الإيمان بلقاء الله

الإيمان بلقاء الله
"الإيمان بلقاء الله
**********

إلى الله المصير

كل الخلق عائدون إلى الله، وإليه مرجعهم ومآلهم، وهذا ركن أصيل من الإيمان بالله بل هو من أركان الإيمان، فمن أركان الإيمان: الإيمان باليوم الآخر، فقد ثبت أن نبينا لما سأله جبريل عليه السلام -أمام أصحابه مُعلِّمًا لهم-عن أركان الإيمان قال له: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» (رواه مسلم).
مفهوم وأسماء اليوم الآخر في القرآن الكريم
وقد سمي اليوم الآخر لأنه لا يوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم، وقد ورد له أسماء كثيرة في القرآن الكريم تدل على منزلته وعظمته وما يحدث فيه، منها: يوم الواقعة ؛ لتحقق وقوعه ، والخافضة الرافعة ؛ لأنها ترفع قومًا في الجنة و تخفض آخرين في النار ، ويوم الحساب والجزاء والدِّين ، ويوم الحاقة الذي تتحقق فيه أخبار الله تعالى ، ومنها الطامَّة من طَمَّ الشيء إذا غلب ، والصاخَّة ؛ لأن النفخ في الصور يُورث الصممَ ، ويوم الوعيد ؛ لتحقق وعيد الله للكافرين ، ويوم الحسرة ؛ لما يكون فيه من الحسرات والندامات ، ويوم التَّلاق ؛ لأن الجميع يلتقون في مكانٍ واحد ، ويوم الآزفة ؛ لشدة قربه ، ويوم التناد ؛ لما يكون فيه من النداءات فينادي أهلُ الجنة أهلَ النار وأهلُ النار أهل الجنة ، ويوم عقيم ؛ لأنه آخر يوم لا يوم بعده ، والدار الآخرة ، ودار القرار ، والغاشية ؛ لأنها تغشى الناس …إلى غير ذلك من أسمائها.
ما يتضمن الإيمان باليوم الآخر
اليوم الآخر: الإيمان بما بعد الموت
من فِتنة القبر:
وهي سؤال الميت بعد دفنه عن ربه ودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، فيقول: (ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد)، ويُضل الله الظالمين فيقول الكافر: (هاه…هاه لا أدري)، ويقول المنافق أو المرتاب: (لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته).
ومن عذاب القبر ونعيمه:
كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلا تَبْكِي , وَتَبْكِي مِنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : "" إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ , فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ : وَقَالَ ﷺ: مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا إِلا والْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ quot; (رواه أحمد)
فأما عذاب القبر يكون للظالمين والمنافقين والكافرين، وبعض عُصَاة المؤمنين، قال الله تعالى{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } [الأنعام: 93]، وقال تعالى في- آل فرعون{ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } [غافر: 46]، وفي حديث- زيد بن ثابت- عن النبي ﷺ قال: «فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا ، لَدَعَوْتُ اللَّهُ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ» ، ثُمَّ أَقْبَل عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ ، فَقَالَ : «تَعوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ، فَقُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، فَقَالَ : «تَعوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ» ، فَقُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ، قَالَ : «تَعوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» ، قُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، قَالَ : «تَعوَّذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» (رواه مسلم).
وأما نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين قال الله تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } [فصلت: 30] وقال تعالى{ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ٨٣ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ٨٤ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ٨٥ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ٨٦ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٨٧ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٨٨ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ٨٩ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ٩٠ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ٩١ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ٩٢ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ٩٣ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ٩٤ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ٩٥ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة:83 – 96]nbsp; ، وقال ﷺ في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره: «يُنادِي مُنَادٍ من السماء أن صَدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره» (رواه أحمد وأبو داود في حديث طويل).
اليوم الآخر: الإيمان بالبعث
وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة غير منتعلين، عراة غير مستترين، غرلًا (غير مختونين)، قال الله تعالى{ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } [الأنبياء: 104]والبعث: حق ثابت دل عليه الكتاب والسَّنة وإجماع المسلمين. قال الله تعالى{ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ١٥ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } [المؤمنون:15- 16]، وقال النبي ﷺ: « يُحشَر الناس يَوم القِيامة حُفاة غرلًا « (متفق عليه)، وأجمع المسلمون على ثبوته، وهو مقتضى الحكمة حيث تقتضي أن يجعل الله تعالى لهذه الخليقة معادا يجازيهم فيه على ما كلفهم به على ألسنة رُسُلِه. قال الله تعالى{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } [المؤمنون: 115] ، وقال تعالى لنبيه ﷺ { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ } [القصص: 85]
الإيمان باليوم الآخر : الإيمان بالوارد من علامات يوم القيامة وأشراطها
وهي التي تسبق وقوع القيامة وتدل على قرب حصولها، وقد اصطُلح على تقسيمها إلى صغرى وكبرى.
العلامات الصغرى :
وهي العلامات التي تتقدم يوم القيامة – في الغالب -بمدة طويلة، ومنها ما وقع وانقضى – وقد يتكرر وقوعه – ومنها ما ظهر ولا يزال يظهر ويتتابع، ومنها ما لم يقع إلى الآن، ولكنه سيقع كما أخبر الصادق المصدوق – ﷺ -، مثل: بعثة النبي ﷺ، وموته ﷺ، وفتح بيت المقدس، وظهور الفتن، وضياع الأمانة، وقبض العلم وظهور الجهل، وانتشار الزنا والربا، وظهور المعازف، وكثرة شرب الخمر، وتطاول رعاء الشاة في البنيان، وكثرة عقوق الأبناء لأمهاتهم حتى يعاملها كأنه سيدها، وكثرة القتل وكثرة الزلازل، وظهور الخسف والمسخ والقذف، وظهور الكاسيات العاريات، وكثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق، وغير ذلك كثير مما ورد في كتاب الله وسُنَّته ﷺ.
العلامات الكبرى:
وهي أمور عظيمة يدل ظهورها على قرب القيامة وبقاء زمن قصير لوقوع ذلك اليوم العظيم، وهي عشر علامات: الدجال، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوفات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها، والدابة، والنار التي تسوق الناس إلى محشرهم، وهذه العلامات يكون خروجها متتابعا، فإذا ظهرت أولى هذه العلامات فإن الأخرى على إثرها.
اليوم الآخر: الإيمان بما ورد من أهوال يوم القيامة وأحداثها
1- دك الجبال الشاهقة وجعلها ترابا وتسويتها بالأرض. قال تعالى{ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } [النمل: 88] ، وَقال تعالى{ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ٥ فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا } [الواقعة:5- 6] وقال تعالى{ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ } [المعارج: 9]، وقال تعالى { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ١٠٥ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ١٠٦ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا } [طه:105 – 107]
2- انفجار البحار وكونها ستسجر وتتقد؛ فهذه البحار التي تغطي الجزء الأعظم من أرضنا، تفجر في ذلك اليوم، قال تعالى{ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ } [الإنفطار: 3] ، وقال { وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]
3- تبدل الأرض التي يعهدها الناس، وكذلك السماوات، فيبعثون على أرض ليس لهم بها علم أو أثر، قال تعالى{ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [إبراهيم: 48] قال «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النقي، ليس فيها معلم لأحد« (متفق عليه) ، فتصبح بيضاء بلا أي مَعلَم.
4- يشاهد الناس ما لم يعهدوه؛ حيث يرون اجتماع الشمس والقمر؛ فتزداد النفوس قلقا وهلعا: قال تعالى{ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ٧ وَخَسَفَ الْقَمَرُ ٨ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ٩ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} [القيامة:7 – 10]
5- النفخ في الصور وهو نهاية هذه الحياة الدنيا؛ وعندما يأتي ذلك اليوم ينفخ في الصور ، فتُنهي هذه النفخة الحياةَ في الأرض والسماء{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ }[الزمر: 68] ، وهي نفخة هائلة مدمرة، يسمعها المرء فلا يستطيع أن يوصي بشيء، ولا يقدر على العودة إلى أهله وخلانه { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ٤٩ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} [يس:49 – 50] وقال ﷺ «ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا – قَالَ – وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ – قَالَ – فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ» (رواه مسلم)
6-الحشر الذي يكون للخلائق منذ أن خلقهم الله إلى آخر الخلق على أرض المحشر؛ فيجتمعون على تلك الأرض من أولهم إلى آخرهم إنسهم وجنهم وحتى حيواناتهم، قال تعالى{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } [هود: 103] وقال تعالى{ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ ٤٩ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } [الواقعة:49 – 50]
7- أن الناس يحشرون عراة كما خلقهم الله، فلا يلتفتون إلى ذلك من شدة ذلك الموقف الرهيب، وقد تعجبت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-من ذلك؛ فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ (تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا)، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ» (رواه البخاري).
8- اقتصاص المظلوم من الظالم، حتى البهائم، قَالَ ﷺ «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» (رواه مسلم)، وقال ﷺ «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ»(رواه البخاري).
9- دُنو الشمس وقُربها من الناس حتى يغرقوا في عَرقهم بحسب أعمالهم، قال ﷺ: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ، أَمَسَافَةَ الأَرْضِ أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ. قَالَ: فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا، قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ-بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ» (رواه مسلم)
10-حساب الله للناس على أعمالهم، فتتطاير الصُحف وتذهب كل صَحِيفة لصاحبها؛ فآخذ كتابه باليمين، وآخذ كتابه بشماله، ويبقى الناس في حيرة وخوف ووجل؛ حتى تستقر كل صحيفة بيد صاحبها؛ فيستبشر المؤمنون بقرب النجاة عندما تستقر صحفهم بأيمانهم؛ بينما يزداد الكافرون والمنافقون غمًّا إلى غمهم حينما تستقر صحفهم بشمائلهم جزاءً وفاقًا، قال تعالى{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ٢٠ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٢١ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ٢٢ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ٢٣ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ٢٤ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ٢٥ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ٢٦ يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ٢٧ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ٢٨ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } [الحاقة:19 – 29] .
11- ما يصيب الناس من هلع وخوف بحيث لا يسأل المرء عن أحد ولا تهمه إلا نفسه التي بين جنبيه، قال تعالى{ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ } [الشعراء: 88]، وقال تعالى: { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ٣٦ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس:34 – 37] .
اليوم الآخر: الإيمان بالحساب والجزاء
يحاسب العبد على عمله، ويجازى عليه، قال الله تعالى { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ٢٥ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية:25 – 26]وقال{ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [الأنعام: 160] ، وقال تعالى{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء: 47] ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما-أن النبي ﷺ-قال:»إِنَّ اللهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ(ستره) وَيَسْترُهُ: فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ:نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ ، قَالَ : قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ قَالَ: فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادى بِهم على رُؤُوس الخَلاَئِق {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }[هود: 18]» (متفق عليه)، وقد أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء على الأعمال، وهو مقتضى الحكمة فإن الله تعالى أنزل الكتب، وأرسل الرسل، وفرض على العباد الإيمان به وطاعته، وتوعد من لم يطعه ويؤمن به، ويطيع رُسُله بالوعيد الشديد والعذاب الأليم، فلو لم يكن هناك حساب ولا جزاء لكان هذا من العبث الذي يتنزه الله جل وعز عنه، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ٦ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ }[الأعراف:6 – 7]
قيل للحسن البصري : لقد رأينا التابعين أكثر عبادة من الصحابة ، فَبِمَ سبقهم الصحابة ؟ فقال الحسن : هؤلاء يتعبدون والدنيا في قلوبهم والصحابة تعبدوا والآخرة في قلوبهم .
اليوم الآخر: الإيمان بالجنة والنار
وأنهما المآل الأبدي للخلق؛ فالجنة هي (دار النعيم التي أعدها الله للمؤمنين المتقين الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به، وقاموا بطاعة الله ورسوله، مخلصين لله متبعين لرسوله).
فيها من أنواع النعيم «ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر». قال الله تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ٧ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة:7 – 8] وقال تعالى { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [السجدة: 17]، وأفضل نعيمها النظر إلى وجه الله تعالى في الجنة، قال تعالى{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة:22- 23]، قال عز وجل { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26]
فالحُسْنَى: هي الجنة، والزيادة: هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما قال النبي ﷺ: « إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26]» (رواه مسلم).
وأما النار: فهي دار العذاب التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين الذين كفروا به وعصوا رسله، فيها من أنواع العذاب، والنكال، ما لا يخطر على البال. قال الله تعالى{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } [آل عمران: 131]nbsp; ، وقال { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } [الكهف: 29] وقال تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ٦٤ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ٦٥ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} [الأحزاب:64 – 66] ، أهونهم عذابًا -والعياذ بالله-من ذكره ﷺ فقال: « إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَرَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ» (رواه البخاري)
ثمرات الإيمان باليوم الآخر
1-تحقق ركن من أركان الإيمان إذ إنَّ الإيمان بالله لا يتحقق إلا بالإيمان باليوم الآخر، فهو من أركان الإيمان، ولذا أوجب الله علينا قتال من لا يؤمنُ به، قال تعالى { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [التوبة: 29] .
2-الأمن في الدنيا والآخرة قال تعالى{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }[يونس: 62]
3-الوعد بالأجر العظيم ، قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 62]
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لامرأة : أكثري ذكر الموت يرق قلبك.
4-الحث على فعل الخيرات، قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء: 59] ، وقال { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ } [التوبة: 18] ، وقال{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، وقال { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ } [الممتحنة: 6] ،وقال { وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِر } [الطلاق: 2]
قال الحسن رضي الله عنه : من عرف الموت هانت عليه مصائب الدنيا
5-ينهى عن فعل المنكرات: قال ربنا تعالى{ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ } nbsp;[البقرة: 228] ، وقال { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ } [البقرة: 232] ، وقال { لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ٤٤ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة:44- 45]ولذا من لا يؤمن بهذا اليوم لا يتورع عن ارتكاب المحرمات ، ولا يستحيي من ذلك ، { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ١ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ٢ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } [الماعون:1 – 3]
«القلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يسر، ولا يتلذذ، ولا يطيب، ولا يسكن، ولا يطمئن، إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه». (شيخ الإسلامnbsp; ابن تيمية) .
6-تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها، فالجنة هي الفوز العظيم وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، قال تعالى { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [آل عمران: 185]، وقال تعالى { قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ } [الأنعام:15- 16] ، وقال تعالى { وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [الأعلى: 17] .[/

