أعاني من الوسواس الشديد، ولم أستطع الإعراض عنه

أعاني من الوسواس الشديد، ولم أستطع الإعراض عنه
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
أنا طالب في السنة الثالثة شريعة، تخصص أصول الفقه، ومن عائلة ميسورة الحال، أنا أحافظ على الصلاة في وقتها وجماعة، وأقوم بالصالحات، والذكر، والدعاء، وأجتنب الكبائر والصغائر، وأتوب في الحال إذا وقعت في أي ذنب، لكن لدي مشكلة كبيرة جدا: ابتلاني الله بمرض غريب جدا، دام 3 سنوات، ولحد الآن أنا لم أفهم ما هو هذا الابتلاء أو الفتنة؟ ولم أعرف ما حلها؟

شخصني الأطباء على أنني مريض بالوسواس القهري والشخصية الوسواسية، فأنا أعاني من الوسواس الشديد، ولم أستطع الإعراض عنه أو قطعه، وأعاني من كثرة حديث النفس بدون انقطاع، وأحس بأنني فعلت أعظم ذنب في العالم، وأني مسؤول على فتنة، وأشعر أنني مشهور، وأن حديث النفس يترجم في الواقع، ويحدث فتنة وكأنه كلام، ولا أعرف ما ذلك الصوت النسائي في رأسي الذي هو لامرأة أعرفها، بل وأحبها، ويقنعني رأسي بأن كل هذا صحيح.

أنا أعاني من الوسواس، والعشق، والقلق، والاكتئاب، والهم، والغم، والحزن، والتعب، والفشل الاجتماعي، والأخلاقي، وفي كل الميادين، وأحس أنني خسرت ديني ودنياي، يوسوس لي الشيطان بأنني لم أحقق الإيمان، ولكنني أنا مسلم، ومؤمن الإيمان اليقيني الجازم التام بالله واليوم الآخر، والملائكة والكتب والرسل، والقدر خيره وشره.

يقتلني الخوف من الكفر والشرك، والنفاق، والخوف من أن أدخل النار، أو أنني أستحق النار بهذه الفتنة الافتراضية، وأخاف أن أموت على غير ملة الإسلام، ويوسوس لي الشيطان: أن الناس يقعون في الكفر، وهذا أمر غريب جدا، ويقنعني رأسي بأن هذا صحيح، ثم وسوس لي الشيطان بأنني وقعت في منهج الخوارج، لكنني لست منهم، وأشهدكم أنني أتبرأ من الخوارج، وأنني من أهل السنة والجماعة، والمعاصي سواء كبيرة أو صغيرة لا تخرج من الإسلام قطعا، ولكنني أسمع الكفر الأكبر القولي يصدر من كثير من الناس، وأحس أنني من نفرت الناس عن دينهم، وأنني واقع أو مسؤول على فتنة كبيرة جدا غيرت العالم.

الغريب في الأمر أنني ألطف إنسان، وأكثر إنسان طيب، ولا أفعل الشر أبدا، ولا أقول الكلام البذيء أبدا، إنما كل هذا حديث النفس الذي يوسوس لي الشيطان، كأنه يعمل كالرادار مع أنني حتى في داخل نفسي لا أقول إلا الخير.

طال عذابي، وأظلمت الدنيا في عيني، وأكد لي الرقاة: أنني لست مسحورا، ولكن حالتي وكأنها السحر الأسود، وأظن أن حالتي هي أبشع حالة، وأحس أنني لا أستطيع أن أتخطى حاجز الوسواس الذي يوسوس لي لمجرد زلة لسان، وأنا أعاني من الانطواء، وعدم التفهم لحالي الذي تعذبت منه طيلة هذه المدة، أنا كثير الخوف من الكفر، وأراجع كل كلمة أقولها، وكل فعل أفعله، أنا كثير الخوف من الشرك، وأصبح ذلك هاجسا مخيفا، وكأن كل ما أفعله هو اجتناب الشرك والكفر، وبت أخاف أكثر من ذي قبل من النفاق خوفا شديدا.

أجيبوا عن هذه بالتفصيل؛ فإن حالتي هي مرجع للمبتلين.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –أيهَا الولد الحبيب– في استشارات إسلام ويب، نسأل الله لك العافية والشفاء، وأن يُذهب عنك ما تجده من هذه الوساوس.

