تخطى إلى المحتوى

ضعف منظومة مجلس التعاون نابع من خطأ في النهج

ضعف منظومة مجلس التعاون نابع من خطأ في النهج
قال «الشال» إنه بعد مخاض طويل، سبقه اجتماع تشاوري في جدة، ثم آخر تشاوري في الرياض، قررت قيادات دول مجلس التعاون المضي في عقد اجتماع القمة الدوري في الدوحة في ديسمبر الفائت، وكان البديل إلغاء الاجتماع. خلال ذلك المخاض، بلغ الاحتقان أقصاه في اجتماع جدة بالتهديد باحتمال تجريد قطر من عضويتها في المجلس. وكان لعُمان موقف قاطع بأن ذلك القرار يعني خروجها من عضوية المجلس أيضاً، وكان أن أتفق على تجميد الخلاف وليس حله. وفي اجتماع الدوحة الفائت، وبعد اختصار وقته إلى يوم واحد من دون مبيت، واختصار قراراته على بيان ختامي من دون إنجازات، كان الاختبار في ما بعد الاجتماع هو تخفيف حالة الاحتقان بين أعضائه، وحث قطر على تخفيف حدة التوتر مع مصر.

وبعد 34 سنة على تأسيس مجلس التعاون، لم يكن مضمون الاجتماعات هو مراجعة حصاد اتفاقات مثل الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والعملة الموحدة أو الاتحاد السياسي، وإنما حوار حول استمراره بكامل أعضائه من عدمه. يحدث ذلك، والحرائق محيطة بالمنظومة من كل مكان، في الشمال يشتعل كل من العراق وسوريا، وفي الجنوب يحترق اليمن، والغرب الحليف غيّر موازين تحالفاته في غير مصالحهم، وفي كل دولة ضمنه ما يكفي من مشكلات. والتباعد بين دوله بلغ مرحلة أن يعلن السفير الروسي في البحرين أن بلاده ستزود البحرين بالغاز بحلول عام 2024، وأن يعلن في الكويت بأنها سوف تستورد الغاز الإيراني من خلال أنابيب تحت الماء، ولدى العضو الشريك قطر ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم، وهي أكبر مصدري السائل منه. وحتى ضمن المجموعة المتوافقة بعضها مع بعض، يبدو أنها عاجزة عن التعاون، فالسعودية والكويت عاجزتان عن الوصول إلى حل لاستئناف الإنتاج النفطي البحري في المنطقة المقسومة بينهما.

ومن الناحية النظرية على الأقل، يفترض ألا تحدث خلافات بين تلك الدول، فضغوط الرأي العام الذي يشكل الحكومات ويعزلها في منظومات التعاون الأخرى ويسبب خلافات بين شمال أوروبا وجنوبها مثلاً، غير موجودة. لذلك، يفترض أن يوحدها سهولة اتخاذ القرار. من جانب آخر، يفترض أن تجمعها وتوحدها المخاطر المحيطة بها، أي تجمعها مصلحة البقاء والاستقرار، ولكن لا يبدو أن المصلحة أو المخاطر توحدها. وأصابها مؤخراً مرض مشترك بهبوط كبير في حصيلة إيراداتها بعد فقدان النفط أكثر من 40 في المئة من أسعاره، ولاحقاً ربما ضغوط على إنتاجه، ووفرة المال هي ما جنب دول الفائض ضمنها مشكلات الربيع العربي، ورغم ذلك أدمنت نهجها غير المتعاون. وبقي أن نعرف، أن ضعف المنظومة ناتج من خطأ نهجها، ونأمل في أن تعي بأن مصلحتها ودرء المخاطر عنها لن يتحققا من دون تغيير جوهري في ذلك النهج بما يجمع بقوة في ما بينها، ويجمعها بقوة بشعوبها، فالمستقبل يبدو أكثر صعوبة من الماضي، ولم يعد الخلاف والتشتت خيارا. إنه عام مخيب مضى، بدأ بقطع علاقات بعد إعلان بالعمل على الاتحاد السياسي، اشتعلت فيه الكثير من الحرائق القريبة، وانتهى بأزمة في سوق النفط، وأمل بعام بدأ، ولعل الشعور بالمسؤولية يعوض خيبات الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.