أحتاج إلى الحنان والاهتمام اللذان حرمت منهما منذ صغري، فكيف أعوض الماضي؟

أحتاج إلى الحنان والاهتمام اللذان حرمت منهما منذ صغري، فكيف أعوض الماضي؟
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام عليكم

أنا فتاة عمري 17 سنة، منذ أن كنت في التاسعة من عمري وأنا أحس بالوحدة، لأن أمي وأبي كانت بينهما مشاكل كبيرة تؤدي بهما إلى القرار بالطلاق، ويعانيان من أمراض نفسية، كنا نحن أطفالهما ضحايا حالتهما دائماً، وأنا كنت أتخيل لو كانت عندي أم تحبني وتحضنني وأنام جنبها وتحكي لي قصة وتدلعني، وأب أكون صديقة مقربة منه، قبل أن أكون ابنته، لكن للأسف، لم يكونا كذلك.

صرت أحب فنانة لبنانية، وأتخيل أنني ابنتها، ولم يتوقف هذا الشيء على التخيل، بل زاد عن حده حتى وصل إلى مرحلة الهوس، وصرت أقرأ الكثير عن ابنة هذه المغنية اللبنانية المشهورة، وأتمنى لو أكون أختها، وأتخيل المواقف بالتفصيل الممل، وليس هذا وحسب، بل صرت أرفع يدي إلى ربي وأقول له: يا رب اجعلني بقدرتك ابنة الفنانة وأخت لابنتها الوحيدة، واجعلني جميلة مثل ابنتها.

وعندما علمت أمي بكل هذا، أصبحت تعاملني بوحشية وعنف، وأصبحت تهينني وتحتقرني، وأختي الكبرى أيضاً، وأبي كان يضربني في الوقت الذي كنت أحتاج فيه إلى الحنان، ولا أحد يقول لي: أنا معك ولن أتركك، لكن للأسف لم أسمع هذه العبارة في حياتي من أهلي، كرهتهم كثيراً وتمنيت الموت، وحاولت الانتحار، ومع ذلك لم يهتموا.

ما أتمناه أشياء حقاً بسيطة، لكنها صعبة عليهم، وليست من واقع حياتهم، كنت أتمنى فقط أن أعيش في بيت جميل ونظيف، وأبي بمقدرته أن يفعل هذا، مع العلم أن راتبه الشهري 8000، وكنت أتمنى أن تكون حياتي طبيعية، مثل كل الناس الذين يضحكون ويبتسمون فجاة، وليس لديهم عقد في حياتهم.

أمي وأبي ليس لديهما أصدقاء، وهما وحيدان ويكرهون الناس، ويخلقون العداوات معهم، ولا أحد يزورنا حتى في العيد، لأن أهلي ليسوا طبيعيين، وكانت أمي تنتقدني دائماً، ولم تقل لي كلمة جيدة في يوم من الأيام.

ولكنهما الآن تغيرا في معاملتهما لي، ولكن المشكلة أنني لا أستطيع أن أنسى ما فعلاه، أحس بأنني أكرههما، وأود الهرب منهما حقاً، لأنه لا فائدة من المجىء بعد فوات الأوان، أين كانا وقت كنت أريدهما، تعقدت من مدينة الملاهي، لأنني عندما كنت صغيرة لم ألعب فيها، تعقدت من السلم الكهربائي لأنني لم أصعد عليه قط، عندما كنت صغيرة.

يقولون لي: أنت لا زلت صغيرة لما لا تفرحين؟ لكنني لا أستطيع فعل أي شيء لم أتعود عليه، وإن كنت أحبه، قلبي يرتجف إذا فكرت في فعل شيء غريب لم أعتاد عليه، كاللعب في الملاهي، أو زيارة صديقة في منزلها، أو الخروح في رحلات، حتى لبس الثياب الجميلة، كل شيء أحبه صرت لا أستطيع القيام به، مثلاً صديقتي دائماً تقول لي: أريد أن أراك، لكنني أقول لها ليس الآن، في يوم آخر، أهرب منها، وأختلق الأعذار، لا أعرف لماذا؟ مع أنني في داخلي أريد رؤيتها، لكن عقد أمي وأبي انتقلت لي حقاً.