ما تُعانيه –أيهَا الحبيب– من وساوس بالكفر والشرك لا تضرك -بإذن الله تعالى- في دينك، فأنت على إسلامك وإيمانك، وأكبر دليل على وجود الإيمان في قلبك هو خوفك الشديد من هذه الوساوس، ومن الكفر والموت عليه، نسأل الله تعالى أن يتوفانا وإياك على الإسلام.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد شكى إليه بعض الناس وساوس يجدونها في صدورهم، وأن الواحد منهم يُفضل أن يُحرق حتى يصير حُممة على أن يتكلم بها، فلما وجد ذلك منهم قال -عليه الصلاة والسلام-: (ذاك صريح الإيمان) فجعل كراهتهم لتلك الوساوس ونفورهم منها وخوفهم الشديد منها دليلاً على وجود الإيمان في القلب، والأمر كذلك، إذ لولا وجود الإيمان في القلب المنافي والمُغاير لهذه الوساوس لما انزعج القلب وتألم ولما عشتَ هذه الحالة التي تعيشها.

فنحن نبشرك -أولاً- بأنك على إسلامك وإيمانك، والعلاج الأمثل لهذه الوساوس هو أن تُعرض عنها إعراضًا كُليًّا لا تلتفت إليها، ولا تُعرها اهتمامًا، فإذا فعلت ذلك وثبت على هذا الطريق سيُذهبها الله تعالى عنك، وسييأس الشيطان منك ويتحول عنك.

ولا تبحث عن أجوبة أو استفسارات أو غير ذلك، فإن الإمعان في الجري وراءها لا يزيدها إلا رسوخًا وثباتًا في الصدر، فأعرض عنها إعراضًا كليًّا، وستزول عنك بإذنِ الله.

نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية، وتليها إجابة د/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
++++++++++++++++++++++++++++++++++++
نسأل الله تعالى أن يسدد خطاك، وأن يبلغك مبتغاك، وأن تكون عالماً شرعياً راقياً ومفيداً لأمته.

أيها الفاضل الكريم: بالفعل أنت تعاني من وساوس، وهي وساوس من النوع السخيف جداً، ومؤلمة على نفسك الطيبة، أيها الفاضل الكريم، الوسواس مرض ذكي، مرض تعسفي، مرض استحواذي، يمزق الكيان الإنساني، خاصة إذا أصيب به الفضلاء والصالحون من الناس.

أيها الفاضل الكريم: هذه الوساوس لا تعني ضعفاً في إيمانك، أو ضعفاً في شخصيتك، هي نوع من الابتلاء، وسوف يزول إن شاء الله تعالى.

أنت صاحب نفس رقيقة، صاحب نفس لوامة، وهذه النفس اللوامة تسلطت عليك من خلال هذه الوسوسة، وجعلتك تحس بالذنب وتحمل نفسك مسؤوليات حيال العالم هي فوق طاقتك، وأنت لست مذنبا في هذا الأمر أبداً، فيا أيها الفاضل الكريم، هذه هي حالتك يجب أن تفهمها، وساوس قهرية ساقتها إليك نفسك اللوامة، والنفس اللوامة هي الضابط وصمام الأمان، والمحبس الراقي والرقيق الذي يدفعنا -إن شاء الله- نحو أن تكون نفوسنا مطمئنة، ويحمينا أن تكون نفوسنا أمارة بالسوء.

أيها الأخ الكريم: حقر هذه الوساوس، لا تعطها اعتبارا، لا تحاورها ولا تدخل في نقاشها، هذا هو جوهر العلاج في حالتك، يضاف إلى ذلك العلاج الدوائي، وساوسك كلها وساوس فكرية، والوساوس الفكرية تعالج علاجاً فاعلاً ومؤثراً من خلال تناول الأدوية، والسبب في ذلك أن معظم هذه الوساوس ناتجة من عدم توازن في كيمياء الدماغ، فأريدك أن تذهب إلى الطبيب النفسي، وإن شاء الله تعالى سوف تستفيد كثيراً.

إذا لم تستطع أن تذهب إلى الطبيب النفسي يجب أن تقتنع بتناول الدواء، والدواء الذي سوف يفيدك هو عقار باروكستين، ويسمى زيروكسات في الجزائر، وتوجد مركبات أخرى من هذا الدواء، الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بـ 20 مليجراما حبة واحدة تتناولها ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها 40 مليجراما أي حبتين ليلاً، وهذه الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة 4 أشهر، ثم خفضها حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، هذه المدة الوقائية الضرورية،

بعد انقضاء 6 أشهر اجعل الجرعة الباروكستين 10 مليجرام أي نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم نصف حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء. وأريدك أن تضيف دواء آخر داعما يعرف باسم ريزبيردون، والجرعة المطلوبة هي 1 مليجرام تتناولها مع بداية العلاج، تتناولها ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها 2 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم 1 مليجرام ليلاً لمدة شهرين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أخي الفاضل: هذه الأدوية سليمة وفاعلة، وربما تسبب لك آثارا جانبية بسيطة، مثل: زيادة النعاس، أو الشعور بالاسترخاء في بداية العلاج، كما أن هذه الأدوية قد تؤدي إلى تأخر القذف المنوي بالنسبة للمتزوجين، لكن أبداً لا تؤدي إلى العقم أو التأثير على ذكورية الرجل.