لمعرفه المزيد من هنا . ربى الله

"

قلوب قاسية وقلوب قست بعد الإيمان

قلوب قاسية وقلوب قست بعد الإيمان

قلوب قاسية

عتاة مجرمين .. وقلوب قست بعد الإيمان

************************************************** **

غرق فرعون وهامان وجنودهما وحاشيتهما .. وأدرك اللعين قبحه الله الذى طغى

وتكبر على آيات الله وادعى أنه رب وإله : أدرك أنه عبداً ذليلاً صاغراً ومقهورا من الله

هؤلاء هم الفراعنة الشداد الذين طغواْ فى البلاد فأكثروا فيها الفساد وقد كانوا ذو مجدٍ

عظيم وحضارة عريقة وعلوم فريدة عزّ نظيرها وقلما يوجد مثيلها ..

والتى قال الله عنها :

{كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ }

*************
ملكت بنو اسرائيل هذا المجد و الملك العظيم بعد أن كان مستضعفين فى مشارق

الأرض ومغاربِها ..

فبعد أن كانوا مقهورين من فرعون وهامان وجنودهما يذبحون أبناءهم ويستحون

نساءهم ويسومونَهم سوء العذاب فقد نجاهم الله من الغرق وأنجاهم من فرعون

وعمله وأورثهم كنوزه وأمواله وعيونه وجنانه وكل آثاره ..

*************
سار بِهم نبى الله موسى عليه السلام وأثناء مسيرهم رأوا قوماً عاكفين على عبادة غير

الله يعبدون آلهة من أصنامٍ وأوثانٍ من دون الله .. فقالوا لنبى الله : اجعل لنا إله كما

لهم آلهة .. فوعظهم سيدنا موسى عليه السلام وأمرهم بالهداية وعدم الشرك بالله وذكرهم

بأن الله نجاهم من الغرق وجعلهم ملوكاً تملكوا أمرهم بعد أن كان فرعون وجنده يقومون

بالتنكيل بِهم .. فآبوا وتابوا إلى الله ..

*****
نزلوا طور سيناء وطلبوا المأكل والمشرب .. فأنزل الله عليهم المن والسلوى ليأكلون ..

وضرب لهم سيدنا موسى الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ليشربون .. وأظلهم

الله بالغمام ليتقوا وهج الشمس وحرها

فقالوا لنبى الله : أننا لن نصبر على هذا الطعام الذى يأتينا من السماء .. وطلبوا أن

ينبت الله لهم بقل وقثاء وفوم وعدس وبصل فى هذه الأرض ليأكلوا منها .. فقال لهم

نبى الله : أتستبدلون الرزق الذى يأتيكم من السماء بما هو أدنى .. فأصروا على

ماطلبوا .. فقال لهم اهبطوا مصر وستجدوا ما تطلبون ..

*****
أناب سيدنا موسى عليه السلام أخاه سيدنا هارون فى قومه .. وتفرغ للتوجه للقاء ربه فى

الميقات الذى أمره الله به .. صام ثلاثين ليلة ثم عشر ليال أخرى حتى أكمل الأربعين ليلة ..

*****
أتى إلى القوم رجلاً يدعى السامرى صاغ لهم تمثالاً من حلىٍ على هيئة عجل وجعل له

صوتاً وخواراً فكان يخور كخوار العجل فقال لهم : هذا العجل : إلهكم وإله موسى ..

فصدقوه ولم يكذبوه وعكفوا عليه ليعبدوه .. وعظهم سيدنا هارون عليه السلام وبيّن

لهم طغيانَهم وغيهم والفتنة التى قد تلحق بِهم من جراء اتباعهم لهذا الضلال .. فلم

يثنِهم ما قال وظلوا على عنادهم .. وقالوا سنظل عليه عاكفين حتى يرجع إليهم موسى

من ميقات ربه ..

حاول نبى الله هارون ردعهم فأضمروا له الكيد وأزمعوا على قتله إن لم يتركهم وإلههم

*****
صعد سيدنا موسى عليه السلام إلى جبل طور سيناء لمناجاة ومناداة ربه وهو فى مقام

رفيع ومكانة علية ومرتبة سنية .. أنزل الله عليه الألواح وآيات التوراة لتكون حكماً لهم

ابتهل سيدنا موسى إلى الله فقال : رب أرنى أنظر إليك .. فقال له سبحانه وتعالى إنه لن

يراه وأمره أن ينظر إلى الجبل فإن ظل واستقر فسوف يراه فلما تجلى الله جل سناه

على الجبل جعله دكاً وخرّ موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك .. وتاب إلى الله ..

{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ

إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى

صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ }

********
رجع سيدنا موسى إلى قومه وعلم بالفتنة التى فتنوا بِها وما أضلهم به السامرى ..

عنّف أخيه هارون على تركه للقوم يعبدون غير ربّهم وغضب غضباً شديدا من صنعهم

القبيح وعملهم الذميم .. فطلبوا منه التوبة والغفران .. فقال لهم .. من اتخذ العجل إله

ويريد التوبة إلى الله فعليه أن يقتل نفسه .. وبين لهم أن هذا ما أنزله الله فى التوراة ..

