الوكيل – علي عبيدات – صار الفيس بوك زادنا اليومي ومن لا تغيب عيوننا عنه طيلة الليل والنهار، ففي المركبة ترى أحدهم يطمئن على صفحته وعلى إعجاب الناس بطروحاته، وترى آخرا يتفقد بريده الخاص وتلك الوجوه الصغيرة التي تضحك وتبكي وترقص وتنفعل (الوجوه التعبيرية) ليكون الفيس بوك معلما بارزا من معالم يومنا وحياتنا.
حلل بعض علماء النفس أن اقبال الناس الكبير على الفيس بوك سببه عدم رضاهم عن واقع حياتهم، فهم منقادون إلى هذا العالم الإفتراضي ليعوضوا بعض النقص في شخصيتهم، وهذا التحليل فقط لمن يمضون أكثر أوقاتهم وهم يتابعون الفيس بوك.
وصل الفيس بوك إلى الأردن – بمفهومه الصحيح – متأخراً ولم يقتنع به الناس في بداية الأمر إلا كموقع لتعارف المراهقين على بعضهم وللمعاكسات وتمضية الوقت، ومع الوقت أدرك الأردنيون أن الفيس بوك أقوى وسيلة تواصل موجودة في العالم التقني، فصارت الشركات والمؤسسات وحتى الجهات الحكومية مجبرة على التعامل مع الناس عبر الفيس بوك لأن المواطن لا يغادر هذا الموقع على مدار الساعة، وكذلك الإعلانات والترويج والاستبيانات واستطلاعات الرأي التي تتم عبر الفيس بوك، ولن ننسى أن الكثير من أنظمة الحكم العربي أسقطها الفيس بوك ورواده، ليكون بهذا أقوى وسيلة تواصل على الإطلاق.
من مشاكل الفيس بوك أن الرقابة عليه شبه مستحيلة، فبوسع الجميع أن ينشأوا حسابات وهمية ويستخدمونها فيما يحبون، وقد سجل مواطنون كثر استيائهم من هذه الحسابات الوهمية، التي أدت إلى الكثير من المشاكل العشائرية أحياناً والزوجية التي شتت الكثير من الأسر.
يرتبط استخدام الفيس بوك الصحيح بشخصية مستخدمه، فالرجل العاقل على أرض الواقع لا يتنكر بحساب وهمي لمعاكسة المراهقات، وكذلك الأستاذ الجامعي الذي يتواصل مع طلابه عبر الفيس بوك، أو مدير الشركة الذي يتواصل مع موظفيه، لكن هذه الفرضيّات مهددة وليست دقيقة مئة بالمئة لأن عالم الفيس بوك عالم غريب ولا يوجد فيه أي قاعدة ثابتة.
سجلت الكثير من حالات الطلاق في الأردن كغيره من دول العالم بسبب الفيس بوك، ولشح الإحصائيات في الأردن لا يسعنا أن نضع أيدينا على رقم دقيق، لكننا نسمع عن الكثير من الحالات التي وقفت أمام المحاكم لأن الزوج فتح حساب زوجته على الفيس بوك واكتشف أنها تتحدث مع رجال غيره في أمور لا تتحدث مع زوجها فيها، وكذلك الزوجة التي سنحت لها الفرصة أن ترى ما يقوله زوجها لصديقاته، لنكون بهذا أمام أزمة حقيقية.
جاء في بعض التقارير العالمية أن شرطة الفيس بوك في إيران أفادت أن ثلث حالات الطلاق في إيران سببها الفيس بوك، والولايات المتحدة التي جاء في احصائياتها أن 66% من حالات الطلاق بسبب الفيس بوك، وألمانيا أيضاً بعد أن استطلع رأي 100 محامٍ من المختصين بقضايا الطلاق لتكون نسبة حالات الطلاق بسبب الخيانات الزوجية في ألمانيا 24% من مجمل حالات الطلاق، فلو قمنا بمسح شامل في الأردن باعتباره بلد مسلم ويمتاز بالمحافظة على العادات والتقاليد، فهل ستكون النسبة عالية مقارنة بالبلدان الغربية المتحررة.
وعلى صعيد استخدام الفيس بوك، جاء في الإحصائيات العالمية أن 33% من صحفات الفيس بوك أنشأت من قبل عزاب يبحثون عن شريك، و2% من هذه الصفحات لتواصل الأصدقاء القدماء، فيما كانت نسبة 30% من هذه الصفحات للبحث عن مغامرات جديدة خارج عش الزوجية.
يبحث بعض الأزواج عن مغامرة جديدة تجعلهم يشعرون بشيء من الإثارة والتغيير، وكذلك بعض المتزوجات فكل من يملك حساب على الفيس بوك يلاحظ مدى حضور المتزوجات اللواتي يحاولن تجديد أيام صباهن عبر النقاشات العاطفية المطولة مع الشبان الغرباء، وباعتبارها في مكان يحافظ على سرية تصرفاتها فبوسعها أن تفعل ما يحلو لها، خصوصاً إن كان اصدقاؤها من خارج البلاد.
أما الزوج، فهو يحاول تمضية الوقت من جهة وتجديد شبابه (على حد قول البعض) من جهة أخرى فأن يتعرف على فتاة عشرينية وهو أربعيني فهذا يعني أنه ما زال جذابا وسيرضى عن نفسه أكثر، وكل هذا يقودنا إلى فتور في علاقة الأزواج وعدم الرضا عن حياتهم الواقعية وانشدادهم لحياة الفيس بوك الإفتراضية ، خصوصا إن كان المستخدم كاذبا في بعض تفاصيل حياته، فمنهم من يقول أنه عازب رغم زواجه ومنهم من يدعي أنه طبيب رغم أنه موظف ومنهم من يضع صورا غير صوره الحقيقة وعنوانا غير عنوانه الحقيقي، ويفيدنا علم النفس في هذا الباب عندما حلل هذا الكذب على أنه تحايل على الذات ومحاولة للرضى عن النفس، فيعيش من يستخدم الفيس بوك بهذه الطريقة في كذبة كبيرة ستصدمه يوماً ما.
يظل السؤال المهم قائماً، ما هو الشيء الجديد الذي سننقاد خلفه بعد الفيس بوك..؟؟