الكنيسة اللاتينية تعترض على قانون مجالس الطوائف الدينية المسيحية

الكنيسة اللاتينية تعترض على قانون مجالس الطوائف الدينية المسيحية

الوكيل – أصدرت المحكمة الكنسية اللاتينية في الاردن بيانا بخصوص ‘مشروع قانون مجالس الطوائف الدينية غير المسلمة لسنة 2024 ‘

اعترضت فيه على مشروع قانون ‘مجالس الطوائف الدينية المسيحية 2024 ‘.

واعتبر البيان أن مشروع القانون فيه ما يعارض الدستور الاردني، وذلك من خلال مادتين من القانون.

وتاليا نص البيان:

لم يكن اعتراض الطوائف المسيحية في الأردن على ‘مشروع قانون مجالس الطوائف الدينية غير المسلمة لسنة 2024′ والذي جرى تعديل مسماه ليصبح ‘مشروع قانون مجالس الطوائف الدينية المسيحية لسنة 2024 ‘ نابعاً من فراغ، بل لأن فيه ما يعارض الدستور الأردني، والأسس التي تقوم عليها وتتبعها محاكمنا الكنسية. وقبل تسليط الضوء على بعض النقاط القانونية الجوهرية يجدر القول أننا لا ننكر سعي الحكومة لتأمينِ حدٍ أعلى من القانون للمواطنين الأردنيين المسيحيين من خلال التأكد من صلاحية المحاكم الكنسية في الأردن وتوفر الشروط اللازمة لتحقيق العدالة. تعترض المحكمة الكنسية على مادتين من القانون المذكور أعلاه:

اولا – المادة 7 من المشروع. وقد نصت على ما يلي:

المادة 7- تختص محكمة البداية النظامية بالنظر في جميع المسائل المنصوص عليها في هذا القانون والفصل فيها اذا لم يكن لأفراد طائفة دينية غير مسلمة محكمة… الخ’.

وهذا يعني ان كل الطوائف التي ليس لديها محكمة يجب ان تُحال جميع مشاكل الاحوال الشخصية لأبنائها الى المحكمة النظامية. عمليا هذا يعني ما يلي:
1- ليس للموارنة وللكلدانوللارمن الكاثوليك وللسريان الكاثوليك وللاقباط الكاثوليك وللاشوريين ولعدد من الطوائف الاخرى محاكم كنسية … ابنائهم يتوجهون الى المحاكم النظامية لطلب بطلان الزواج والطلاق وكل الامور الاخرى الناجمة عن الزواج. طلب التفسيح من زواج غير مكتمل يُقدم الى المحكمة النظامية وليس الى قداسة البابا السلطة الوحيدة في الكنيسة التي تعطي التفسيح منه. وطلب بطلان الزواج لأي سبب كنسي من الاسباب التي سنتها الكنيسة يُقدم الى المحكمة النظامية. وهذا يعني في النتيجة:
أ – ان المحاكم النظامية هي صاحبة اختصاص في امور سر الزواج المقدس، وان السلطة المدنية التي لا سلطة كنسية لها هي التي تمنحها الصلاحية. وهذا ليس فقط تجاوز الخطوط الحمراء للأيمان المسيحي الكاثوليكي ولغير الكاثوليكي ولكنه يعني ايضا تغول المحكمة النظامية على المسيحيين في امور احوالهم الشخصية الناجمة عن سر الزواج المقدس.
ب- كما يعني ايضا ان المحاكم النظامية ستعطي الطلاق المدني لزواجات كنسية، ومن يحصل على الطلاق المدني لا يستطيع ان يتزوج في الاردن زواجا مدنيا لان الاردن لا يوجد فيه أي تشريع للزواجات المدنية.

فهل من مصلحة الأردن ان تفتح الحكومة الباب للطلاق المدني لزواجات كنسية؟ وهل من مصلحة الأردن أن تتدخل من خلال تشريعاتها في ثوابت الإيمان المسيحي الكاثوليكي؟

ثالثا – البند (أ) من المادة 31 يخالف الدستور والثوابت المسيحية الكاثوليكية

مخالف للدستور ويناقض موادّ وردت في المشروع، كما يخالف ما نشأت عليه المحكمة اللاتينية منذ قبل نشأة الاردن.