ففسقوا وظلموا وقالوا لنبيهم : أرنا الله ..

فأخذتْهم الصاعقة .. فطلبوا العفو والمغفرة .. فأوحى الله إلى سيدنا موسى : أن يختار

منهم سبعين رجلاً لميقات يومٍ معلوم يأتون فيه بالجانب الأيمن من جبل الطور ..

صاموا ثم توجهوا فى الميقات .. رفع الله الجبل فوق رؤؤسهم كأنه ظلة حتى ظنوا أنه

واقع عليهم فأوحى الله إليهم أن يأخذوا بما أمرهم به نبيهم وأن يقتلوا أنفسهم ليعفو

عنهم ويغفر لهم ..

*****
اختلف القوم فى أمر نفس قتلت ولم يُعرف لها قاتلا .. فاختصموا فيها وأتوا إلى نبى الله

موسى عليه السلام يطلبون معرفة القاتل فأمرهم أن يذبحوا بقرة .. أى بقرة .. فقالوا

له : أتتخذنا هزوا نسألك عن القاتل فتقول لنا اذبحوا بقرة .. فقال لهم : افعلوا ما تؤمرون .

عاندوا وتكبروا ثم أتوا إلى نبى الله ليسألوه عن وصفها فقال لهم .. إنّها بقرة ليست

هرِمة ولا صغيرة بل هى عوان بين ذلك .. فعتوْا وعادوا إلى نبى الله يسألونه : ما

لونُها .. فأجابَهم سيدنا موسى بأنّها بقرة صفراء فاقع لونٌها تسر الناظرين .. عادوا

وهم يقدمون مشيئة الله فقالوا لنبى الله : إن البقر تشابه علينا فاهدنا إليها وإنا إن شاء

الله لمهتدون .. فقال لهم نبى الله : إنّها بقرة لا عيب فيها ليست مذللة للحرث ولا معدة

للسقيا .. فأتوا بِها إليه ..

قال لهم سيدنا موسى اذبحوها .. امتعضوا وترددوا وكادوا أن يمتنعوا عن ذبحها

وكادوا لايفعلون إلا أنّهم آبوا إلى رشدهم وذبحوها .. أمرهم نبى الله أن يأتوا ببعضٍ

من أعضائها وأن يضربوا القتيل بأى جزءٍ من أجزائها .. ففعلوا ما أمرهم نبى الله به

فأحيا الله القتيل وأخبرعن قاتله ثم عاد إلى موته ..

**********
هابوا دخول بيت المقدس للقتال فى سبيل الله ضد الكافرين الذين أبوا وحدانية الله

وقالوا لنبى الله : إن فيها قوماً جبارين فإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ..

وعظهم نبى الله وذكرهم بفضل الله الذى آتاهم ونعمه التى وهبها لهم فقست قلوبُهم

وظلوا على عنادهم وكفرهم وقالوا إذهب أنت وربك ياموسى فقاتلا أما نحن فها هنا

قاعدون ..

وعظهم رجلين صالحين فقالوا لهم توكلوا على الله وسنكون نحن الغالبين إن شاء

الله .. إلا أنّهم أصروا ونكصوا وأطبق عليهم الخنوع والخضوع عن القتال لرفع راية

وحدانية الله ..

دخل نبى الله بمن استجاب منهم وقد أمرهم أن يدخلوا بيت المقدس وهم داعين

ومستغفرين وساجدين لله ولكنهم خالفوا ما أمرهم به نبيهم ورسولهم ..

كتب الله على من قست قلوبُهم أن يظلوا فى الأرض أربعين سنة تائهين هائمين بلا

هدى ولا مقصد لا يعرفون لهم طريقا ولا يعلمون لهم سبيلا ليلا أونَهارا صباحا أو

مساء ليس لهم دار ولا مأوى ولا قرار ..

*******
ومضى زمان وزمان .. كذبوا فيه أنبياء ومرسلين وقتلوا أنبياء آخرين ..

إلى أن أرسل الله إليهم سيدنا عيسى عليهم السلام نبياً ورسولاً .. :

*******
ففى عصر سيدنا زكريا عليه السلام .. نذرت امرأة عمران أن يكون ما فى بطنها محرراً

لله وابتهلت إلى الله أن يتقبل نذرها .. وأتمت حملها ووضعتها وسمّتها مريم وأعاذتْها

بالله من الشيطان الرجيم ..

استجاب الله دعاءها وتقبل نذرها فأنبت الله السيدة مريم عليها السلام نباتاً حسناً

وطهرها سبحانه وتعالى وأظلها بظله وحفظها ورعاها واصطفاها الله على نساءالعالمين

فكفلها سيدنا زكريا عليه السلام .. وشبّت واتخذت محراباً لعبادة ربّها فكانت من الراكعين

والساجدين والقانتين لله .. فأتتها الملائكة وهى فى محرابِها تبشرها بكلمة الله

وهو سيدنا عيسى عليه السلام ..

قالت لها الملائكة عنه : أنه سيكون وجيهاً فى الدنيا والآخرة .. وسيكون من المقربين

لله .. وسيكلم الناس وهو فى مهده وصباه .. وسيعلمه الله الكتاب والحكمة والتوراة

والإنجيل .. وأنه سيكون نبياً ورسولاً إلى بنى قومه وهم بنى إسرائيل ..

اتجهت إلى الله بدعائها تتساءل وهى حزينة متحسرة : كيف يكون لى ولد ولم يمسسنى

بشر .. !!

فأخبرتْها الملائكة بأن الله قد اختارها لتكون هى وابنها آية العالمين .. واصطفاها سبحانه

وتعالى من دون النساء لما قدره وقضاه .. وإذا قضى الله أمراً فإنما يقول له كن فيكون ..

فامتثلت السيدة مريم عليها السلام لما أمر وقضى به الله .. وكتمت ما تشعر به وما ينتابُها

وقالت وكأنّها تكلم نفسها : أنّى وكيف يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغياً .. !!

جاءها النفخ من روح الله .. وأدركت حملها بنبى الله ..

اتخذت مكاناً بعيداً نائياً قاصياً لتحتجب فيه عن الناس ..

جاءها المخاض وهى بجوار جذع النخلة .. تمنت الموت قبل أن تلد ورجَت من الله أنْ

ياليتها لم تكن فى هذه الحياة ..

{ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }

ولدت السيدة مريم بنبى الله عيسى عليهما السلام والملائكة تحوطهما بالرعاية وتكلأهما

بالعناية وجاءها النداء من الله ألا تحزن ولا تأسى على اصطفائها وما وهبهاالله ..

أوحى الله إليها أن تَهز بجذع النخلة وسيتساقط عليها رطباً جنياً سيكون طعاماًوشراباً

لها بأمرٍ من الله ..

أتت إلى القوم وهى تحمل ولدها وقد أوحى الله إليها إذا رأت بشراً أن تصمت عن الكلام

وأن تشير إلى ابنها وهو على كتفها .. فأشارت إليه .. قالوا كيف نكلم من كان فى

المهد صبيا .. فأنطقه الله وتكلم وهو فى مهده وصباه :

{ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ

وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً

بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً }

من القوم : من تيقن وأيقن بما رأى وسمع أن سيدنا عيسى وأمه آية من آيات الله ..

ومنهم : عمت أبصارهم وصمت آذانُهم عما رأواْ وما سمعوا .. هؤلاء كانوا فسقةً

كافرين كانوا فجاراً وأشراراً اتجهوا إلى رمى السيدة مريم بالإفك والباطل والبهتان ..كان

قولهم أثيم وبُهتانُهم عليها عظيم .. هؤلاء قد جثم الشرك على قلوبِهم وأطبق الرجس على

عقولهم .. فلعنة الله عليهم إلى يوم الدين ..

{ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً }

{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ

امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً }

************
شبّ سيدنا عيسى عليه السلام وأرسله الله برسالته وأمره ببلاغ دعوته بوحدانية الله

وبأن لا إله إلا الله ..

آمنت به طائفة نصرته وآزرته .. وكفرت به طائفة : أنكروا نبوته ورسالته .. فدعاهم

إلى الإيمان بالله وعدم الإفتراء على الله وأن لا يشركوا مع الله إله فكذبوه ولم يؤمنوا

بدعوته ..

أتاهم بآيات ومعجزات من الله .. :

فأحيا لهم من كان ميْتاً .. صور لهم الطير ونفخ فيه فكان طيراً .. أبرأ الأعمى فصار

بصيراً .. شفى الأبرص فأصبح معافاً .. : بأمر وإذن من الله .. فاتّهموه بالكذب وقالوا

عنه أنه ساحر ..

أخبرهم بما يأكلون وما يدخرون فى بيوتِهم .. دعا الله لهم بأن ينزل لهم مائدة من

السماء تطمئن بِها قلوبِهم ولتكون عيداً لأولهم وآخرهم .. ولكنهم ظلوا على ضلالهم

وعنادهم ..

وأضمروا له الكيد ونصبوا له الغوائل وعزموا على قتله وهَمّوا بالدخول عليه فرفعه

الله إليه وألقى شبهه على بعضٍ منهم فقتلوه وصلبوه .. فقالوا إفكاً وزورا أنّهم : قتلوا

وصلبوا نبى الله ثم اختلفوا فيما بينهم :

منهم : من قال مثل قولهم بأنّهم : .. قاموا بقتل وصلب نبى الله ورسوله سيدنا عيسى

عليه السلام ..