أيها الفاضل الكريم: املأ وقتك بحسن إدارته، ولا تترك مجالا للفراغ الذهني أو الفكري، أو المعرفي، أو الزمني، فالوسواس يتسرب إلى النفوس من خلال الفجوات والفراغات إن وجدت في أفكارنا، أو في محيطنا الزمني أو الجعرافي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

منقووووووووووول

الصحبة الفاسدة يجب إصلاحها أو الإعراض عنها

الصحبة الفاسدة يجب إصلاحها ..أو الإعراض عنها

الصحبة الفاسدة يجب إصلاحها ..أو الإعراض عنها

يقول الله تبارك وتعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ

أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا" (الكهف – 28) في الشق الثاني من هذه الآية يأمر الله المسلمين بألا يطيعوا الغافلين عن ذكر الله

والذين يتبعون أهواءهم، وغير المنضبطين بأوامره في حياتهم أن هذه هي الصحبة الفاسدة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فيجب على

الصحبة الصالحة أن تأخذ بأيديهم إلى الطريق المستقيم بكل وسائل الدعوة الحكيمة أو تتجنبهم وذلك أضعف الإيمان.

فما صفات الصحبة الفاسدة ؟ ومن هم ؟ وكيفية التعامل معهم؟

هذا ما سوف نتناوله في هذه الخاطرة التربوية الدعوية.

– ما الصحبة الفاسدة وما صفاتها؟ والتي يجب إصلاحها أو تجنبها؟:

هم على سبيل المثال ما يلي:

1- الغافلون: عن الصلاة والذكر، الذين ألهتهم الحياة الدنيا ونسوا يوم الحساب في الآخرة وران على قلوبهم ما كانوا يكسبون أصل ذلك قول الله تبارك

وتعالى: "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا" (الكهف: 28) وقوله عز وجل :

يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ" (الروم: 7) ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الغافل بأنه "الكيس من دان نفسه

وعمل لما بعد الموت والغافل من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني" (مسلم).

2- اللاهون في زينة الحياة الدنيا: وفي هذا المقام يحذر الله سبحانه وتعالى منهم فقال سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ

عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (المنافقون: 9)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :

يأتي على الناس زمان همتهم بطونهم، وشرفهم متاعهم وقبلتهم نساؤهم، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم، أولئك شر الخلق لا خلاق لهم عند الله" (رواه

الديلمي).

3- المسرفون والمبذرون: لأنهم من إخوان الشياطين وأن مردهم إلى النار، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى:

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الأعراف: 31)، وقوله عز وجل: "وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ

الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" (الإسراء: 26-27) وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بسعد وهو يتوضأ فقال: "ما هذا السرف يا سعد؟، فقال: أفي

الوضوء سرف؟ قال: نعم وإن كنت على نهر جار" (رواه أحمد).

4- المترفون المتنعمون والمنشغلون والأعمال بملذات وشهوات الدنيا عن العبادات الصالحات، ودليل من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: "وَإِذَا

أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" (الإسراء: 16) ولقد حذرنا رسول اله صلى الله عليه وسلم من هذه

الفئة الفاسقة المدللة المنعمة فقال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: "إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمنعمين" (رواه الإمام أحمد)

وعن حذيفة قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه"

(رواه البخاري).

5- الطغاة المستبدون: الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق والذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا، والذين يحاربون ويؤذون الله

ورسوله بكل الوسائل، والذين يشوهون صورة الإسلام ويوالون أعداءه،

6- المتكبرون والمختالون: ويقصد بهذه الفئة الذين يتعالون على الناس والمعجبون والمختالون الفخورون بأنفسهم، ولقد ذمَّ الله سبحانه وتعالى هؤلاء

فقال: "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ" (لقمان: 18)، وقال عز وجل : "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ

مُخْتَالًا فَخُورًا" (النساء: 36) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر كبه الله على وجهه في النار"

(أحمد)، ويحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الكبر والخيلة فقال:

إياك والخيلة ولا تلام على كفاف" (ابن ماجة)، ومن أمثلة هذه الفئة: الذين يزكون أنفسهم ويتعالون على الناس، والذين يختالون في مشيتهم مستكبرين

يحتكرون الآخرين من خلق الله.

