الامتحانات الشفوية رغم أنني أتصنف في الامتحان الكتابي. أيضًا أعاني من رهاب اجتماعي شديد بسبب السحر، ولدي اضطرابات اجتماعية، فأنا لا أقدر على الحديث، ولا أقوى على أي شيء، لا أعرف ما أقول وأتلعثم؛ ولهذا لا أدخل في مناقشات.

أحب الحياة وأخاف من الله، والآخرة ترهبني كثيرًا؛ لذلك لا أفكر في الانتحار أبدًا علمًا أن أناسًا أمثالي فكروا في الانتحار، أضف إلى هذا أنني دائمًا أرى في المنام علامات الفشل والضيق والأبواب المسدودة والكآبة.

أتشاجر مع الوالدة كثيرًا ولا أحترمها أبدًا، وهذا -والله- ليس بيدي، فأنا أفقد السيطرة على النفس وأغضب سريعًا، ومؤخرًا تشاجرت مع الوالدة، وعندها غضبت غضبًا شديدًا ومزقت إحدى شهاداتي الدراسية المهمة جدًا (الباكالوريا) بالرغم من هذا فأنا أحبها كثيرًا.

أواظب هذه الأيام على قراءة سورة البقرة أكثر من مرة في اليوم، ليس لدي أدنى صديق ولو في الأحلام، وأجلس لمفردي، وصديقتي التي كنت أحبها عزمتها على الزواج ورفضت، وافترقنا منذ أيام قليلة.

أواظب على الصلاة، ولا أفعل المحرمات ولا الممنوعات، ولا كل ما يغضب الله، والحمد لله، إلا أنني أعيش في الجحيم، جحيم الفشل والأبواب المسدودة والآلام.

هذه حياتي، والحمد لله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الفضفضة إلى من في هذا الموقع عما في نفسك، أعانك الله، وخفف عنك ما أنت فيه مما وصفته (بالجحيم).

قاعدة بسيطة في علم النفس: أن الإنسان يحصّل ما يتوقعه، فالذي يتوقع الفضل فلن يجد أمامه إلا هذا، والذي يتوقع النجاح، فسيجد النجاح ماثلا أمامه أنى اتجه!

هل تستغرب هذا؟
فلبّ الحلّ ليس في الظروف المحيطة، وإنما في داخل أنفسنا، والله تعالى يقول لنا حول هذا في سورة الرعد: {إن الله لا يغّير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم} فمفتاح الحلّ والتغيير ليس بخارجنا وإنما بداخنا.

لقد ذكرت في رسالتك بعض السلبيات التي تراها في نفسك وفي حياتك، ولكن أريد منك الآن أن تمسك بالورقة والقلم، وتكتب قائمة بالإيجابيات الموجودة عندك، وسواء صفات شخصية موجودة فيك، أو ظروف خارجية سخرها الله تعالى لك، وحاول ن تحصي ما استطعت من هذه الصفات، ومن ثم ضع هذه القائمة في مكان تراه كل صباح، فهذا مما يمكن أن يعينك على تصحيح نظرتك لنفسك، لتكون أكثر إيجابية في نفسك وفي توقعاتك.

لقد ذكرت في رسالتك: أنك تخرجت من الجامعة 2024، فيا ترى ما هو فرع دراستك، وهل أنت تعمل؟

عندي توقع أنك ربما ما زلت لم تعمل، وهذا يمكن أن يفسّر سلبية نظرتك لنفسك وللظروف المحيطة، حتى أنه يمكن أن يفسّر عصبيتك وغضبك حتى مع والدتك، والتي من الواضح أنك تحبها كثيرًا، وأنك لا تملك ضبط غضبك. فربما شعورك ببعض الإحباط وخيبة الأمل هي التي تقف وراء هذا الغضب وهذه السلبية، فاحرص من اليوم على العمل على السعي في طلب العمل، إن لم تكن تعمل، فعندما ينشغل الإنسان بعمله واهتماماته، فإنه لا ينظر لنفسه هذه النظرة السلبية.

كيف هي علاقتك بأصدقائك؟ وهل هم من الإيجابيين الذين يجعلونك تشعر بالإيجابية عن نفسك؟، فإذا كانوا كذلك فأكثر من تواصلك معهم، وإلا خفف من هذا التواصل.

