يستحق ملف مزايدات إعلانات الطرق السريعة ومحافظتي العاصمة وحولي إحالته إلى النيابة العامة لكشف المتورطين في العبث بالمال العام نتيجة خسارة الدولة ملايين الدنانير على مر سنوات طويلة لعدم استطاعة الجهاز التنفيذي في البلدية ضبط هذا الملف وطرحه بطريقة صحيحة وبعيداً عن المخالفات.
أحداث كثيرة مرت على هذا الملف، ليس في عهد وزير البلدية الحالي عيسى الكندري، بل من قبل وزراء سبقوه وكانوا يتهربون من الخوض في هذه القضية باعتبار ان هناك أموالا عامة تضيع على الدولة نتيجة تراخي بعض المسؤولين في البلدية عن أداء مهامهم على أكمل وجه سواء بنية حسنة أم من دونها.
لا شك ان الوزير عيسى الكندري تقع عليه حالياً مسؤوليات كبرى في هذا الملف الذي ينبغي عليه سرعة إيجاد الحلول له لأن كل يوم يمر من دون طرح المزايدة معناه خسارة إيرادات الدولة آلاف الدنانير.
الوزير عيسى الكندري لا يتحمل أخطاء الجهاز التنفيذي، ولكن بصفته الوزير المسؤول عن هذا الجهاز فإنه يتحمل المسؤولية السياسية التي توجب عليه القيام بدوره على أكمل وجه، رغم اصداره قرارا بتشكيل لجنة تحقيق والخروج بتوصيات للحفاظ على المال العام، إلا ان ما جرى بعد ذلك عند طرح مزايدات الطرق السريعة ومحافظتي العاصمة وحولي مؤخراً، يفرض على الوزير ان يحيل الملف بأكمله للإدارة القانونية والتحقيق في أسباب عدم طرح المزايدات بالطريقة السليمة، وحسب توصيات لجنة التحقيق ومن دون الاخطاء التي وردت في مواقع الإعلانات.
عملية ترقيعية
ما يحدث حالياً في مسألة طرح المزايدات مجدداً يعتبر عملية ترقيعية ولن تجدي نفعاً، طالما ان الموظفين أنفسهم وهم من قاموا بطرحها بطريقة غير صحيحة ويعلمون بذلك منذ زمن طويل.
السؤال الذي يفرض نفسه: كيف يتم طرح مزايدات ويعلم المسؤولون عنها ان هناك أخطاء في مواقع الإعلانات، وقد تعود هذه الاخطاء بالضرر على البلدية، خصوصا ان هذه الاخطاء فيها مصلحة للمستثمرين الذين يفوزون بهذه المزايدات من خلال رجوعهم الى البلدية مستقبلاً بطلب التعويضات، وعدم مخالفتهم كما طلبوا في الاجتماع التمهيدي عندما وضعوا شرطاً بعدم مخالفتهم على المواقع التي يتسلمونها من البلدية وفقاً للاحداثيات المسلمة إليهم.
وهذا الكلام مكتوب ضمن محضر الاجتماع ونشرته القبس سابقاً.
شعار الإصلاح
الإصلاح الحقيقي الذي يرفع شعاره معالي وزير البلدية عيسى الكندري لهذا الجهاز لا يتم بـ«تطييب» الخواطر، والعمل الحكومي لابد ان يكون وفقا للوائح والأنظمة، وهو ما يطالب به الوزير ويكرره باستمرار ويحث المسؤولين في الجهاز التنفيذي، وعلى رأسهم المدير العام المهندس احمد الصبيح ومساعدوه، على تطبيقه ولكن الصمت الرهيب الذي يتم في هذا الملف وعدم إجراء التحقيقات معه لمعرفة المتورطين الذين كانوا وراء خسارة البلدية والبلد ملايين الدنانير في ملف مزايدات الإعلانات طوال السنوات الماضية، أمر غريب، ونتمنى من المسؤولين ايضاح الحقائق حتى لا يكونوا تحت طائلة الشبهات في هذه القضية التي لا نعرف حتى الآن المتورطين فيها.