7- السفهاء في الفكر والرأي والأخلاق والسلوك: أي الذي يتصرف في أموره بخلاف مقتضى الشرع والعقل، وأصل تجنبه قول الله سبحانه وتعالى:

"أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ" (البقرة: 13)، وقوله عز وجل: "وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا

وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا" (النساء: 5)، وقوله تبارك وتعالى:

وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" (البقرة: 130)، ويقول الرسول صلى الله عليه

وسلم "إنه سيأتي على الناس سنون خداعة، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها

الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال السفيه يتكلم في أمر العامة" (رواه الإمام أحمد).

8- العاقون للوالدين والقاطعون لأرحامهم: ويقصد بهذه الفئة الذين يسيء إلى والديه وعدم الإحسان إليهما وبرهما، وكذلك القاطع لرحمه ولذوي

القربى، فهؤلاء ملعونون من الله سبحانه وتعالى، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" (الإسراء: 23) ولقد ورد في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين " (أبو داود والترمذي) ولقد نهى الله عن تقطيع الأواصل مع الأرحام تقال: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ

تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" (محمد: 22).

9- المقتدون بغير المؤمنين: فيما يخالف شرع الله عقيدة وخلقًا وسلوكًا ومظهرًا، ويعتقدون أن ذلك من التحضر والمدنية والتقدمية، ومنهم على سبيل

المثال: الملحدون والمتحررون والمتشبهون بالنساء من الرجال والمتشبهون بالرجال من النساء ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى:

"أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" (التحريم:

6) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى إذا دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه" قالوا: اليهود

والنصارى، قال: ومَن غيرهم" ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين الرجال بالنساء" (البخاري)؛

لذلك يجب تجنب هذه الفئة حتى لا تضيع الهوية الإسلامية، والالتزام بمصاحبة المؤمنين.

10- الخائضون فيما يخالف شرع الله والعقل: ويقصد بهم الذين يضيعون وقتهم في الحديث فيما يغضب الله ورسوله أو يلهون ويلعبون الذين عليهم

سخط الله ولقد ران على قلوبهم من الران بما كانوا يكذبون، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (الأنعام: 68)، وقوله عز وجل: "فَلَا

تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ" (النساء: 140) وقال سبحانه جل شأنه: "وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ

مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" (الجاثية: 7-8) والد ليل من السنة المطهرة قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله

واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت"(البخاري) لذلك يجب تجنب الجلوس مع هؤلاء أو المشاركة معهم في أي حديث حتى يرجعوا إلى الطريق

المستقيم.

سُنَّة الإعراض عن الجاهلين

سُنَّة الإعراض عن الجاهلين
سُنَّة الإعراض عن الجاهلين

على الرغم من حرص المسلم على الحفاظ على أخلاقه حين يتعامل مع الناس؛ فإنه يقابل بعض مَنْ لا يكترثون بمسألة الأخلاق في التعامل! وهذا ولا شك يُفْرِز مواقف صعبة قد يحتار فيها المسلم؛ لأنه لا يستطيع أن يجاري هؤلاء في انفلاتهم، وهنا يأتي دور هذه السُّنَّة النبوية العظيمة، وهي سُنَّة الإعراض عن الجاهلين، والمقصود "بالجهل" هنا السفه، والجاهلون هم السفهاء الذين لا يُحَكِّمون العقل في جدالهم أو نقاشهم؛ ومِنْ ثَمَّ فلا سبيل إلى إنهاء الجدال بشكل متحضِّر، فتُصبح أفضل الطرق لحفظ الأخلاق هو الإعراض عنهم، وعدم الدخول في مهاترات لا ينبني عليها نتائج طيبة، وهذا أمر رباني؛ فقد قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، ولا يعني هذا مقاطعة الجاهلين، ولكن فقط الإعراض عن المناقشة التي جهلوا فيها على المسلم، وأقرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته على هذا السلوك مع مَنْ تجاوز حدود الأخلاق المعروفة؛ فقد روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ». ومع إن هذا السلوك قد لا يشفي غليل المرء حين يتعدَّى عليه أحدٌ؛ فإن هذا في النهاية أفضل في التعامل مع هذه النوعية من الناس، وفضلًا عن ذلك فإن الله عز وجل يُعَوِّض المسلم -كما في الحديث- قوةً وتأييدًا منه سبحانه، ولو طَبَّقَ المسلمون هذه السُّنَّة فإنهم سيُوَفِّرون على أنفسهم صراعات كثيرة، وخسائر جمَّة، هم في غِنىً عنها.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

