تؤثّر عوامل عدّة في تكوين هوية المراهق وشخصيته، فمن المنزل إلى المدرسة، إلى الأصدقاء إلى المجتمع على المراهق أن يتأقلم مع محيطه ويختار المسار المناسب له ليعزّز هويّته.
تتدرّج الحاجات المهمّة لكل فردٍ بحسب هرم ماسلو من الحاجات الفيزيولوجية إلى حاجات الأمان، إلى الحاجات الإجتماعية إلى حاجة التقدير وصولًا إلى أهم حاجة وهي تحقيق الذات، وتأتي حاجة تكوين الهوية بين هذه الحاجات لتلعب دورًا مهمًّا في حياة الفرد وتكون حجر أساس.
بداية، تعتبر الهوية الجنسية من أول العوامل المؤثرة في الهوية الذاتية للمراهق، فهذا الأخير يرسّخ تعاليمًا خاصة بجنسه في ذهنه بحسب المجتمع الذي يعيش فيه. فعلى سبيل المثال، يطلب المجتمع من الذكور التصرّف باستقلالية وحزمٍ أما المطلوب من الإناث فهو تغليب العاطفة على حساب المنطق واستخدام اللطف، وهذه الصفات عالمية غير متغيرة لأنها مترسّخة في اللاوعي.
وخلال فترة المراهقة تبرز هذه الصفات إلى الواجهة لتؤثّر في تكوين الهوية الذاتية. تجدر الإشارة إلى أنه، وفي المجتمعات المتطورة، باتت صفات الفتاة ممزوجة مع صفات الشاب والعكس صحيح ليصبح هذا الموضوع نسبيًا بحسب الفرد وهذ ما يسمى بازدواجية الهوية الجنسية. والشخص الذي يتمتع بهذه الإزدواجية يتكيف نفسيًا واجتماعيًا أكثر ويتحلى بثقة أكبر بالنفس.
إلى ذلك، تبقى العائلة عاملًا أساسيًا في تكوين الهوية فكلما كان الأهل داعمين للمراهق في مسيرته الحياتية ومصغين له، شعر المراهق بالأمان والطمأنينة والثقة اللازمة لتحدّي كل المصاعب والتعرّف على السبيل القويم.
من ناحية أخرى تلعب المدرسة وعامل النجاح أو الرسوب فيها دورًا أساسيًّا إذ إنّ هذه الإستحقاقات قد تترك بصمتها مدى الحياة. فعندما يلمس المراهق نجاحه في المجال المدرسي وتتكوّن لديه صورة إيجابية عن مهاراته وقدراته، وتزداد ثقته بنفسه والعكس صحيح إلّا في ظروفٍ يجد فيها المراهق بديلًا عن النجاح المدرسي كالتألّق في مجالاتٍ أخرى.
وأخيرًا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المراهقين يمضون عادةً مع أصدقائهم وقتًا أطول من الوقت الذين يمضونه مع أهلهم لذلك يكون التأثّر بالأصدقاء كبيرًا في هذه المرحلة. وهذه العلاقات تفيد المراهق عاطفيًا وإجتماعيًا وتخفّف عنه الشعور بالوحدة لأنه يتقاسم الهواجس نفسها مع أترابه. فتتكوّن هوية المراهق بطريقة أسلم مع تقديرٍ أعلى للذات فالمراهق يعمل على اختيار أصدقائه بطريقةٍ مشابهة لما تربّى هو عليه.
منقول