اتصلت بي لتخبرني ان ابنها عقد قرانه ودعتني إلى حفل استقبال بسيط يضم بعض الصديقات على شاي الضحى. بارَكتُ لها وقبلت الدعوة لاني سألتقي بزميلات الدراسة بعد ان فرقتنا سنوات العمل وأمور الحياة.
وما ان التقينا، واغلبية الحاضرات جدّات عندهن أبناء متزوجون، سألتها: اين تعمل زوجة ابنك؟
أجابت: ما زالت طالبة في السنة النهائية من الجامعة.
نظرت اليها زميلة وهي تقول: يعني ستسكن عندك؟
ردت بسرعة: طبعا، منزلي من دورين ومبني بنظام شقق، لكل واحد من ابنائي شقة خاصة به تكفيه مع زوجته وثلاثة أبناء. وحرصت ان يكون مدخل كل شقة خارجيا، كأنهم مستأجرون عندي.
انضمت أخرى إلى الحوار وقالت: انصحك ان يستأجر ابنك شقة بعيدة عنك.
قاطعتها: لماذا ما دام هناك سكن مناسب له؟
قالت أخرى: انت لا تعرفين بنات اليوم دائماً متذمرات.. ولا يعجبهن شيء. كانت عندي زوجة ابن عاملتها بحب اكثر من بناتي.. اشتريت خاطرها حتى اجعلها تريح ابني من القيل والقال، لكنها شافت نفسها علينا واعتقدت ان ما نقوم به واجب علينا، و..
قاطعتها: لا تعممي، بنات الحلال كثيرات، هناك زوجات أبناء اعتبرن اهل أزواجهن كأسرتهن.. يحملن لهم كل حب وتقدير، حتى وان كن على خلاف مع ازواجهن.
قالت اخرى: كانت زوجة ابني تسكن عندي، ولأنها تعمل كان طباخ المنزل يعد لها ما تريد من أكل خاص.. وتنزل خادمتها لتأخذ لها الفطور والغداء والعشاء.. ولم أكن أفعل شيئا لبناتي الا ويكون لها فيه نصيب.
وعلى الرغم من هذا كله، كانت عندما تمر في الصالة تسلم علينا يوما وتتجاهلنا أياما، وان اخبرتها ان عندنا ضيوفا تتعذر ولا تأتي، او تخرج. وان دعاها اهلنا لا تذهب ولا تجامل.
وبعد فترة طلبتْ من ابني ان يسكنها في شقة خارجية، وعندما سألتُه: لماذا؟ هل ضايقها أحد؟ أجابني: لا هي تريد ان تستقبل صديقاتها واهلها على راحتها.
أجبته: مدخلها خاص، وتستطيع أن تستقبل من تريد.
فقال: هي لا تريد ان يعرف احد من يدخل ويخرج من أهلها، تقول انها لا تحب ان تعرفوا شيئا عن خصوصياتها.
نظرت اليه: انا وأبوك نريد راحتك، وان توفر فلوسك لبناء البيت بعد ان تتسلم الارض، لكن هذا اختيارك مع شريكة حياتك، واتمنى لكما التوفيق.
تصدقون.. بعد أن سكنت في شقة بعيدة صارت تزورنا كل يوم وتجلس معنا لتناول الطعام، وتقدم لنا الهدايا، وتضحك وتسولف معنا.
بيني وبينكم قلت في نفسي يا ليتها طلبت من بداية الزواج شقة خاصة بها بدل ان تفعل ما فعلت حتى لا تكدر خاطر ابني.
والتقطت طرف الحديث صديقتنا التي دعتنا: انا وفرت لهما السكن والخدمة من اكل وخلافه الى ان تنهي دراستها. وانا اعتبرها بنتي، وان رغبت في الانتقال إلى مكان آخر هي حرة ما دام ابني مرتاحا وسعيدا معها.
ومضة
الايجار هذه الايام مرتفع جدا، وقد يأخذ ثلاثة ارباع الراتب، وبما ان السكن متوافر في بيت الاسرة ومنفصل في الوقت ذاته عنها، لماذا لا يستمتع الابناء بصرف مبلغ الايجار في تلبية احتياجاتهم الخاصة، او ادخاره لبناء سكنهم الخاص؟
موضي المفتاح