التوسل هو : التوسط في الدعاء
والتوسل لغة: هو التقرب إلى الغير بالوسيلة التي تقرب إليه .
التوسل إذن هو محور الخلاف في القول بين من أجازه وبين من منعه
ويطرح سؤال نفسه بشدة لماذا التوسل ؟ ، وهل الدين يخضع للعقل والمنطق ؟
ما فهم ممن يقبلون التوسل الاستعانة بالصالحين من البشر متجهين بهم الى الله سبحانه وتعالى لقضاء حاجات الناس وإجابة الطلبات .
وأريد ان استفهم هل الله سبحانه وتعالى بحاجة الى هذه الواسطة ؟ كيف وهو اقرب الينا من حبل الوريد ؟!
الم يذكر الله سبحانه وتعالى في القران الكريم ( {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (} (البقرة: 186) وقوله – سبحانه -: {ادعوا ربكم تضرعًا وخفية} (الأعراف: 55) وقوله – جلا وعلا -: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} (غافر: 60) وغيرها هل فهم من الايات الكريمة ان الله سبحانه وتعالى يطلب الواسطة لاجابه دعوة عبادة .
فمن فضل الله- تبارك وتعالى – وكرمه أن ندب عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة؛ ففي الحديث: (يقول الله – تعالى -: {أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني} [رواه مسلم]. وفي حديث آخر: {إن الله – تعالى – ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيراً فيردهما خائبتين} [رواه أحمد ].
لم أجد نصا واحدا في القران الكريم او في السنة النبوية الشريفة نصا يطلب الواسطة لقبول الدعاء .
ويذكر في كتب التفسير ان سبب نزول هذه الآية أن جماعة من الصحابة جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه.. أي هل الله قريب منا فنكلمه سرا في مناجاه.. أم بعيد فنرفع أصواتنا فنناديه، فنزلت الآية الكريمة (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ) . وكان بالاحري لو طلبت الواسطة ان تطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه افضل المخلوقات وحتى يرث الله الارض ومن عليها وكذلك هو يوم القيامة
وفي الحديث حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَرَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ الْعَبْدِيِّ , عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " انْطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَخْرَةً فَأَطْبَقَتِ الْغَارَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : تَعَالَوْا فَلْيَنْظُرْ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَفْضَلَ عَمَلٍ عَمَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلْيَذْكُرْهُ , ثُمَّ نَدْعُوا اللَّهَ لَعَلَّهُ أَنْ يُفْرِجَ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَفْطُرَ عَنَّا هَذِهِ الصَّخْرَةَ , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمُ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ فَطَلَبْتُ مِنْهَا نَفْسَهَا , فَقَالَتْ : وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ أَوْ تُعْطِيَنِي مِائَةَ دِينَارٍ , فَطَلَبْتُهَا فَجَمَعْتُهَا مِنْ حَسِّي وَبَسِّي حَتَّى أَتَيْتُهَا بِهَا , فَلَمَّا قَعَدْتُ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ أَرْعَدَتْ وَبَكَتْ , وَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ , وَلا تَفْتَحْ هَذَا الْخَاتَمَ إِلا بِحَقِّهِ , قَالَ : فَقُمْتُ عَنْهَا وَتَرَكْتُهَا لَهَا , فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي تَرَكْتُهَا مِنْ مَخَافَتِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مِنْهَا فُرْجَةً نَرَى السَّمَاءَ , قَالَ : فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْهَا فُرْجَةً فَنَظَرُوا مِنْهَا إِلَى السَّمَاءِ , وَقَالَ الثَّانِي : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ وَكَانَ لِي وَلَدٌ صِغَارٌ وَكُنْتُ أَرْعَى عَلَى أَبَوَيَّ , فَكُنْتُ أَجِيءُ بِالْحِلابِ فَأَبْدَأُ بِأَبَوَيَّ فَأَسْقِيهِمَا ثُمَّ أَجِيءُ بِفَضْلِهِ إِلَى وَلَدِي , وَإِنِّي جِئْتُ لَيْلَةً بِالْحِلابِ فَوَجَدْتُ أَبَوَيَّ نَائِمَيْنِ وَالصِّبْيَةَ يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ , فَلَمْ أَزَلْ بِهِمْ حَتَّى نَامُوا , ثُمَّ قُمْتُ بِالْحِلابِ عَلَيْهِمَا حَتَّى قَامَا وَشَرِبَا ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الصِّبْيَةِ فَسَقَيْتُهُمْ , فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ مَخَافَتِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مِنْهَا فُرْجَةً قَالَ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْهَا فُرْجَةً , وَقَالَ الثَّالِثُ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَجِيرٌ فَأَعْطَيْتُهُ أَجْرَهُ فَغَضِبَ وَذَهَبَ وَتَرَكَهُ , فَعَمِلْتُ لَهُ بِأَجْرِهِ حَتَّى صَارَ لَهُ بَقَرٌ وَغَنَمٌ , فَأَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ , فَقُلْتُ لَهُ : انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَخُذْهَا , قَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تَهْزَأْ بِي , قَالَ : فَقُلْتُ : انْطَلِقْ فَخُذْهَا , فَانْطَلَقَ فَأَخَذَهَا , فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ مَخَافَتِكَ فَأَلْقِهَا عَنَّا , فَأَلْقَاهَا اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ ‘ . هل يدل هذا الحديث على طلب الواسطة في الدعاء فقد توجه كلٌ بعمله الى الله سبحانه وتعالى فاستجاب لهم وفرج عنهم ما هم فيه من كرب .
