يعمل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز على رفع مستوى التنسيق العسكري مع الجمهورية التركية لتوحيد الجهود خلال الحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن.
وبحث الملك سلمان، اليوم الجمعة، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، آخر المستجدات المتعلقة بعملة "عاصفة الحزم".
وقال أردوغان، خلال الاتصال، إن "تجاهل الحوثيين للاتفاقيات المبرمة، وقرارات مجلس الأمن، واستمرار زحفهم باتجاه المناطق اليمنية، أمر يدعو للقلق… ما يهدد المنطقة برمتها، وإن المجتمع الدولي يترقب التطورات اليمنية بحذر ودقة".
وأعلنت السعودية، في الساعات الأولى من صباح يوم 26 آذار/مارس الجاري، بدء عملية "عاصفة الحزم" العسكرية ضد أهداف للحوثيين في اليمن، استجابة لطلب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بمشاركة الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وقطر، والكويت، إلى جانب مصر، والمغرب، والسودان، والأردن، فيما أعلنت باكستان عن استعدادها للمشاركة.
ولليوم الثاني على التوالي واصلت طائرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية قصف مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، الذين استولوا على السُّلطة في صنعاء، يوم 6 شباط/فبراير الماضي.
وفي وقت سابق، اليوم الجمعة، أعلن أردوغان عن تأييده ودعم بلاده لعاصفة الحزم؛ قائلاً "ندعم تدخل السعودية، ويمكننا أن نفكر بتقديم دعم لوجستي اعتماداً على مجريات الوضع، إذا تطلب الأمر أن نلعب دوراً في هذه العملية".
وأضاف إن "الهدف من هجمات الحوثيين هو الإضرار بوحدة التراب اليمني، وتمهيد الطريق لصراع مذهبي" معتبراً أن صلة هذه الجماعة بطهران تثبت طموحات الإيرانيين.
وفي الوقت الذي أكد فيه محللون أتراك إن الدعم التركي لعاصفة الحزم غير مبن على أسس مذهبية، رفض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم الجمعة، اتهامات أردوغان، لبلاده، بمحاولة الهيمنة على الشرق الأوسط؛ قائلاً "إنه يغذي الصراعات في المنطقة".
ومنذ وصول الملك سلمان إلى سدة الحكم في المملكة، يوم 23 كانون الثاني/يناير الماضي، نشطت الدبلوماسية التركية لإعادة فتح العلاقات مع تركيا، وكان الملك سلمان رسم ملامح تلك العلاقات؛ وعلى رأسها التنسيق العسكري، الذي وقّع عليه حين كان ولياً للعهد، ووزيراً للدفاع، خلال زيارته لأنقرة في أيار/مايو 2024.
وأنهت زيارة أردوغان إلى العاصمة السعودية الرياض، يوم 23 كانون الثاني/يناير الماضي، أعواماً من القطيعة السياسية بين البلدين، على خلفية دعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، ما أثار حفيظة السُّلطات المصرية، وحلفائها؛ حكام السعودية، وأدى إلى تعليق الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية بين البلدين.
ورفعت الرياض خلال الشهور الماضية، مستوى التنسيق العسكري مع أنقرة، وسبق أن ذكرت تقارير إن الملك سلمان، كلف نجله، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، بالاهتمام بشؤون العلاقات مع تركيا.
وفي 19 شباط/فبراير الماضي؛ زار رئيس هيئة أركان الجيش التركي، الجنرال نجدت أوزال، العاصمة السعودية؛ الرياض، في ظل التنسيق للتصدي لتنظيم "الدولة الإسلامية" المتشدد (داعش)، وحضور اجتماع قوات التحالف المشترك ضد التنظيم، الذي حضره أيضاً رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، مارتن ديمبسي، والقائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فيليب بريدلاف، ومسؤولون عسكريون من 20 دولة، بالإضافة إلى التنسيق لتدريب عناصر من المعارضة السورية المعتدلة.
كما استقبل ميناء جدة السعودي، أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، سفينة حربية تركية، ضمن مناورات عسكرية مع دول البحر الأحمر.
وسبق أن عقد الملك سلمان، قمة ثنائية جمعته بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم 2 آذار/مارس الجاري، في الرياض، لبحث آخر التطورات الإقليمية؛ في كل من اليمن، وسوريا، والعراق، وليبيا، ومصر، لمواجهة الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة.
ورغم الخلافات التي يغذيها طموح الدولتَين لقيادة العالم الإسلامي، إلا أن تنامي بعض القِوى الإقليمية؛ وعلى رأسها إيران القريبة، يجعل خصوم الأمس، أكثر ميلاً إلى تنسيق جهودهما، لإدارة أزمات المنطقة، والتصدي لها، الأمر الذي بدا واضحاً في مبادرات أردوغان تجاه المملكة، بعد أن خفتت حدة لهجته، وهو الذي كان يسعى إلى التفرد في صنع القرار، بالنسبة لدول الربيع العربي، ليبحث أخيراً عن دور تشاركي مع السعودية ذات الثقل السياسي والاقتصادي.