أعد ترتيب نمط حياتك اليومي من العبادة، والصلاة، وتلاوة القرآن، والنوم المناسب، والتغذية الصحية المتوازنة، ومارس الرياضة، أو بعض الهوايات التي تعطيك الثقة في نفسك، وستشعر -وخلال فترة قصيرة- بأنك أكثر تفاؤلًا وإقبالًا على الحياة، وكما يُقال: (كن جميلًا ترى الحياة جميلة)

وفقك الله، وشرح صدرك لكل خير، وألهمك صواب الرأي والقول والعمل، ونفع بك عباده.
++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د/ مأمون مبيض استشاري الطب النفسي، وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
+++++++++++++++++++++++++++
مرحبًا بك -أيها الولد الحبيب– في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك حياةً سعيدةً، وأن يرزقك التوفيق لما فيه صلاح دينك ودنياك.

قد أفادك الأخ الفاضل الدكتور/ مأمون بفوائد تنفعك -بإذن الله تعالى– ونزيدُ من الناحية الشرعية أن نقول لك:

إن هذه الحياة التي نحن فيها قدَّر الله تعالى فيها الأقدار وقسَّم فيها الأرزاق بعلمٍ وحكمةٍ، فهو سبحانه وتعالى العليم الحكيم، وهو أرحم الراحمين، أرحم بنا من أنفسنا وآبائنا وأمهاتنا، وهذا يدفعنا للرضا بما يقضيه ويُقدِّره، والثقة في حُسْنِ تدبيره سبحانه وتعالى، وأنه إنما يقضي ما يقضي؛ لأنه المنفعة والمصلحة وإن خفِيَتْ علينا، ومع هذا كله أمرنا سبحانه وتعالى بأن نبذل الأسباب الممكنة مما يجوز لنا فعله، فإن قُدِّر لنا ما نتمنى ونُحبُّ فذاك، وإن لم يُقدَّر لنا فلنعلم يقينًا أن الله عز وجل أراد صرفه عنا لعلمه أن الخير في صرفه، وقد قال جل شأنه في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون}.

إن الرضا بقدر الله تعالى هو سِرُّ السعادة في هذه الحياة -أيها الحبيب– فلا تقلق كثيرًا، ولا تحزن، واعلم أن لك ربًّا يسَّر لك الأمور ورعاك، وساق إليك الأرزاق في لحظات الضعف الشديد وأنت في بطن أمك، وحين خرجتَ طفلاً، فالذي رعاك وأمدَّك في تلك اللحظات سيتولى أمرك فيما يستقبل من الزمن، إنما مطلوب منك يسير من الصبر، وقليل من البذل والأخذ بالأسباب، وستصل إلى ما كتب الله تعالى لك مما فيه خيرك وصلاحك.

تفاءل -كما أرشدك الدكتور مأمون-، فالتفاؤل خير، والنبي -صلى الله عليه وسلم– كان يُحب الفأل، وعليك أن تُحسن ظنك بالله تعالى، فكن دائمًا معتقدًا في قلبك أن الله تعالى سيسوق لك الخير، وأنه سيوفقك، وأنك ستعمل، وستنجح، وستُثمر، وستتزوج، ويكون لك أسرة وبيت.

ظُنَّ بالله تعالى هذه الظنون وستتحقق بإذن اللهِ، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم– يقول في الحديث القدسي، يقول الله تعالى: (أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظُنّ بي ما شاء) وفي رواية: (من ظنَّ خيرًا فله، ومن ظنَّ شرًّا فله).

فأحسن ظنك بالله، واعلم أنه سبحانه وتعالى أهلٌ لكل خير، ومَرْجُوٌّ لكل معروف، وأنه سبحانه وتعالى قديم الإحسان، وأكثر من دعائه وذكره، فإن الذكر مادة حياة القلب وسر صلاحه، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

نوصيك بأن تُحسن وتَبَرَّ بوالديك، وأن تُبالغ في التواضع لأُمِّك، وبادر بالاعتذار إليها مما صدر منك في الماضي، واعلم بأن كلمة (أفٍّ) نهى الله تعالى عنها للوالدين، فكيف بما هو أعظم من ذلك؟

بادر إليها بطلب العفو والمسامحة، وابذل وسعك في بِرِّها والإحسان إليها وإدخال السرور على قلبها، واعلم بأن الطاعات مفاتيح الأرزاق، وأن المعاصي أسباب الحرمان.

خذ نفسك بهذه الطريق، وجاهد في ذات الله تعالى، ستلق النتائج التي تُسعدك وتطمئنك.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يفتح لك أبواب الخير، وأن يأخذ بيدك إلى كل ما يُصلحك.

منقووووووووووول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.