تخطى إلى المحتوى

هل البكاء والشكوى لأمي عند المشاكل والابتلاء يعارض الرضى والصبر على قضاء الله؟

هل البكاء والشكوى لأمي عند المشاكل والابتلاء يعارض الرضى والصبر على قضاء الله؟
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أولاً: بارك الله لكم وفيكم على هذا الموقع المفيد والرائع، وجزاكم خير الجزاء.

ثـانياً استشارتي هي: عندمـا يحدث لي شيء سيء أو شيء يضايقني أو أي ابتلاء من الله عز وجل، فـأنا -والحمد لله- أحمد الله كثيراً على ذلك، وأصبر وأعلم بيقين وبحسن ظن بربـي أنه عز وجل سوف يجزيني خيرا علي صبري هذا، وحمدي له علي أي ابتلاء أو أي شيء سيء يحدث لي، ولكنني -وللأسف- عصبية جداً، وأغلب الأوقات أكتم ما يحزنني ويضايقني في داخلي ولا أحدث به أحدا، وهذه العصبية دائما ما تسبب لي تعبا جسمانياً، فلذلك أحياناً عندما أغضب من شيء، أو يضايقني، بالرغم من حمدي لله وبكامل رضاي علي كل شيء قدره الله تعالى لي، ومن كل قلبي، فلا أرتاح إلا إذا كسـرت شيئا أو صرخت بصوت عال جدا، في حال عدم وجود أحد معي بالبيت، وأيضاً أصبحت أقوم بالضغط على أسناني دائما عندما أتضايق، حتى أنني أصبحت أشعر بألم في أسناني بسبب هذه العادة السيئة!

سؤالي لكم هو: هل هذا يغضب الله تعالى مني؟ مع العلم إني كما ذكرت لكم أكون راضية بكل شيء -والحمد لله-، وأعلم بيقين وبحسن ظن أن الله تعالي سيعوضني خيراً فيما بعد، فهل عندما أقوم بأي شيء مما ذكرت، هل هذا يعتبره الله عز وجل عدم رضى أو سخط أو شيء من هذا القبيل؟ وهل بهذه الطريقة لا أجزى على صبري؟

وأيضاً أحياناً أبكي وأفضفض لأمي وأقول لها: أنا متضايقة من كذا وكذا، فهل هذا أيضا يعتبر شكوى لها؟ وهل هكذا لا أعتبر غير صابرة لأنني أشكو مثلاً؟ علماً بأني إذا حدثتها لم يكن بنيتي أن أشتكي، ولكن نيتي أن أفضفض عما بداخلي لأحد يحبني مثل أمي حتى أرتاح ولو قليلاً.

وجزاكم الله خيراً وبارك لكم وفيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يخفف عنك ما آلمك، وأن يعفو عنا وعنك، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية:

أولا: إننا نستشعر جيدا ما أنت فيه من ضيق وهم وألم، وندرك أن الغضب وسيلة قد تخرج المرء عن طوره، أو قد تجعله يفعل ما لا يرضاه ولا يريده، ونسأل الله أن يعفو عنا جميعا.

ثانيا: اعلمي -أختنا الفاضلة- أننا نعيش في هذه الحياة الدنيا وهي مجبولة على الكدر والابتلاء، وأي زعم بأن بيتا خاليا من المشاكل هو قول نظري لا صلة له بالواقع، فما من بيت إلا وفيه هم أو غم، أو مشاكل من أي نوع، تلك -أختنا- طبيعة الحياة التي أوجدنا الله فيها:

جبلت على كدر وأنت تريدها ،،، صفواً من الأقدار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها ،،، متطلبٌ في الماء جذوة نار
فالعيش نوم والمنية يقظة ،،، والمرء بينهما خيال سار
وإذا رجوت المستحيل فإنما ،،، تبني الرجاء على شفير هار

وعليك أن تدركي أنه ليس ثمة أحد في الحياة ناج من ذلك، لكن البلاء يتنوع من حال إلى حال، فمن الناس من يبتلى بالمرض، ومنهم من يبتلى بالفقر، ومنهم من يبتلى بالزوج، ومنهم من بتلي بالتضييق عليه، المهم أن كل فرد يأخذ قدرا من البلاء، والملاحظ أن الجميع يعتقد -كل على حدة- أن بلاءه أكبر وأشد وأشق وأعظم بلاء، لكنه إذا رأى بعين الحقيقة عظم ما يقع فيه الناس لهان عليه مصابه.

ثالثا: لا يعد ما قمت به من أفعل أو أقوال سخط على الله عز وجل ما دمت راضية بقضاء الله، مدركة أن الله لا يقدر لعبده إلا الخير، وأما حديثك إلى أمك بالصفة التي ذكرتها فلا يعد معصية، ونسأل الله أن يعافيك من كل مكروه.

رابعا: قد ذكر أهل العلم علاجا للغضب نجمله في يلي:

1- العلم بأن الغضب نفخة من نفخات الشيطان الرجيم، لِيُهَيْجَ العبد فيقع فيما لا تحمد عقباه، وعليه فورا أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

2- الاجتهاد وتعويد النفس على الحِلْمِ والصبر، وتدريبها على ذلك، يقول – صلى الله عليه وسلم -: (وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ).

3- لزوم الصمت عند الغضب، فقد قال – صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ).

4- الوضوء: قال – صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ).

5- تغيير الهيئة من القوة إلى الضعف، فإن كان قائماً فليجلس، وإن كان جالساً فليضطجع، فإن غلبه الغضب وعلم أنه إذا بقي في مكانه استمر غضبه، ونشط شيطانه، فعليه أن يفارق المكان الذي هو فيه إلى مكان تهدأ فيه نفسه، قال أبو الأسود كان أبو ذر – رضي الله عنه – يسْقِي عَلَى حَوْضٍ لَهُ فَجَاءَ قَوْمٌ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يُورِدُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ، وَيَحْتَسِبُ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِهِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا؛ فَجَاءَ الرَّجُلُ فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْحَوْضَ فَدَقَّهُ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ قَائِماً فَجَلَسَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ لِمَ جَلَسْتَ ثُمَّ اضْطَجَعْتَ؟ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ لنَا: (إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلاَّ فَلْيَضْطَجِعْ).

6- كثرة الدعاء أن يرزقك الله الحلم، وكلمة الحق في الغضب والرضا، فقد كان من دعائه – صلى الله عليه وسلم -: (وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ).

7- قراءة سير من ابتلوا فصبروا، وأُغضبوا فكظموا، وأُوذوا فَحَلِمُوا، وأعظم سير هؤلاء سيرة النبي الكريم – عليه الصلاة والسلام – فخير الهدي هديه – صلى الله عليه وسلم -، ثم سيرة أتباعه الكرام ومن جاء بعدهم من أهل مكارم الأخلاق، ومعادن طيب الفعال، وكريم الخصال، قال أنس بن مالك – رضي الله عنه -: (كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ – أي نوع من الثياب يصنع بنجران حافته غليظة – فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ؛ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النبي – صلى الله عليه وسلم -، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ).

نسأل الله أن يعفو عنك وأن يصرف عنك كل مكروه، والله الموفق.

منقووووووووووول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.