ومنهم من قال : .. أن ابن الله عيسى كان فينا ثم رفعه الله إليه ..

ومنهم من قال : .. أن الله هو الذى كان بيننا ثم صعد إلى السماء ..

{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

{ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ }

وبعد أن طهر الله نبى الله عيسى عليه السلام ورفعه إليه .. قاموا بالتغيير فى الإنجيل

على عدة أقاويل ما بين زيادة ونقصان وما بين تحريف وتبديل ..

ساء ما يحكمون .. وتعالى الله عما يصفون .. كيف لاينزهون الله مما به يقولون .. ؟ !!

إنه لااجتراء وافتراء .. ..

لقد أطلقوا لبغيهم العنان وقالوا ما قالوا دون برهان ودون علم أو سلطان ..

إنّهم لايرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً وسيظلون يعيثون فى الأرض فساداً فهذا هو ما

قضاه الله فيهم .. فقد قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه ومحكم آياته :

{كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً }

أما الطائفة التى نصرته وآزرته فقد آمنت بما أوحى إليه وما أنزل عليه وأيقنوا أن الله

قد رفعه إليه ..

{ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ }

*************
فيا أخى الكريم :

إن قوم بنى إسرائيل من اليهود والنصارى قد خالفوا ما أمرهم به نبى الله سيدنا موسى

عليه السلام .. قست قلوبُهم من بعد إيمانِهم وأنكروا الفضل الذى أتاهم الله وفضلهم

به على كافة خلق الله .. فأصبحوا قوم بُهت وضلال ..

أرسل الله إليهم أنبياءً آخرين فريقاً كذبوه .. وفريقاً آخر قتلوه ..

أرسل الله إليهم سيدنا عيسى عليه السلام .. رموه بالسحر والباطل وكذبوا بآياته

ومعجزاته ..

أرسل الله إليهم خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. فأنكروه

ولم يصدقوه ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وهم يعلمون .. ولم يؤمنوا بدين الله الذى

أمرهم به رب العالمين ..

*************
أسيظلون جاهلين غير مهتدين للشرك مذعنين وفى الغى والضلال قابعين .. ؟ !

فهؤلاء هم وكل من نَهج نَهجهم وسار على دربِهم .. ظلموا أنفسهم ونسوا الفطرة

التى فطرها الله لهم واشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة وزاغوا

ومالوا عن الهدى والإستقامة ..

لم يعوا أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسله الله رحمة لهم ولكل

العالمين ..

لم يعوا أن رسالة الإسلام قد جاءت من الله نعمة فجحدها الضالين لأنّهم لا يريدون إلا

النقمة ..

جاءت تَهديهم إلى جنة النعيم إلا أنّهم يصرون على العذاب الأليم ..

فألا يستحقون سكنى الجحيم .. ألا يستحقون أن يظلوا فى النار خالدين ..

فمن كفر ليس كمن آمن ومن اجترح السيئات ليس كمن آمن وعمل الصالحات ..

هل يستوى الأحياء مع الأموات .. هل يستوى الأعمى والبصير .. هل يستوى الظل

والحرور .. هل تستوى الظلمات والنور ..

الإيمان برسل الله المعرفين به

الإيمان برسل الله المعرفين به
"الإيمان برسل الله المعرفين به
*******************

لم يخلق الله عباده هملًا، ولم يتركهم سدًى؛ لذلك أرسل لهم رسلًا يعرِّفون به وبجلاله وكماله ويعرِّفون بشرعه، وقد أرسل تعالى من البشر أفضلهم؛ فأرسل كثيرًا من الرسل منهم…نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وختم الرسالة بأفضل الرسل محمد ﷺ، وجعل معهم جميعًا من الآيات الدالة على صدقهم، فبلغوا الأمانة وأدوا الرسالة وعرَّفوا العباد بربهم وخالقهم، فمَن لم يؤمن برسالتهم وصدقهم فلم يؤمن بالله؛ قال تعالى { آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: 285] ؛ إذ هم المبلغون والمرسلون منه سبحانه، ونؤمن بهم جميعًا، قال تعالى{ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } [البقرة: 285]
وأرسل الله تعالى مع الرسل كتبًا لتكون نورًا للبشرية؛ فأرسل مع إبراهيم صحفه، ومع داوود الزبور، ومع موسى التوراة، ومع عيسى الإنجيل، ومع محمد صلوات ربي وسلامه عليه الكتاب المعجز القرآن المجيد؛ قال تعالى {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } [هود: 1]، وقد جعله سبحانه هدى ونورًا وبركة وبرهانًا؛ قال تعالى{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الأنعام: 155]، وقال أيضًا{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } [النساء: 174]
ولقد جعل الله تعالى الإيمان بخاتم الأنبياء والمرسلين وأفضل البشر محمد ﷺ وبرسالته قرين الإيمان بوحدانيته سبحانه وتعالى في كلمة الشهادة “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله”، أرسله تعالى رحمة للعالمين؛ فأخرجهم به ﷺ من الظُلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن الضَّلالة إلى الهِداية والإيمان، فأدى الأمانة ونَصح الأُمة، وكان حَريصًا على أُمته، قال تعالى{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 128]، وأعطى الله نبيه ورسوله ﷺ من الحقوق ما يستحقها؛ فهو خير البشر وسيدهم؛ قال ﷺ: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» (رواه ابن ماجه)
حقوقه نبينا محمد ﷺ
1- الإيمان بأنه عبد الله ورسوله، وأن الله تعالى قد أرسله رحمة للعالمين فبلَّغ الأمانة وأدى الرسالة ﷺ، يقول تعالى{ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} [التغابن: 8] وقال ﷺ: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار» (رواه مسلم).
2- تصديق وقبول ما جاء به ﷺ من ربه تعالى، واليقين بأنه الحق بلغه عن الله تعالى بلا شك أو ريب؛ قال تعالى{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}[الحجرات: 15] ، وقال تعالى { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء: 65]
3- محبته ﷺ؛ قال تعالى{ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } [التوبة: 24] ، وقال ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» (رواه البخاري).
4-توقيره وإجلاله وتعظيمه؛ قال تعالى { لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } [الفتح: 9] وقال أيضًا{ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [الأعراف: 157]
5- محبة ومودة وتقدير أهل بَيتِه ﷺ الذين أسلموا وساروا على سُنَّتهِ، وفَهم وصية نبينا محمد ﷺ، إذ يقول: ""أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي"" (رواه مسلم)، وآل بيته ﷺ هم أشراف الناس كأزواجه وذريته وقَرَابته الذين حُرِّمت عليهم الصَّدقة، لا يجوز انتقاصهم أو سَبِّهم كما لا يجوز ادعاء العِصمة لهم أو دعائهم من دون الله.
6- محبة صَحابَتِه ﷺ الذين آمنوا به وَصَدَّقوه وعدم الخَوض فيهم بسوء، فقد مدحهم الله تعالى .
7- عدم الخوض بسوء في سيرة أصحابه الذين صدقوه وآمنوا به، وهم مَن مدحهم الله تعالى؛ فقال{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ }[الفتح: 29] ، وقال ﷺ فيهم: «لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه» (رواه مسلم)، وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان وعلي رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة؛ قال تعالى{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [التوبة: 100] ، وهؤلاء جميعًا بلَّغُوا عن الرسول ﷺ حتى وصلنا العلم والدين.

لمعرفه المزيد من هنا . ربى الله

"

آثار الإيمان باسم "الوكيل"

آثار الإيمان باسم "الوكيل"

خليجية
ما من عبد من عباد الله ولا مخلوقٍ من مخلوقاته إلا ويكتنفه العجز ويحيط به الضعف وتشمله الحاجة؛ ولذلك فإنه يعتمد في أموره كلّها إلى خالقه ورازقه ومدبّر أموره، واعتماده هذا هو وكالةٌ منه لرب العالمين، وهو سبحانه (الوكيل) عنه، ومع جولةٍ ماتعة حول اسم الله الوكيل……..
آثار الإيمان باسم "الوكيل"

خليجية

لقراءة باقى المقال من هنا
فى حفظ الله
خليجية

الإيمان كمال الإنسانية

الإيمان كمال الإنسانية

الإيـمـان كـمـال الإنسانيـة

لا شك ولا ريب أنَّ الإنسان أوَّل ما يخرج إلى هذا الكون من بطن أمه لا يعلم شيئاً، وقد جعل له تعالى السمع والبصر والفؤاد، فإذا ما كبر وبدأ يُدرك ما حوله وأخذ يتعرَّف إلى الأشياء فيتفحصها ويقلِّبها ويسبر مدى مقاومتها ومدى قوته في التغلُّب عليها وجعل يصدمها بعضها ببعض ليتعرَّف إلى أصواتها وتأثيراتها ببعضها بعضاً، ثم ينمو إدراكه ويبدأ يميِّز فيتطلَّع إلى السماء وما فيها من شمس وقمر ونجوم متلألئة، وينظر إلى الأرض وما عليها من بحار وأنهار وجبال وإنسان وحيوان فيتساءل لماذا تلمع النجوم؟. ومن أين تأتي الغيوم؟. وأين تذهب الشمس في المساء؟. وقد يصل به الأمر فيسأل عن الله تعالى فيقول أين الله؟. حقّاً أين الله!. وقد يذهب بالبعض الحال لأن يسأل هل له عينان فيرى، وهل له آذان فيسمع، أم هل له يد فيبطش، أم هل له رِجلان فيمشي عليهما!. هل له جسم، أم لا؛ فهل يأكل أو يشرب، هل يُرى.. أين هو؟. ما هو الله، ما ماهيته، فهل شاهده أحد؟. حقّاً هل يُشهد ويُرى.. من رآه؟.
ليس السؤال عن الآثار، بل أين هو حقّاً موجود؟!.

