الكذب .قناع يسقط عند أول حقيقة

خليجية

كذبة بيضاء نلونهّا بصبغة تجميلية لنُزيل عنها صفة" الكذب" فتتحوّل الى قناع يخفي تحته حقيقة مصنوعة من خيوط الواقع والخيال، فتضيع في عالم لم يعدّ يتسّع لمعادلة إزدواجية…صراع الضمير بين الحقائق والاوهام.

دوافع كثيرة تدفع بالشباب للكذب، لكن الغاية لا تبرر الوسيلة ، فتتحوّل الكذبة الى جرح لا يُنتسى بسهولة. منهم من يطلق عليها" مزحة" او " كذبة بيضاء" او حتى ردة فعل عفوية، لكن تبقى الحقيقة مغايرة لكل هذه الصفات والتعابير…
ويبقى الكذب ذنبا لا مفرّ منه شئنا ام أبينا ذلك. يلجأ البعض الى الكذب لخلق صورة حبذا لو كانت حقيقية، في حين يرى البعض فيه انه وسيلة للهروب من ذنب إقترفه، ومهما تعددت الاسباب إلا ان النتيجة اقوى من كل الردود التي قد تخلفها "الكذبة" فتضعك في " ساحة مفتوحة الجبهات".
هو يكذب خوفا من أن يجرحها، هي تكذب خوفا من ان تخسره…عبارات يرددها الشباب كأنها وسيلة دفاعية من أي انفعالات أو ردود فعل غير متوقعة. مواقف الحياة كثيرة نضطر فيها أحياناً للكذب ظناً منا إنه الحل الوحيد للخروج من مآزق ما، وهناك من " يتقنّ" الكذب لدرجة أنه يعالج الكذبة بكذبة أخرى…

الكذب… فن الاتقان

يقول رامي انه " قد يلجأ الى الكذب في حياته لينجو من بعض المواقف المزعجة التي يكون بإمكانه تجنبها عن طريق كذبة صغيرة لتفادي الدخول في نقاش طويل عقيم لن يؤدي الى نتائج. " في حين يرى طارق ان المجاملة مطلوبة ولكن كل شيء ازداد عن حده إنقلب ضده، مشيرا الى ان الكذب الاجتماعي اصبح اكثر خطورة لأنه دخل البيوت من بابها العريض. " ويتابع بالقول:" اننا لسنا مضطرين ان نكذب على انفسنا ونخضع لمن نحتاجهم سواء اقتصاديا او إجتماعيا… انا لا اقبل الكذب حتى لو خسرت حقاً من حقوقي."
اما رنا فترى "أن الكذبة البيضاء يمكن أن تنقذنا من بعض المشاكل التي نحن بغنى عنها، لكن هذا لا يعني في المقابل ان نلجأ اليها يوميا حتى تصبح كعادة طبيعية لا يمكن الاستغناء عنها. المهم ان لا نتخطى الخطوط المعقولة في الكذب بحيث تتحول الكذبة من " مزحة" الى ضرب جنونيّ من شأنه ان يضخم الامور سلبيا."

الكذب… نفسي بإمتياز

تُعرّف المعالجة النفسية جيني أبي نادر الكذب "على انه ردّ فعل لعقدة النقص او الخوف او الحالات النفسية الاخرى. فالكذب لا يمثل صفة او سلوك فطري إذ ان الانسان لا يولد " كاذب" ولكنه يتعلم ممارسة هذا السلوك من البيئة المحيطة به. " ورأت ان:" للكذب دوافع نفسية كثيرة أهمها: الخوف من العواقب، إكتساب الفوائد، تجنب ذكريات مؤلمة، الخيال الخصب ( شرط التمييز بين الخيال الطبيعي والهلوسة)، الحفاظ على المكانة الاجتماعية، حب الظهور والعداء للآخرين.
فظاهرة الكذب ليست سمّة عامة في مرحلة المراهقة وإنما محصورة بمرحلتين أساسيتين حيث تلعب المخيلة الدور الاساسي فيها. وتتمثل هذه المرحلة بنسج الصورة وتصديقها كما يتراءى للاطفال والمراهقين ، فيصدقون ما تنسجه المخيلة والتي تكون بعيدة كل البعد عن الواقع. بحيث تصبح القدرة على التخيل أكبر من نموه الاجتماعي والبيولوجي فيصوّر الاشياء على غير واقعها وحقيقتها.هي ليست كما يُطلق عليها " كذبة بيضاء" هي ببساطة كذبة تخفي وراءها الحقيقة المفروضة. ومهما كانت الاسباب الكامنة وراء الكذب فهي لا تبرر عدم الصدق والمصارحة مع الآخر."
تبقى الاحصاءات رهينة طباع الاشخاص، ويبقى الكذب حالة نفسية او مفهوما اجتماعيا تسرب الى مجتمعاتنا كداء خبيث…هو ليس بمرض خطير لكن ذيوله قد تفتك احيانا بحياة بعض الاشخاص وتضعهم في خانة " الاتهام". ليبقى السؤال الاكبر أيهما تفضل الكذب المتكرر او الحقيقة القاسية وعندها فقط ستضع النقاط الجازمة على سطور حياتك بحلوها ومرّها.
منقول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.