تهرب المسؤولين
ما يؤرق ويجعل الشك في النفوس هو تهرب بعض المسؤولين المعنيين في متابعة قضية مزايدات الإعلانات، رغم ان لجنة التحقيق المشكلة بقرار من الوزير عيسى الكندري في موضوع المزايدات رسمت خارطة طريق للمعنيين في طرح هذه المزايدات، إلا ان ذلك لم يتم ويجعل ما حصل في إلغاء مزايدة الطرق السريعة وتأجيل مزايدتي العاصمة وحولي واللتين سيتم إلغاؤهما قريباً. لجنة التحقيق المشكّلة من قبل وزير البلدية في موضوع المزايدات، وحسب رأي مدير الإدارة القانونية محمد الجاسر وضعت توصيات تصب في المصلحة العامة، وتحد من احتكار بعض الشركات للسوق المحلي، وتترك المجال مفتوحا أمام كل الشركات المتنافسة بعد تأهيلها للمشاركة في المزايدات التي تطرحها البلدية، مما يعني فاعلية هذا الإجراء في تطوير منظومة الضوابط والشروط بما يتلاءم مع احتياجات الدولة، في ظل زيادة التنافس بين مختلف الشركات العاملة في هذا المجال.
إقرار بالمخالفات
أحد المسؤولين عند سؤاله عن وجود مخالفات في المواقع قبل طرح المزيدات أقر بأنهم يقومون بتسليم الإحداثيات للشركات التي يتوجب عليها الالتزام بالإحداثيات، رغم معرفته بأن المواقع مخالفة للأنظمة، وبعضها مخالف لاشتراطات وزارة الداخلية، فهل بعد ذلك تتم الاستعانة بمثل هؤلاء ليكونوا أعضاء؟!
السؤال الأهم: جميع المسؤولين في بلديات المحافظات يعلمون أن مواقع اللوحات الإعلانية الموجودة حاليا مخالفة، ويقومون بمخالفة الشركات عليها، فلماذا تتم إعادة طرحها بالمزايدة؟
من المسؤول؟
التأخير الحاصل في عدم طرح مزايدتي محافظتي العاصمة وحولي، من يتحمل خسائره..؟ والفريق الذي تم الاتفاق على تشكيله برئاسة مساعد المدير العام لشؤون بلديتي الفروانية والأحمدي المهندس فيصل الجمعة لوضع الحلول لمخالفات مواقع اللوحات في الطرق السريعة، لماذا لم يصدر حتى الآن رغم مرور وقت على طباعة القرار وبانتظار اعتماده؟
لا بد أن نشير الى أن الدولة لا تخسر حاليا من مزايدة الطرق السريعة، لأن البلدية تقوم بالتمديد للشركة المستثمرة حاليا، ولكن خسارة الدولة الحقيقية في أن البلدية لم تقم بتصحيح الأخطاء لهذه المواقع وزيادة عدد اللوحات لتزيد إيرادات الدولة.
لا نتهم أحدا بأنه مسؤول شخصيا عن خسارة الدولة ملايين الدنانير، ولكن يفترض من لجنة التحقيق التي يشكلها الوزير عيسى الكندري أن تُعلن أسماء المتسببين وراء عدم طرح المزايدات بطريقة صحيحة، ويجب فتح ملف الإعلانات بأكمله، على أن يشمل العقود الماضية، التي تم على اثرها لجوء بعض الشركات الى المحاكم، فإن ذلك يضع الريبة في نفوسنا حول هذا الصمت الذي ننتظر أحدا من المسؤولين، سواء وزير البلدية او مديرها العام بالرد علينا ووضع النقاط على الحروف لإغلاق ملف خسائر البلاد ملايين الدنانير.
نعلم أن مدير البلدية م. أحمد الصبيح كان بإجازة خاصة عند طرح مزايدة الطرق السريعة التي تم إلغاؤها، ولكن هذا لا يعفيه من مسؤولية التحقيق حاليا في ما حدث، ومن المسؤول عن الأخطاء من خلال إحالة الأمر الى الإدارة القانونية، باعتباره رئيس الجهاز التنفيذي، مع تأكيدنا على أن وزير البلدية والمدير العام لا يتحملان مسؤولية الأخطاء التي تمت، ولكن عدم قيامهما بواجبهما في إحالة الأمر الى النيابة في المزايدات الثلاث هو ما يحيرنا!
ورغم وجود معلومات عن قيام الوزير بتشكيل لجنة تحقيق حول مخالفات الطرق السريعة فهذه لن تجدي نفعا، لأن الموضوع أكبر من الطرق السريعة، ويجب أن يكون ملف التحقيق متكاملاً في جميع المزايدات، وكما قلنا سابقا، ان يشمل التحقيق في العقود السابقة، لأن القضية ليست وليدة الساعة، بل لها سوابق!