أجيبونا بعلم أيها المؤمنون!.

هكذا قال الشاعر الإنكليزي الكبير "ويليام شكسبير"..

كانت تساؤلاته تدور حول ماهية الإله قوله: إذا لم تكن له عينان ويدان ورِجلان ولا يسمع صوته أحد ولا يُرى، فهل هو وهمٌ. نحن نريد أن نعيش بالمحسوس الملموس لا بالأوهام، هل ننكر المحسوس الملموس والواقع لنعيش بتصورات وتخيُّلات.. عندها هَجَرَ الدين. هل نعبد ما لا نرى ولا نسمع.

الإيمان: الإيمان شهود وحقيقة، ودين الإسلام دين حقائق.. الإيمان الحق الشهودي علم نفسي وشهود يقيني تشهده النفس في ذاتها وتعقل الوجود الإلهي في سرِّها فإذا هو حقيقة يقينية مستقرَّة فيها تخالطها وتمازجها ولا تنفكُّ أبداً عنها.
الإيمان حقيقة نفسية معنوية تبدأ شهوداً بالعين لآيات صنع وعظمة منشئ الأكوان ومحيي الكائنات الحية ومميتها، تصل بعدها نفس طالب الإله لأنوار الإله العظيم وتشاهد جماله الساري على الوجود والورود والأزهار والكائنات الفاتنات والتي هي أثر بسيط من جلال جماله تعالى.. فكلُّ روعةٍ وفتنة انعكاس من إمدادات جماله الصاعق. وتشاهد عظمته ووسعته تعالى من خلال عظمة الجبال الشاهقات المستعليات الراسخات ووسعة صنعه بالبحار والسموات.
الإيمان الصحيح لا يأتينا من غيرنا، بل إنما ينبعث في قرارة نفوسنا ويتولَّد في قلوبنا. الإيمان حقيقة معنوية تسري في نفوس طالبي الحق تعالى والحقيقة المجرَّدة والدين الحق.. تسري سريان الكهرباء في الأسلاك والماء في الأغصان والحياة في الأجساد، يُشرق في النفوس فتشعُّ فيها نور المعرفة وعلم اليقين والحياة العلوية السامية المنعكسة على الأجساد فلا شقاء بعدها ولا نكد، لا خوف ولا جبن.. لا ذلة ولا مسكنة، لا خشية في الحق للومة لائم، فكلُّ ما على التراب تراب، لا شهوةً منحطة لها أدنى تأثير على قلبٍ مؤمن إيماناً ذاتياً، بل سموٌّ وعلو، تدلُّ على هذا الإيمان الحق الصفات الحسنة والمعاملات الطيبة الممزوجة بالإنسانية الحقيقية النزيهة المجرَّدة عن الغايات المنحطة وعن المصالح الذاتية والمنافع الدنيوية، كما تدلُّ عليه الأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة التي ترفع شأن المؤمن عند ربِّه وعند الناس، ويشعر به المؤمن في صميمه فيطمئن به قلبه وترتاح به نفسه وتنقشع أمامه الشكوك والشُبَهْ وتنمحي به الظلمات عن القلب فيرى.
العين ترى والقلب يرى.. "العين ترى جمال الدنيا وجمال المراه"، والقلب الخاشع من ذكرى الموت المشاهد لربِّه من آيات صنعه الكونية يرى جلال الله.. عظمة الله.. جمال الله ويستقي بقلبه جمالاً وجلالاً من حضرة الله تتضاءل تجاهه عظمة وجمال وجلال الكائنات المادية بأسرها، فمن شَهِدَ الخالق صَغُرَ المخلوق في عينه؛ فارجع البصر بالآيات كرَّتين يا موقن بلقاء ربِّك ينقلبْ إليك البصر ومشاهداته وهي خاسئة والبصر حسير.
المشاهدة الحقيقية بعين البصيرة لا بعين البصر، والإيمان شهود: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، فمن خافت نفسه على مستقبله وحسب حساب الانتقال ومواراة جسده بالقبر ليسأل نفسه: هل توصَّلَتْ إلى هذا الإيمان الصحيح، وهل هي سلكت وتابعت خطواتهِ ومراحلَه واحدة إثر أخرى من النظر الجدِّي بالموت وما بعده، وبالسماء وآياتها، ثم بالغيوم والرياح والأنهار والجبال… فإن فعلت وصلت وإلاَّ فاستمع لإرشاد أهل الاتصال والوصول بالأصول يُرشدوك.
الإيمان ليس مجرَّد كلام نقله المرء عن الآباء والمعلِّمين والمجتمع نقلاً، بل هو شهود ذاتي وعقل، وما نقله المرء نقلاً ولم يُشاهده فيعقله عقلاً، أي: يشاهده بقلبه، {قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ في قُلُوبِكُم..} سورة الحجرات: الآية (14).): وسيدخل بإذن الله.
فالنقل والإقرار إسلام والشهود بلا إله إلا الله إيمان.. والفرق شاسع والبون عظيم. والله تعالى يُدافع عن الذين آمنوا {..وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنينَ} سورة الروم الآية (47)فإن رمت السمو الإنساني والعلو الأبدي فعليك بسلوك طريق الإيمان الذاتي تربَتْ يداك، إذ الإيمان أساس كلّ خير ولا عمل عالٍ وصالحٍ إلاَّ بالإيمان.
فحذار أن تضيِّع عمرك بدون الإيمان سدى فتخسر بالشيخوخة وبعد الانتقال لعوالم الحقائق غداً. وكفى بالإنسان سموّاً أن يؤمن، إذ الإيمان كمال الإنسانية.

زرع الإيمان لدى الشباب

زرع الإيمان لدى الشباب
اخبار قطر الدوحة المقهى القطري
عند الاهتمام بالشباب يجب أن يتعلموا الحرص على ما ينفع المجتمع ، وأن يساعدهم المجتمع ومعهم العلماء بآرائهم وتوجيهاتهم ؛ للمحافظة على الشباب بصفة خاصة ، وتمكين الإيمان في قلوبهم ، وإعلامهم بأنهم هم المستهدفون من الانجراف مع تيارات أهل الأفكار الضالة ، فلا بد من رعايتهم ، والاهتمام بهم ، والمحافظة عليهم ، بالتحصيل الذي يُنمِّي عقولهم عن الحيد لآراء الآخرين .
كما أن الأطفال في أمسِّ الحاجة إلى الوقاية والرقابة ، وإبعادهم عن النماذج التي تظهر في وسائل الإعلام ، وإرشادهم إلى إعلام سليم يغذي عقولهم ، لما يُمكِّن عوامل الإيمان والمنفعة والخير ، وذلك بتخصيص قنوات جادة وبرامج خاصة في أوقات معينة للأطفال ؛ لتكون قاعدة راسخة لأولئك البراعم ، عِوضًا عما يوجد حاليًّا من القنوات والبرامج الأجنبية ، التي تعطي أطفالنا مفاهيم تبعدهم عما هم مُعدُّون له من مسئوليات عظيمة ، لذا وجب ترسيخ عقيدة الإيمان مع الأمانة ؛ لتكون خطوة يتحولون بها بعد ما يكبرون لينفعوا أنفسهم ومجتمعهم ، وهذا ليس بدعًا في المجتمع الإسلامي ، بل أمرٌ واجب . إلا أنه في كثير من مجتمعات العالم كله ، والغربية منها بصفة خاصة – وهم الذين ضاعوا في متاهات الحياة – نجد أوقاتًا محددة للبث التليفزيوني والفضائي وفي دور السينما للكبار فقط ، ويمنع منها الأطفال والنساء .
كيف يربي الغرب أولادهم ؟
وقد شاهدت هذا بنفسي في ديارهم ، وأوقات بثهم وما يعد فيها مما يغذي العقول تخصص للأطفال خاصة لتنمية ما يريدون في عقولهم ؛ ليرسخ ما يريدونه فيهم ، ونحن المسلمون – مع الأسف الشديد – لا نفعل ذلك ، وفي تعاليم ديننا وشريعة ربنا قاعدة راسخة في ثقافة الطفل إذا أحسن الاختيار ، وتنقية ما يعد للطفل حسب تدرج سنوات عمره ؛ حتى يصير متمكنًا في عقيدته ، وقويًا في كل أمر يعترضه ، وفيما ينفعه وينفع أمته بالشواهد المستدركة لأبناء الإسلام وأعمالهم ؛ حتى يتأثر بهم ، ويعمل مثلما عملوا .
وأما أفلام الرسوم المتحركة الخيالية فهي لا تنمِّي فكرًا ، ولا تؤصل عقيدة أو إيمانًا ، بل لا يوجد فيها ما يحثُّ على الأمانة ، فإن الطفل المسلم في أمسِّ الحاجة إلى أن يُوجَّه إلى ما فيه الخير والنفع ، في البث الموجه لهم ، وبأوقات مخصصة ، ويُحجب عنهم ما يوجه للكبار ، حمايةً لعقولهم من التذبذب والاختلاط ، وفقًا لقاعدة : العلم في الصغر كالنقش في الحجر ، ومتابعة ذلك بأمانة وحرص شديدين ، حتى يكون المخزون الذهني عندهم جيدًا ونافعًا لهم إذا كبروا .
ومن الناحية الشرعية في حال انفصال الزوجين ولهما أطفال ، يجعل القاضي الولاية والحضانة لأسلمهما عقيدة ، وأنفعهما ترضيةً وحرصًا دينيًا رعاية للأمانة على العقول التي هي كنزٌ من عقيدة الإيمان في شريعة الإسلام ، والأمانة على العقول ، التي أساسها العقيدة الصافية والمعرفة السليمة في الدين ، ألزم من الأمانة على الدرهم والدينار ؛ لأن الأساس أمكن وأسلم من الفرائض ، فيجب المحافظة على الأساس أولاً . والأب السوي لا يتمنى لابنه إلا أمثل السبل وأحسنها ؛ لأنه يعتز بذلك ، وهذا من رعايته للأمانة التي هي من الإيمان .
والطفل أثمن جوهرة في عقد الأمة ، فيجب رعايته إذا كنا نريد أجيالاً نافعة صالحة . والمنفعة من هذه الأمور ، التي يحفظ الله بها الفرد والمجتمع ، لا تتم ولا يؤجر عليها الإنسان إلا بالنية الصالحة ، وبالترابط بين الأمن والإيمان ، فكلاهما من مادة أ م ن . ولأهمية هذه المادة فإن هذه المادة ( أ م ن ) ومشتقاتها قد جاءت في كتاب الله – جل وعلا – أكثر من ثمانمائة مرة ، في محكم التنزيل في كتاب الله . وقد رسم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأمته طريقًا من سلكه وسار فيه – كما قلنا من قبل – سلم ونجا ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام ناصحًا ومرشدًا لما فيه الخير والصلاح ، وهو خير معلم وموجه ، عليه الصلاة والسلام .
**************
الكاتب:فضيلة الشيخ/محمد الشويعر
——————————-