فالمادة المذكورة: تمنح مجلس الوزراء ‘صلاحية اصدار انظمة لتنفيذ اصول التقاضي والاجراءات لدى المحكمة الكنسية، وهو بذلك يخالف النص الدستوري للبند الثاني من المادة 109 من الدستور. لو اقتصر نص البند (أ) من المادة المذكورة على القول:

‘يصدر مجلس الوزراء الأنظمة اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون’،

أي لو اقتصر على نص عام وشامل، لما كان لدينا أي اعتراض. ولكنه تجاوز ذلك وخالف بوضوح تام النص:

المخالفة الاولى: وهي ان البند الاول من المادة المذكورة يعطي صلاحية التطبيق لمجلس الوزراء إذ نصّ على أنه لمجلس الوزراء ان يصدر الانظمة اللازمة لتنفيذ هذا القانون …

‘ … بما في ذلك … نظام أصول التقاضي وإجراءاته لدى المحكمة ومحكمة استئناف الطائفة الدينية غير المسلمة …’

بينما الدستور يعطي صلاحية التطبيق لمجالس الطوائف الدينية، إذ ورد بوضوح تام في البند الثاني من المادة 109 منه ما يلي:

‘تُطبِّق مجالس الطوائف الدينية الأصول والأحكام المتعلقة بمسائل الاحوال الشخصية التي لا تعتبر من مسائل الاحوال الشخصية للمسلمين الداخلة في اختصاص المحاكم الشرعية على ان تنظم تشريعات هذه المجالس شروط تعيين قضاتها وأصول المحاكمات امامها ‘

اما المخالفة الثانية هي الزام المحاكم الكنسية بتطبيق قانون اصول المحاكمات المدنية بدلا من اصول محاكماتها الكنسية. وهذا يعني ان قوانين محاكمنا التي تسير عليها الكنيسة منذ الفينسنة في العالم كله ويتبعها حالياً مليار و200 الف كاثوليكي اصبحت في مهب الريح تتلاعب بها الحكومة كما تريد، وهذا غير مقبول على الاطلاق.

إن المحاكم الكاثوليكية في الأردن تقوم برسالتها بموجب الإرادة الملكية السامية، وتُسيّر أعمالها استناداً إلى مجلة الحق القانوني الصادرة في عام 1983 والمترجَم إلى اللغة العربية والمُتضمِّن 1752 مادة. كما يتضمن أصول المحاكمات وشروط تعيين القضاة والبيِّنات والشهود والاستئناف وذلك ضمن المواد 1400-1707 وهذا يتطابق ولا يَحيد عمَّا جاء في البند الثاني من المادة 109 من الدستور الأردني التي تنص على ما يلي :’ تُطبق مجالس الطوائف الدينية الأصول والأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية التي لا تعتبر من مسائل الاحوال الشخصية للمسلمين الداخلة في اختصاص المحاكم الشرعية، على أن تنظم تشريعات هذه المجالس شروط تعيين قضاتها وأصول المحاكمات أمامها’

إن القوانين والانظمة والاصول الكنسية الكاثوليكية مجبولة بالايمان المسيحي والتقليد المسيحي عبر مئات السنين. فهي اكثر من قوانين وانظمة واصول: انها تُعبِّر عن الايمان في كل الامور المتعلقة بالأحوال الشخصية وبالمشاكل التي تنشأ بين المؤمنين انفسهم، وبينهم وبين الاكليروس، وبين الاكليروسوالاكليروس، وبين الرهبان والرهبان، وهي كلها امور لا مثيل لها في القوانين والانظمة والاصول النظامية.

نتمنى على مجلس الاعيان، وهو المرحلة الاخيرة في المجريات القانونية ليصبح المشروع قانونا يُعمل بموجبه، ان يتجاوب معنا وان يُدرك الاهمية للمادتين المذكورتين من المشروع لكي يجري التعديل على النص فلا يتعرض الوجود المسيحي الى ‘خضّة’ رهيبة تتجاوز الخطوط الحمراء للايمان المسيحي …

أما بالنسبة للطوائف التي ليس لديها محاكم فمن المنطق ان يُحوِّل رئيسها الديني ابناءه المتخاصمين في امور الاحوال الشخصية الناجمة عن سر الزواج المقدس الى المحكمة الكنسية الاقرب اليه من حيث الايمان والتشريع، وهكذا تبقى كل امور الاحوال الشخصية للمسيحيين في اطارها المسيحي، علما بان جميع الكنائس مستقلة في شؤونها التنظيمية والعقائدية، ولا يحق لاية سلطة دينية كانت ام مدنية ان تتدخل بأنظمتها وقوانينها، كما لا يحق ابدا اعتبار المسيحيين وكأنهم ‘طائفة واحدة’، أو ‘كتلة واحدة’ في أمور ذات صلة مباشرة او غير مباشرة بالعقائد والتشاريع المسيحية.

رئيس المحكمة الكنسية اللاتينية

الأب الدكتور جهاد شويحات
بتاريخ: 772014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.