نينوى (العراق) – في تقليد سنوي استمر 3 أيام، تقاطرت وفود الإيزيديين على معبدهم (لالش)، الذي يقع جنوب شرق محافظة دهوك، شمالي العراق، لتعميد محاصيلهم الزراعية، تنفيذا لطقس ديني.
وتزامن ذلك مع توجه رجال الدين، بمعية متطوعين لجمع المؤونة السنوية من الحطب وتخزينها في معبدهم لاستخدامها فيما بعد في الطبخ خلال الاعياد والمناسبات، فضلا عن استخدامها في التدفئة في فصل الشتاء.
وقال الناشط الإيزيدي لقمان سليمان، إن "الإيزيديين لا يمكنهم ان يتخلوا عن جميع مراسمهم وطقوسهم الدينية السنوية، بسبب اجتياح غالبية مناطقهم من قبل تنظيم داعش الإرهابي وقتل وسبي الالاف منهم منذ أكثر من سبعة أشهر".
وأضاف محمود: "مرّت العديد من الأعياد والمناسبات الإيزيدية مرور الكرام بالنسبة لليزيدين أنفسهم، لكن هنالك طقوسا لا تتطلب حضور الآلاف منهم ولابد من إجرائها مهما كانت الظروف".
وكان تنظيم داعش قد اجتاح قضاء سنجار (124 كلم غرب الموصل) الذي يقطنه أغلبية من الكرد الإيزيديين في الثالث من شهر أغسطس/ آب الماضي، قبل أن تتمكن قوات البيشمركة (جيش إقليم شمال العراق) المعززة بغطاء جوي من التحالف الدولي من تحرير الجزء الشمالي من قضاء سنجار وفك الحصار عن الآلاف من العوائل والمقاتلين المحاصرين بجبل سنجار.
وتتحدث تقارير صحفية وناشطون إيزيديون عن قيام التنظيم بارتكاب جرائم بشعة، من قتل وخطف وسبي الآلاف من الإيزيديين المدنيين.
ومضى قائلا إن "معبد لالش (48 كم جنوب شرق دهوك) شهد خلال 3 أيام (تنتهي اليوم) وصول وفود من مختلف القرى والمناطق الايزيدية، حاملين معهم بعضا من خيراتهم للتبرع بها لصالح المعبد، مثل اللبن و"الخبز الرقاق" والبرغل والذبائح، بالإضافة إلى زيت الزيتون، الذي يستعمل لإيقاد القناديل في داخل وأطراف وادي المعبد طوال أيام السنة".
والخبز الرقاق هو خبز رقيق جدا يتم خبزه بتنور طيني، ويمكن تناوله بعد رشه بالماء لأنه خبز جاف.
وقال إن "هذه المراسم يطلق عليها باللغة الكردية "سفرا ماستا"، أي سفرة اللبن، استمرت ثلاثة أيام ويختتم مساء اليوم الأحد، حيث تم تعميد المحاصيل والمنتجات بماء نبع يسمى كانيا سبي (العين البيضاء) الموجودة في وادي المعبد، من أجل أن يحل الخير والبركة بها وعلى أمل ازدهار المحاصيل في الموسم القادم".
وأشار إلى أن "مراسم سفرا ماستا تبدأ وفقا التقويم الشرقي وفي وسط شهر مارس/آذار (الشرقي) الذي يتخلف عن مارس/آذار الغربي بـ 13 يوما".
ولا تزال العديد من الشعوب في الشرق الأوسط تعتمد على التقويم الشرقي الذي يتخلف عن التقويم الميلادي المعروف بـ 13 يوما، وما عدا ذلك فإن أسماء الشهور وعدد أيامها متطابقة بين التقويمين، ولم يتفق المختصين على موعد البدء بالتقويم الشرقي، رغم أن بعضهم يقول إنه تم البدء به في العقد الخامس بعد الميلاد.
وبالتزامن مع "سفرا ماستا" يقوم رجال دين إيزيديون يرافقهم عشرات المتطوعين ولمدة 3 أيام أيضا بجمع مؤونة المعبد السنوية من الحطب مع ترتيل نصوص دينية خاصة بهذا الطقس.
وقال شمو قاسم دناني، مسؤول اللجنة الثقافية بمركز "لالش الثقافي والاجتماعي" (ايزيدي) للأناضول إنه "كتقليد سنوي لدى الإيزيديين، وفي مثل هذه الأيام من كل عام، يقوم الإيزيديون بجمع الحطب من الجبال القريبة والمحيطة بمعبد لالش كمؤونة سنوية ويسمى بالكردية (قول كيشان)".
وأضاف "يتقدم القائمون على هذا العمل، خرتو حجي، البابا شيخ (أعلى مرجعية روحية للإيزيديين) بمعية رجال دين آخرين وعشرات المتطوعين، ويتم ترتيل بعض النصوص الدينية الخاصة خلال عملية قطع الاشجار ونقلها إلى المكان المخصص لها بمعبد لالش".
وبحسب دناني فإنه "يتم قطع الاشجار الذابلة والميتة أو المحترقة فقط، ولا يجوز قطعا المساس بالأشجار السليمة الخضراء، بل انه يتم تشذيبها فقط خلال هذا العمل".
وقال "يتم استخدام الحطب للطبخ لزوار وضيوف المعبد خلال المناسبات الدينية التي تقام بالمعبد، مثل عيد أربعانية الصيف (مطلع شهر أغسطس/آب) وأربعانية الشتاء (يناير/كانون ثان) وعيد الجماعية (الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين أول) وغيرها من المناسبات، كما يتم استخدام الحطب للتدفئة في فصل الشتاء".
وأشار إلى أن "جمع الحطب يتم بمشاركة عشرات المتطوعين الإيزيديين وبإمكان أي شخص يرغب في فعل الخير أن يشارك بهذا العمل السنوي".
وبحسب باحثين، تعد الديانة الإيزيدية من الديانات الكردية القديمة، وتتلى جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينية باللغة الكردية.
والإيزيديون هم مجموعة دينية يعيش أغلب أفرادها قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار شمالي العراق، ويقدر عددهم بنحو 600 ألف نسمة، وتعيش مجموعات أصغر منهم في تركيا، سوريا، إيران، جورجيا، أرمينيا.