حملة السكينة

رابط الموضوع : https://www.assakina.com/news/news1/3…#ixzz3JeMpDqEg

أهمية الإيمان في حياة الإنسان الجزء الأول

أهمية الإيمان في حياة الإنسان الجزء الأول

خليجية

الملتقى الثاني (أهمية الايمان في حياة الانسان) الجزء الأول / محاضرة يلقيها فضيلة الشيخ (عبد العزيز فوزان)

الإيمان بلقاء الله

الإيمان بلقاء الله

الإيمان بلقاء الله

الإيمان بلقاء الله
**********

إلى الله المصير

كل الخلق عائدون إلى الله، وإليه مرجعهم ومآلهم، وهذا ركن أصيل من الإيمان بالله بل هو من أركان الإيمان، فمن أركان الإيمان: الإيمان باليوم الآخر، فقد ثبت أن نبينا لما سأله جبريل عليه السلام -أمام أصحابه مُعلِّمًا لهم-عن أركان الإيمان قال له: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» (رواه مسلم).
مفهوم وأسماء اليوم الآخر في القرآن الكريم
وقد سمي اليوم الآخر لأنه لا يوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم، وقد ورد له أسماء كثيرة في القرآن الكريم تدل على منزلته وعظمته وما يحدث فيه، منها: يوم الواقعة ؛ لتحقق وقوعه ، والخافضة الرافعة ؛ لأنها ترفع قومًا في الجنة و تخفض آخرين في النار ، ويوم الحساب والجزاء والدِّين ، ويوم الحاقة الذي تتحقق فيه أخبار الله تعالى ، ومنها الطامَّة من طَمَّ الشيء إذا غلب ، والصاخَّة ؛ لأن النفخ في الصور يُورث الصممَ ، ويوم الوعيد ؛ لتحقق وعيد الله للكافرين ، ويوم الحسرة ؛ لما يكون فيه من الحسرات والندامات ، ويوم التَّلاق ؛ لأن الجميع يلتقون في مكانٍ واحد ، ويوم الآزفة ؛ لشدة قربه ، ويوم التناد ؛ لما يكون فيه من النداءات فينادي أهلُ الجنة أهلَ النار وأهلُ النار أهل الجنة ، ويوم عقيم ؛ لأنه آخر يوم لا يوم بعده ، والدار الآخرة ، ودار القرار ، والغاشية ؛ لأنها تغشى الناس …إلى غير ذلك من أسمائها.
ما يتضمن الإيمان باليوم الآخر
اليوم الآخر: الإيمان بما بعد الموت
من فِتنة القبر:
وهي سؤال الميت بعد دفنه عن ربه ودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، فيقول: (ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد)، ويُضل الله الظالمين فيقول الكافر: (هاه…هاه لا أدري)، ويقول المنافق أو المرتاب: (لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته).
ومن عذاب القبر ونعيمه:
كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلا تَبْكِي , وَتَبْكِي مِنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : "" إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ , فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ : وَقَالَ ﷺ: مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا إِلا والْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ quot; (رواه أحمد)
فأما عذاب القبر يكون للظالمين والمنافقين والكافرين، وبعض عُصَاة المؤمنين، قال الله تعالى{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } [الأنعام: 93]، وقال تعالى في- آل فرعون{ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } [غافر: 46]، وفي حديث- زيد بن ثابت- عن النبي ﷺ قال: «فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا ، لَدَعَوْتُ اللَّهُ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ» ، ثُمَّ أَقْبَل عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ ، فَقَالَ : «تَعوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ، فَقُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، فَقَالَ : «تَعوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ» ، فَقُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ، قَالَ : «تَعوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» ، قُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، قَالَ : «تَعوَّذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» (رواه مسلم).
وأما نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين قال الله تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } [فصلت: 30] وقال تعالى{ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ٨٣ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ٨٤ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ٨٥ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ٨٦ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٨٧ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٨٨ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ٨٩ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ٩٠ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ٩١ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ٩٢ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ٩٣ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ٩٤ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ٩٥ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة:83 – 96]nbsp; ، وقال ﷺ في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره: «يُنادِي مُنَادٍ من السماء أن صَدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره» (رواه أحمد وأبو داود في حديث طويل).
اليوم الآخر: الإيمان بالبعث
وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة غير منتعلين، عراة غير مستترين، غرلًا (غير مختونين)، قال الله تعالى{ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } [الأنبياء: 104]والبعث: حق ثابت دل عليه الكتاب والسَّنة وإجماع المسلمين. قال الله تعالى{ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ١٥ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } [المؤمنون:15- 16]، وقال النبي ﷺ: « يُحشَر الناس يَوم القِيامة حُفاة غرلًا « (متفق عليه)، وأجمع المسلمون على ثبوته، وهو مقتضى الحكمة حيث تقتضي أن يجعل الله تعالى لهذه الخليقة معادا يجازيهم فيه على ما كلفهم به على ألسنة رُسُلِه. قال الله تعالى{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } [المؤمنون: 115] ، وقال تعالى لنبيه ﷺ { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ } [القصص: 85]
الإيمان باليوم الآخر : الإيمان بالوارد من علامات يوم القيامة وأشراطها
وهي التي تسبق وقوع القيامة وتدل على قرب حصولها، وقد اصطُلح على تقسيمها إلى صغرى وكبرى.
العلامات الصغرى :
وهي العلامات التي تتقدم يوم القيامة – في الغالب -بمدة طويلة، ومنها ما وقع وانقضى – وقد يتكرر وقوعه – ومنها ما ظهر ولا يزال يظهر ويتتابع، ومنها ما لم يقع إلى الآن، ولكنه سيقع كما أخبر الصادق المصدوق – ﷺ -، مثل: بعثة النبيﷺ، وموته ﷺ، وفتح بيت المقدس، وظهور الفتن، وضياع الأمانة، وقبض العلم وظهور الجهل، وانتشار الزنا والربا، وظهور المعازف، وكثرة شرب الخمر، وتطاول رعاء الشاة في البنيان، وكثرة عقوق الأبناء لأمهاتهم حتى يعاملها كأنه سيدها، وكثرة القتل وكثرة الزلازل، وظهور الخسف والمسخ والقذف، وظهور الكاسيات العاريات، وكثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق، وغير ذلك كثير مما ورد في كتاب الله وسُنَّته ﷺ.
العلامات الكبرى:
وهي أمور عظيمة يدل ظهورها على قرب القيامة وبقاء زمن قصير لوقوع ذلك اليوم العظيم، وهي عشر علامات: الدجال، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوفات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها، والدابة، والنار التي تسوق الناس إلى محشرهم، وهذه العلامات يكون خروجها متتابعا، فإذا ظهرت أولى هذه العلامات فإن الأخرى على إثرها.
اليوم الآخر: الإيمان بما ورد من أهوال يوم القيامة وأحداثها
1- دك الجبال الشاهقة وجعلها ترابا وتسويتها بالأرض. قال تعالى{ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } [النمل: 88] ، وَقال تعالى{ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ٥ فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا } [الواقعة:5- 6] وقال تعالى{ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ } [المعارج: 9]، وقال تعالى { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ١٠٥ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ١٠٦ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا } [طه:105 – 107]
2- انفجار البحار وكونها ستسجر وتتقد؛ فهذه البحار التي تغطي الجزء الأعظم من أرضنا، تفجر في ذلك اليوم، قال تعالى{ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ } [الإنفطار: 3] ، وقال { وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]
3- تبدل الأرض التي يعهدها الناس، وكذلك السماوات، فيبعثون على أرض ليس لهم بها علم أو أثر، قال تعالى{ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [إبراهيم: 48] قال «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النقي، ليس فيها معلم لأحد« (متفق عليه) ، فتصبح بيضاء بلا أي مَعلَم.
4- يشاهد الناس ما لم يعهدوه؛ حيث يرون اجتماع الشمس والقمر؛ فتزداد النفوس قلقا وهلعا: قال تعالى{ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ٧ وَخَسَفَ الْقَمَرُ ٨ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ٩ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} [القيامة:7 – 10]
5- النفخ في الصور وهو نهاية هذه الحياة الدنيا؛ وعندما يأتي ذلك اليوم ينفخ في الصور ، فتُنهي هذه النفخة الحياةَ في الأرض والسماء{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ }[الزمر: 68] ، وهي نفخة هائلة مدمرة، يسمعها المرء فلا يستطيع أن يوصي بشيء، ولا يقدر على العودة إلى أهله وخلانه { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ٤٩ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} [يس:49 – 50] وقال ﷺ «ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا – قَالَ – وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ – قَالَ – فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ» (رواه مسلم)
6-الحشر الذي يكون للخلائق منذ أن خلقهم الله إلى آخر الخلق على أرض المحشر؛ فيجتمعون على تلك الأرض من أولهم إلى آخرهم إنسهم وجنهم وحتى حيواناتهم، قال تعالى{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } [هود: 103] وقال تعالى{ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ ٤٩ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } [الواقعة:49 – 50]
7- أن الناس يحشرون عراة كما خلقهم الله، فلا يلتفتون إلى ذلك من شدة ذلك الموقف الرهيب، وقد تعجبت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-من ذلك؛ فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ (تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا)، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ» (رواه البخاري).
8- اقتصاص المظلوم من الظالم، حتى البهائم، قَالَ ﷺ «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» (رواه مسلم)، وقال ﷺ «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ»(رواه البخاري).
9- دُنو الشمس وقُربها من الناس حتى يغرقوا في عَرقهم بحسب أعمالهم، قال ﷺ: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ، أَمَسَافَةَ الأَرْضِ أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ. قَالَ: فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا، قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ-بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ» (رواه مسلم)
10-حساب الله للناس على أعمالهم، فتتطاير الصُحف وتذهب كل صَحِيفة لصاحبها؛ فآخذ كتابه باليمين، وآخذ كتابه بشماله، ويبقى الناس في حيرة وخوف ووجل؛ حتى تستقر كل صحيفة بيد صاحبها؛ فيستبشر المؤمنون بقرب النجاة عندما تستقر صحفهم بأيمانهم؛ بينما يزداد الكافرون والمنافقون غمًّا إلى غمهم حينما تستقر صحفهم بشمائلهم جزاءً وفاقًا، قال تعالى{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ٢٠ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٢١ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ٢٢ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ٢٣ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ٢٤ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ٢٥ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ٢٦ يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ٢٧ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ٢٨ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } [الحاقة:19 – 29] .
11- ما يصيب الناس من هلع وخوف بحيث لا يسأل المرء عن أحد ولا تهمه إلا نفسه التي بين جنبيه، قال تعالى{ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ } [الشعراء: 88]، وقال تعالى: { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ٣٦ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس:34 – 37] .
اليوم الآخر: الإيمان بالحساب والجزاء
يحاسب العبد على عمله، ويجازى عليه، قال الله تعالى { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ٢٥ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية:25 – 26]وقال{ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [الأنعام: 160] ، وقال تعالى{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء: 47] ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما-أن النبي ﷺ-قال:»إِنَّ اللهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ(ستره) وَيَسْترُهُ: فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ:نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ ، قَالَ : قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ قَالَ: فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادى بِهم على رُؤُوس الخَلاَئِق {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }[هود: 18]» (متفق عليه)، وقد أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء على الأعمال، وهو مقتضى الحكمة فإن الله تعالى أنزل الكتب، وأرسل الرسل، وفرض على العباد الإيمان به وطاعته، وتوعد من لم يطعه ويؤمن به، ويطيع رُسُله بالوعيد الشديد والعذاب الأليم، فلو لم يكن هناك حساب ولا جزاء لكان هذا من العبث الذي يتنزه الله جل وعز عنه، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ٦ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ }[الأعراف:6 – 7]
قيل للحسن البصري : لقد رأينا التابعين أكثر عبادة من الصحابة ، فَبِمَ سبقهم الصحابة ؟ فقال الحسن : هؤلاء يتعبدون والدنيا في قلوبهم والصحابة تعبدوا والآخرة في قلوبهم .
اليوم الآخر: الإيمان بالجنة والنار