وبعد كل هذا تأتي أمي لتحتقرني كلما مرت بي مشكلة سواء في البيت أو في المدرسة، تقول لي: أنت سيئة، وأنت المخطئة، وكل الناس يكرهونك وسوف ينفرون ويهربون منك، وأنا حقا أتحطم، أصبح في داخلي سواد عظيم، لا أعرف كيف أمحيه؟

فتاة في عمري من المفترض بها أن تحب، لكنني أكبر وفي داخلي طفلة لا تزال تريد الحب والحنان، حتى قبل أن أنام أتخيل أنني مع صديقاتي، وأنهن يعاملنني كطفلة، وهذا الشيء يجعلني أشعر كما يشعر من ينزل منه المني أو المذي، وأحيانا يحدث لي هذا الشيء عندما أستيقظ، وإلى الآن لا أزال أرى تلك الفنانة هي الأم المثالية لي وأحبها حقاً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك ونشكر لك هذا السؤال الذي يعطينا مؤشرات هامة بأنك في الطريق إلى العافية، وقد أسعدنا هذا التواصل مع موقعك الذي فيه مستشارين ومستشارات يقومون مقام الآباء والأمهات، ونسأل الله أن يوفقك وأن يرفعك درجات وأن يعينك على كسر القيود الوهمية، وأن يصلح لنا ولك الوجهة والنية.

ما حصل من والديك مزعج حقا، ولكن ما تفعلينه مع نفسك كان أخطر، وأنت -ولله الحمد- الآن في عمر من تعطي وتأخذ وتفهم وتتفهم وتملك القدرة على التأقلم، والدليل على ما نقوله هو الأسطر التي بعثت بها إلى موقعك.

أعجبنا اعترافك بأن معاملتهما تغيرت معك، ولكن يؤلمنا أن تصري على العودة إلى الوراء، وهذا ما يفسر خصام الوالدة معك؛ لأنها تريد لك أن تتحسني، وهي بلا شك أدركت تقصيرها، ولكنها تنتظر منك التقدم، ورغم أننا لا نوافق على تقصيرها السابق، ولا على قسوتها الحالية، إلا أننا نؤكد لك أنه لا يوجد والد ولا والدة إلا وهما يحبان أبنائهما، ولكن الإشكال في عدم معرفة بالحاجة الفعلية للأبناء من حيث مقدار العواطف، ولا من حيث طرائق التعبير عن الحب، وغالباً ما يظنان أن التعبير عن الحب يكون بتوفير الاحتياجات، وهذا قطعا لا يكفي، فالتعبير المباشر مهم جداً، وكذلك القبلات والاحتضان ومسح الرأس والابتسامة ولغة العيون، وغير ذلك من المواقف والحركات التي يمكن أن تدل على الحب.

ومن هنا فنحن ندعوك لما يلي:
1- التوجه إلى الله بالدعاء وإصلاح العلاقة بينك وبينه، ليصلح لك ما بينك وما بين الناس.
2- طي صفحة الماضي، والتعوذ بالله من شيطان يذكرك بها، لأن هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان.
3- الارتباط بصديقات صالحات قريبات بدلاً عن فنانة وابنتها، لأنك لا تعرفين من أحوالهن إلا ما يظهره الإعلام.
4- القناعة بأن الله وهبك مقداراً من الجمال، فكل فتاة جميلة بأدبها وأخلاقها وحيائها، ولها من سيعجب بها، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع، وأن الجمال مقسم، ونعم الله كلها مقسمة، والسعيدة هي التي ترضى بما عندها، وتشكر فتنال بشكرها المزيد من الله القائل: " لئن شكرتم لأزيدنكم".
5- الإقبال على الوالدة وإشعارها بحاجتك للدفء والدلال، والسعي في برها، وكذلك بذل الحب لمن حولك من الصغار والصديقات، فالحب أخذ وعطاء، والإنسان يسعد إذا حب وأحبه الآخرون.
6- البحث عن عناصر القوة في نفسك والتي منها هذه القدرة على الفهم والتحليل والفهم لأسباب ما حصل.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونسعد جداً بتواصلك معنا، وإخراج ما في نفسك ونتمنى أن تتواصل معنا والدتك أوصديقتك لتستمع التوجيهات والنصائح، ونسأل الله أن يسعدك ويوفقك.