وفي الحديث القدسي قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك، على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك» الحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفيه الحث على الدعاء والطلب مباشرة من الله سبحانه وتعالى .
وقوله تعالى في سورة النمل (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) رقم
وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ »
(صحيح): البخاري 6321، مسلم 17694، أبو داود 1315، الترمذي 446، ابن ماجة 1366، أحمد 250.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم اصحابة الدعاء والتوجه الى الله مباشرة دون وسيط او الالتجاء الى أحد غير الله
ثانيا هل يخضع الدين الى العقل والمنطق ولقد أجاب على بن ابي طالب كرم الله وجهه بقوله ( لو كان الدين بالعقل لكان مسح باطن الخف بدلا من أعلاه ) .
لو كان الدين بالعقل فلماذا خمس صلوات في اليوم ، لماذا نصلي العصر اربع ركعات ؟
اذن لاوسيلة ولا توسل بأحد من الخلق بل الامر بين الله جل وعلا وبين عبده مباشرة دون ما وسيلة او واسطة .
و الصوفية مشكوك في عقيدتهم كما اننا لانفصل الكاتب عن فكره فعندما يتحدث الصوفي عن الولى فهو لا ينفصل عن رؤيته للولي وعندما يتخذ منه وسيلة للقرب فهو من منطلق عقدي وإيماني يتناقض تماما مع ما ذكرناه ، وكذلك هو الامر بالنسبة للشيعة بالنسبة للإمام عندهم .
اما كونهم قاعدة لتصحيح السلوك البشري في عصر الماديات فأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من تمثل به الاسلام قولا وعملا ووصفه رب العالمين بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ولن يكون أحد من البشر في درجة يقترب فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر ولا العبادة ولا الخلق ( وإنك لعلى خلق عظيم ) . رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى مجتمع الايمان بصحابته الكرام رضوان الله عليهم فكانوا مثالا يحتذى على مر التاريخ وقد مدحهم رب العالمين بقوله ( لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ .
وقد حدثنا التاريخ انهم من حمل هذا الدين وضحى بالغالى والرخيص لنشره وكان تكافل المجتمع المسلم مضربا للمثل في كل وقت فكان هؤلاء هم الادعي للاقتداء بهم وطلب ********ة منهم وهي الملتزمة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " المائدة 3
فلسنا اذن محتاجين اذن من يعطي ديناا جديدا او يضيف عليه
لو كان الانسان يحتاج للوسيلة الى الله لانتفت ********ة في الاسلام ، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل ذلك مباشرة بينه وبين العبد اطلب ما تريد فإن الله سميع الدعاء وبوجود الواسطة تنتفي ********ة المزعومة عند الغير
نحن نعبد الله ونتوجه اليه مباشرة كما علمنا ربنا سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم لاننا نحب الله تعالى ولا نتخذ من دونه اندادا لقوله تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } البقرة 165
نحن نعبد الله لأننا نخاف الله عز وجل ونرجو رحمته ونطمع في مغفرته ونطلب جنته فلسنا نقول اننا نعبد الله حبا به فقط وليس خوفا او طمعا في جنته ، يقول صلى الله عليه وسلم في حديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ »
رواه الجماعة إلاّ البخاريّ و ابن ماجه.
[مسلم (1/288)، أبو داود (1/144)، النسائي (2/25)، الترمذي (5/586)، أحمد (2/168)].
رسول الله يطلب الجنة ويرجو ان يكون صاحب اعلى مرتبة فيها والصوفية لا يطلبون الجنة ويعبدون الله سبحانه وتعالى لاخوفا منه ولا طمعا بجنته !!
والحمد لله رب العالمين