وأنهما المآل الأبدي للخلق؛ فالجنة هي (دار النعيم التي أعدها الله للمؤمنين المتقين الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به، وقاموا بطاعة الله ورسوله، مخلصين لله متبعين لرسوله).
فيها من أنواع النعيم «ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر». قال الله تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ٧ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة:7 – 8] وقال تعالى { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [السجدة: 17]، وأفضل نعيمها النظر إلى وجه الله تعالى في الجنة، قال تعالى{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة:22- 23]، قال عز وجل { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26]
فالحُسْنَى: هي الجنة، والزيادة: هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما قال النبي ﷺ: « إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26]» (رواه مسلم).
وأما النار: فهي دار العذاب التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين الذين كفروا به وعصوا رسله، فيها من أنواع العذاب، والنكال، ما لا يخطر على البال. قال الله تعالى{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } [آل عمران: 131]nbsp; ، وقال { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } [الكهف: 29] وقال تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ٦٤ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ٦٥ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} [الأحزاب:64 – 66] ، أهونهم عذابًا -والعياذ بالله-من ذكره ﷺ فقال: « إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَرَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ» (رواه البخاري)
ثمرات الإيمان باليوم الآخر
1-تحقق ركن من أركان الإيمان إذ إنَّ الإيمان بالله لا يتحقق إلا بالإيمان باليوم الآخر، فهو من أركان الإيمان، ولذا أوجب الله علينا قتال من لا يؤمنُ به، قال تعالى { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [التوبة: 29] .
2-الأمن في الدنيا والآخرة قال تعالى{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }[يونس: 62]
3-الوعد بالأجر العظيم ، قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 62]
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لامرأة : أكثري ذكر الموت يرق قلبك.
4-الحث على فعل الخيرات، قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء: 59] ، وقال { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ } [التوبة: 18] ، وقال{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، وقال { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ } [الممتحنة: 6] ،وقال { وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِر } [الطلاق: 2]
قال الحسن رضي الله عنه : من عرف الموت هانت عليه مصائب الدنيا
5-ينهى عن فعل المنكرات: قال ربنا تعالى{ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ } nbsp;[البقرة: 228] ، وقال { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ } [البقرة: 232] ، وقال { لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ٤٤ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة:44- 45]ولذا من لا يؤمن بهذا اليوم لا يتورع عن ارتكاب المحرمات ، ولا يستحيي من ذلك ، { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ١ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ٢ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } [الماعون:1 – 3]
«القلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يسر، ولا يتلذذ، ولا يطيب، ولا يسكن، ولا يطمئن، إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه». (شيخ الإسلامnbsp; ابن تيمية) .
6-تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها، فالجنة هي الفوز العظيم وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، قال تعالى { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [آل عمران: 185]، وقال تعالى { قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ } [الأنعام:15- 16] ، وقال تعالى { وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [الأعلى: 17] .[/

طرق تحصيل الإيمان وزيادته

طرق تحصيل الإيمان وزيادته

طرق تحصيل الإيمان وزيادته


الإيمان كمال العبد وبه ترتفع درجاته في الدنيا والآخرة، وهو السبب والطريق لكلِّ خير عاجل وآجل، ولا يحصل ولا يقوى ولا يتم إلَّا بمعرفة ما منه يستمد؛ فإنَّه يحصل ويقوى ويزيد بأمور كثيرة، منها:

** معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة، والحرص على فَهْم معانيها، والتعبُّد لله بها، قال الله -عزَّ وجل-: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلَّا واحدًا من أحصاها؛ دخل الجنة) أي: من حفظها، وفَهِم معانيها، واعتقدها، وتعبَّد لله بها، فَعُلِم أنَّ ذلك أعظم ينبوع الإيمان ، ومادة لحصوله وقوته وثباته.

** تدبُّر القرآن على وجه العموم، فإنَّ المتدبر لا يزال يستفيد من علوم القرآن ومعارفه ما يزداد به إيمانًا.

** معرفة أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وما تدعو إليه من علوم الإيمان وأعماله.

** معرفة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعرفة ما هو عليه من الأخلاق العالية والأوصاف الكاملة، فإنَّ من عرفه حق المعرفة؛ لم يَرْتَبْ في صدقه وصدق ما جاء به من الكتاب والدِّين الحق.

** التفكُّر في الكون، والنظر في نفس الإنسان وما هو عليه من الصفات، كذلك النظر إلى فقر المخلوقات كلِّها واضطرارها إلى ربها من كلِّ الوجوه، وأنَّها لا تستغني عنه طرفة عين، وذلك يوجب العبد كمال الخضوع، وكثرة الدعاء، والافتقار إلى الله والتضرع إليه في جلب ما يحتاجه من منافع دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ويوجب له قوة التوكل على ربه، وكمال الثقة بوعده، وشدة الطمع في بره وإحسانه، وكذلك التفكُّر في كثرة نعم الله العامة والخاصة، التي لا يخلو منها مخلوق طرفة عين.

** الإكثار من ذكر الله كل وقت، ومن الدعاء الذي هو العبادة، وكلما ازداد العبد ذكرا لله؛ قوي إيمانه، ويكون الذكر على كلِّ حال: باللسان والقلب والعمل، فنصيب العبد من الإيمان على قدر نصيبه من هذا الذكر.

** معرفة محاسن الإسلام، فإنَّ الدين الإسلام كله محاسن: عقائده أصحُّ العقائد، وأصدقها وأنفعها، وأخلاقه أجمل الأخلاق، وأعماله وأحكامه أحسن الأحكام وأعدلها، وبهذا يزيِّن الله الإيمان في قلب العبد ويحبِّبه إليه، فيجد حلاوة الإيمان فيتجمل الباطن بأصول الإيمان وحقائقه، ويتجمل الظاهر بأعمال الإيمان.