منقووووووووووول

تقصيري بحق والدي المتوفى يجعلني أفقد السيطرة على نفسي حين الغضب فكيف أنسى الماضي؟

تقصيري بحق والدي المتوفى يجعلني أفقد السيطرة على نفسي حين الغضب.. فكيف أنسى الماضي؟
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام عليكم

جزاكم الله كل خير على جهودكم الرائعة.

أنا سيدة متزوجة منذ 4 سنوات، ولدي ابن يبلغ من العمر عامين، أعاني من تعب نفسي وحزن شديد بسبب فقد والدي -رحمه الله- ووالدتي -شفاها الله- حيث أن أمي تقبع في المستشفى منذ أكثر من سنة، نتيجة سكتة دماغية أصابتها بالشلل الدائم، ونتيجة لهذا فأنا أشعر بحزن ولوم دائم لنفسي بما حصل لها، وأشعر بأنني مقصرة بحقها نتيجة بقائها في المستشفى،؛ حيث أنني لا أستطيع خدمتها بأي شيء، فأشعر بأنني بنت عاقة.

كما أن أبي توفي في بلد غير البلد التي أسكن فيها، ولم تتسن لي الفرصة للذهاب إلى تلك البلد، وأشعر بحزن عميق أنني لم أودعه، وأبدأ بلوم نفسي بشدة، وبتذكر المواقف التي قصرت فيها معهم، ونتيجة لذلك فأنا دائمة العصبية على زوجي وابني، وأضرب ابني إذا شاغب بشدة، ولا أستطيع السيطرة على غضبي، وأشعر بأني وقت الغضب كأن شيئًا يعمي بصيرتي، وبعدها أندم ندما شديدا.

لقد من علي ربي بزوج رائع وابن أروع، وأنا خائفة من فقدانهم نتيجة هذه العصبية، الرجاء مساعدتي في إيجاد حل لنسيان الماضي، وعلى طرق علاج الغضب الذي يصيبني.

وشكرا.

الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يرحم والدك، وأن يعجل بشفاء والدتك، وأن يصلح الأحوال، ونسأل الله أن يوفقك للبر بوالديك، والشفقة بطفلك، وحسن التبعل لزوجك.

وأرجو أن تعلمي أن الحزن، وجلد الذات، والتحسر على ما مضى لا يفيد الميت، ولا ينفع الوالدة، ويلحق بك أبلغ الضرر.

والصواب هو أن:

تدركي أن والدك بحاجة للدعاء بالرحمة، ووالدتك بحاجة للدعاء بطلب الشفاء، وأنت بحاجة إلى الصبر والرضا، كما أن وجودك مع والدك ما كان ليزيد في أجله، كما أن بقاءك مع الوالدة لا يعجل بشفائها، فتعوذي بالله من شيطان يدخل عليك الأحزان.

ولو قيل للوالدة ماذا تريدين من ابنتك؟ فإنها ستقول: عليها أن تهتم بزوجها وابنها، فسعادة الوالدة في أن تراك تشبعي صغيرك بالحنان، وزوجك بالتقدير والاحتفاء والاحترام.

أما المواقف التي مضت، فلا تقولي: لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن رددي بلسان أهل الإيمان: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان، ومن هنا يتضح أن هذا الدين دعوة للإيجابية، والنظر للأمام، وهو دين يرفض الدوران حول النفس، والتجاوب مع الشيطان في الإحباطات التي يعيدها ويكرر، ليشغل بها عن الجد والخير، ولا يخفى عليك أن الصراخ والعصبية والضرب أشياء تلحق أضرارا بالغة بالطفل.

أما بالنسبة للزوج: فلست أدري إلى متى سوف يصبر؟ وكيف سيحتمل ما يحصل لابنه؟

وننصحك بالتعوذ بالله من الغضب، لأن الغضب من الشيطان الذي ينال من الغضبان أكثر مما يناله من السكران، بل إن الغضبان شيطان.

والغضب علاجه بالتعوذ بالله من الشيطان، ثم بذكر الرحمن، وإمساك اللسان، وتهدئة الأركان، بحيث يجلس الواقف، ويتكئ الجالس، ثم عليه أن يهجر المكان، فإن كان الغضب شديدا؛ فتوضئي وصلي.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والصبر، فإن العاقبة لأهله.

سعدنا بتواصلك، ونسأل الله أن يوفقك، ولك منا خالص الدعوات وأطيب الأمنيات.

وفقك الله وسدد خطاك.

منقووووووووووول