الحدس هو الإحساس الذي ينتابك تجاه أمر ما وكأن منبهاً يخبرك بشيء ما، مثل أن يأتيك حدس بأنك ستفوز بجائزة ويكون كذلك، فالحدس لديك بالفطرة، وهي صفة أولية لا تتطلب صفات أخرى لتكونها أو تبنيها.
أما البصيرة فهي مفهوم أعمق بكثير من مفهوم الحدس، البصيرة هي بعد النظر، هي الرؤية والإبصار بالقلب لا بالعين، فحينما تعمى العين تفقد البصر.. وحينما يعمى القلب تفقد البصيرة.. وكما قال تعالى: فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (الحج 46).
البصيرة صفة تتطلب منك العديد من الصفات لتصل إليها، وهي أن تكون:
1. صادقاً
2. مخلصاً
3. متأملاً
4. تقياً
5. صافي النية
6. لديك حدس تثق به
7. لديه قدرة على تحليل الأمور والربط فيما بينها.
وهذه الصفات السبع من شأنها أن تجعلك بصيراً، وهكذا تترفع لدرجة الحكمة.
نعم، الحدس دائماً يصيب، ولكن هل تفسيرنا له صائب؟ وهل نثق به ولا نشك؟ إن تفسيرنا له هو ما يجعل الأمور ليست كما "شعرنا بها" فنكذب حدسنا، وعندما لا نثق به يضعف حدسنا. نعم نحن بحاجة لأن نشك لأننا بحاجة لوقائع ملموسة وليس مجرد مشاعر، وهذا أمر لابد منه.
لو كنت قد قررت السفر، وجاء حدسك فجأة ودون أي مقدمات ليخبرك ويقول: "أنت لن تسافر"، ولأنك لن تقبل فكرة أنك "لن تسافر ولن تستمتع" فإنك ستكذب حدسك وتبدأ بتفسير الشعور الذي انتابك بأنه ربما هو القلق الذي يسبق السفر وغير ذلك من التفسيرات، ثم تباشر بإجراءات السفر من حجز التذاكر وتجهيز الحقائب، وعند وصولك المطار ولحظة التحقق من صلاحية التذاكر وجواز السفر يخبرك الموظف بأن جواز السفر منتهي الصلاحية ولن يسمح لك بالسفر مع الأسف!!
هكذا يأتي الحدس، وكلما قلت ثقتك به كلما ضمر وضعف، ولا يعني ذلك أن تقعد وتقرر ألا تسافر، ولكن استمع لحدسك ولا تكذبه حتى وإن لم تسافر حقيقة، ليخبرك بما لديه في المواقف اللاحقة.
كل منا لديه حدسه الذي يستشعر به، فمن وثق به نما لديه، ومن لم يثق به ضعف حدسه.. هناك من لديهم حدس تجاه الأحداث السلبية فقط أو الإيجابية فقط وهناك من لديه حدس قوي وهناك من ضمر حدسه.
الفرق بينهما باختصار شديد: الحدس هو أن ترى الموقف وهو غائب عنك، والبصيرة هو أن ترى ما وراء الموقف.