** الاجتهاد في الإحسان في عبادة الله-عزَّ وجل- والإحسان إلى خلقه، فإذا أحسن عبادة الخالق وأحسن إلى خلقه، وواظب على ذلك؛ قوي إيمانه ويقينه.

** الاتصاف بصفات المؤمن من الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها، وأداء الزكاة، والإعراض عن اللغو الذي هو كلُّ كلام لا خير فيه، وكلُّ فعل لا خير فيه.

** الدعوة إلى الله وإلى دينه، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والدعوة إلى أصل الدين، والتزام شرائعه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبذلك يكمِّل العبد نفسه، ويكمِّل غيره.

** الابتعاد عن شعب الكفر والنفاق، والفسوق والعصيان، فإنَّه لا بد في الإيمان من فعل جميع الأسباب المقوِّية المنمِّية له، ولا بد مع ذلك من دفع الموانع والعوائق، وهي الإقلاع عن المعاصي، والتوبة مما يقع منها، وحفظ الجوارح كلِّها عن المحرمات، ومقاومة فتن الشبهات القادحة في علوم الإيمان المُضْعِفة له، والشهوات المُضْعِفة لإرادات الإيمان.

** التقرُّب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض وتقديم ما يحبه الله على كل ما سواه عند غلبة الهوى.

** الخلوة بالله وقت نزوله؛ لمناجاته، وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب، والتأدُّب بآداب العبودية، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.

** مجالسة العلماء الصادقين المخلصين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما يُنْتَقى أطايب الثمر.

ثمرات الإيمان بالله

ثمرات الإيمان بالله
"ثمرات الإيمان بالله
***********

يقول الله جل وعز{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ٢٤ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } [إبراهيم:24 – 25] ، ومن ثمرات الإيمان الآتي:
1- الإيمان الصادق يُضفي الطمأنينة والراحة النفسية والانشراح للصدر، وهذا مصداق قوله تعالى { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]
2- تحصيل المـَعيَّة الخاصة من الله للمؤمنين ؛أي يخرجهم من ظلمات الكفر وتبعاته إلى نور الإيمان وثوابه.
3-الفوز برضا الله وبالجنة التي أعدها لمن آمن وصدَّق به، قال جل وعز{ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 72]
4- دفاع الله عن أوليائه وحزبه وأحبابه المؤمنين{ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا } [الحج: 38]، ومن ذلك: دفاع الله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في حادثة هِجرته، ودفاعه جل وعز عن الخليل إِبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النَّار.
5- الرفعة في الدين والإمامة فيه؛ قال جل وعز{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24]، ولا أدل على ذلك من إمامة أهل الدين واليقين بالله، فقد خلد الله ذكرهم، وأبقى مآثرهم وهم بين أطباق الثرى؛ فأعيانهم مفقودة، ولكن آثارهم وأخبارهم في الحياة موجودة.
الإيمان بالله صلة بين الضعيف وربه، كما أن القوي يستمد منه قوته.
6- محبة الله للمؤمنين، قال تعالى { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]، وقال { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]
7- الحياة الطيبة في الدارين، قال جل وعز{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [النحل: 97]، فأين الباحثون عن الحياة الطيبة والسعادة؟!!
حياة بلا إيمان موت محتوم… مقلة بلا إيمان عمياء.. لسان بلا إيمان أخرس.. يد بلا إيمان شلاء..
8- محبة الله للمؤمن، ومحبة المؤمن له، يقول جل وعز { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }[المائدة: 54]؛ أي: يحبهم ويجعل لهم المحبة بين الناس.
9- حصول البشارة لأهل الإيمان بكرامة الله لهم؛ يقول الله جل وعز { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } [التوبة: 112]، ولا تكن البشارة إلا بعظيم فيظهر أثرها على البشرة، ولذا سميت بشارة، ولا أعظم من رحمة الله جل وعز ورضوانه وجنته، يقول جل وعز{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } [البقرة: 25]
10- الإيمان سبب للثبات يقول جل وعز{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [آل عمران: 173]، ولا أدل على هذا الثبات من تضحيات سَجلها التاريخ للأنبياء والصحابة والتابعين، ومن سَار على نَهجِهِم.
11- الانتفاع بالموعظة؛ يقول جل وعز{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } [الذاريات: 55]، فلا ينتفع بالذكرى أو الموعظة إلا أهل الإيمان.
12-جعل الخير في كل حال للمؤمن؛ ففي حال السعة وفي حال الضيق يكون الخير حليفًا للمؤمن، قال ﷺ: “عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له” (رواه مسلم)، فالإيمان يحمل صاحبه على الصبر في الضرّاء، والشكر في السراء.
13- عصمة المؤمن من الوقوع في الكَبائِر؛ فقد صح عنه ﷺ قوله: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن …” (رواه البخاري).
فهذه ثمرات جليلة عظيمة للإيمان، فأين الباحثون عن السعادة وراحة البال والطمأنينة؟!
آثار الإيمان بالله
من آثار الإيمان في حياة المؤمن:
الإيمان بالله حياة…والحياة مع الله إيمان.
1- زيادة حرص المؤمن على الانقياد للشرع المطهر، يقول جل وعز { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [النور: 51] فالإيمان يحمل صاحبه على المبادرة للامتثال والانقياد لأمر الله جل وعز. ويقول تعالى{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء: 65] بل ويحمل الإيمان صاحبه على التسليم والرضا بأمر الله جل وعز.
2- حماية الله لعبده من الشِّرك الجَلِي والخَفِي، ومن ذلك عدم صرف شيء من الدعاء أو الاستعانة أو الاستغاثة لغير الله جل وعز؛ فالنافع هو الله، والضار هو الله جل وعز{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 17].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا } [محمد: 7] ، دعاهم بالإيمان وحثهم عليه لعظيم مكانته.
3- الحب في الله والبغض في الله، وذلك أوثق عُرى الإيمان؛ يقول جل وعز{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [الحجرات: 10]، ولا أدل على ذلك من مؤاخاة الأنصار للمهاجرين، وبذلهم أنفسهم وأموالهم لإخوانهم، وقد قال المعصوم ﷺ: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” (رواه البخاري).
4- الصبر على الجهاد في سبيل الله وبذل الغالي والنفيس؛ ليرضى الله عز وجل، يقول تعالى{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [الحجرات: 15]
5- تعلُق القلب بالله ووعدِه وما عنده وسعادته بذلك؛ فجنة الدنيا بالنسبة له الإيمان وطاعة الرحمن، ويرجوا جنة الآخرة التي هي وعد الله له، بل ويرجوا الأجر من الله لكل ما يَلْقَاه من نَصَب وتعب وعَرق، وأن تكتب في صَحَائِف أعماله، يقول الله عز وجل{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ١٢٠ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة:120- 121] كل هذا لأهل الإيمان به والصدق في معاملته جل وعز.
6- الحصول على وِلاية الله ورسوله، يقول الله عز وجل{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا} [المائدة: 55] وتولي الله أي: محبته سبحانه، ونصرة دينه، ومحبة أوليائه، والبراء ممن ضد ذلك؛ وهم أعداء الله، يقول جل وعز{ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [المجادلة: 22]، بل المؤمن يتولى الله ورسوله والمؤمنين ولا يتخذ الكافرين أولياء ألبتة، يقول جل وعز{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 28]
7- تحصيله الخُلُق الحَسَن، فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: “الحياء والإيمان قرنا جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر” (رواه البيهقي)، وخصلة الحياء من أعظم حسن الخلق، فالمؤمن يحسن خلقه مع إخوانه ليعيش في نعيم دنيوي بلا مشاكل ولا شقاق ولا خصومات…كل هذا لأنه مؤمن، وليس ذلك إلا للمؤمن.
8- السعادة الحقيقية والراحة النفسية؛ مما يجعله يشعر بأنه في جنة الدنيا من السعادة وراحة البال؛ لأن له رب واحد هو الله جل وعز، ونبي واحد هو محمد بن عبدالله ﷺ، ومنهج واحد هو اتباع رضوان الله، وهدف واحد هو جنة عرضها السماوات والأرض.
وإنك لتلتفت يمينًا وشمالًا فترى العيادات النفسية تمتلىء بالمرضى، وتستمع للشكاوى والهموم والغموم والأرق وقلة النوم والهواجس والكوابيس؛ فتعلم علم اليقين أن هذا كله بسبب الابتعاد عن الإيمان الحق بالله جل وعز، وبسبب الركون للدنيا والتعلق بها؛ فالماديات قد طغت على الجوانب الروحية، والإنسان بحاجة ماسة لإشباع الجانب الروحي، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان الحق بالله جل وعز والتعلق به ومداومة ذكره، والإيمان بالملائكة وبالكتب وبالرسل وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، حلوه ومره من الله جل وعز.
المهم أن كثيرًا من الخلق قد غفل عن دواء القلب، وعن راحة الصدر، وعن جنة الدنيا لهثًا وراء حطام الدنيا الفانية، فلا هو حقق ما يريد، ولا هو استراح من أول الطريق.
وإشباع الجانب الروحي لن يحصل إلا بالإيمان؛ لأن الروح من عند الله، والجسد خلقه الله من تراب، فكلما أشبعت الجانب الروحي سمت نفسك وارتقت واطمأنت وارتفعت عن سَفَاسِف الأمور، وكلما أهملت هذا الجانب انحدرت نفسك إلى الطبيعة الحيوانية الشهوانية، وزاد ضِيقها وضَنَكها، وأظلمت الدنيا في عينيها.

لمعرفه المزيد عن الايمان بالله وغيرها الكثير من هنا.ربى الله

"