أعاني من الوسواس الشديد، ولم أستطع الإعراض عنه

أعاني من الوسواس الشديد، ولم أستطع الإعراض عنه
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
أنا طالب في السنة الثالثة شريعة، تخصص أصول الفقه، ومن عائلة ميسورة الحال، أنا أحافظ على الصلاة في وقتها وجماعة، وأقوم بالصالحات، والذكر، والدعاء، وأجتنب الكبائر والصغائر، وأتوب في الحال إذا وقعت في أي ذنب، لكن لدي مشكلة كبيرة جدا: ابتلاني الله بمرض غريب جدا، دام 3 سنوات، ولحد الآن أنا لم أفهم ما هو هذا الابتلاء أو الفتنة؟ ولم أعرف ما حلها؟

شخصني الأطباء على أنني مريض بالوسواس القهري والشخصية الوسواسية، فأنا أعاني من الوسواس الشديد، ولم أستطع الإعراض عنه أو قطعه، وأعاني من كثرة حديث النفس بدون انقطاع، وأحس بأنني فعلت أعظم ذنب في العالم، وأني مسؤول على فتنة، وأشعر أنني مشهور، وأن حديث النفس يترجم في الواقع، ويحدث فتنة وكأنه كلام، ولا أعرف ما ذلك الصوت النسائي في رأسي الذي هو لامرأة أعرفها، بل وأحبها، ويقنعني رأسي بأن كل هذا صحيح.

أنا أعاني من الوسواس، والعشق، والقلق، والاكتئاب، والهم، والغم، والحزن، والتعب، والفشل الاجتماعي، والأخلاقي، وفي كل الميادين، وأحس أنني خسرت ديني ودنياي، يوسوس لي الشيطان بأنني لم أحقق الإيمان، ولكنني أنا مسلم، ومؤمن الإيمان اليقيني الجازم التام بالله واليوم الآخر، والملائكة والكتب والرسل، والقدر خيره وشره.

يقتلني الخوف من الكفر والشرك، والنفاق، والخوف من أن أدخل النار، أو أنني أستحق النار بهذه الفتنة الافتراضية، وأخاف أن أموت على غير ملة الإسلام، ويوسوس لي الشيطان: أن الناس يقعون في الكفر، وهذا أمر غريب جدا، ويقنعني رأسي بأن هذا صحيح، ثم وسوس لي الشيطان بأنني وقعت في منهج الخوارج، لكنني لست منهم، وأشهدكم أنني أتبرأ من الخوارج، وأنني من أهل السنة والجماعة، والمعاصي سواء كبيرة أو صغيرة لا تخرج من الإسلام قطعا، ولكنني أسمع الكفر الأكبر القولي يصدر من كثير من الناس، وأحس أنني من نفرت الناس عن دينهم، وأنني واقع أو مسؤول على فتنة كبيرة جدا غيرت العالم.

الغريب في الأمر أنني ألطف إنسان، وأكثر إنسان طيب، ولا أفعل الشر أبدا، ولا أقول الكلام البذيء أبدا، إنما كل هذا حديث النفس الذي يوسوس لي الشيطان، كأنه يعمل كالرادار مع أنني حتى في داخل نفسي لا أقول إلا الخير.

طال عذابي، وأظلمت الدنيا في عيني، وأكد لي الرقاة: أنني لست مسحورا، ولكن حالتي وكأنها السحر الأسود، وأظن أن حالتي هي أبشع حالة، وأحس أنني لا أستطيع أن أتخطى حاجز الوسواس الذي يوسوس لي لمجرد زلة لسان، وأنا أعاني من الانطواء، وعدم التفهم لحالي الذي تعذبت منه طيلة هذه المدة، أنا كثير الخوف من الكفر، وأراجع كل كلمة أقولها، وكل فعل أفعله، أنا كثير الخوف من الشرك، وأصبح ذلك هاجسا مخيفا، وكأن كل ما أفعله هو اجتناب الشرك والكفر، وبت أخاف أكثر من ذي قبل من النفاق خوفا شديدا.

أجيبوا عن هذه بالتفصيل؛ فإن حالتي هي مرجع للمبتلين.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –أيهَا الولد الحبيب– في استشارات إسلام ويب، نسأل الله لك العافية والشفاء، وأن يُذهب عنك ما تجده من هذه الوساوس.

ما تُعانيه –أيهَا الحبيب– من وساوس بالكفر والشرك لا تضرك -بإذن الله تعالى- في دينك، فأنت على إسلامك وإيمانك، وأكبر دليل على وجود الإيمان في قلبك هو خوفك الشديد من هذه الوساوس، ومن الكفر والموت عليه، نسأل الله تعالى أن يتوفانا وإياك على الإسلام.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد شكى إليه بعض الناس وساوس يجدونها في صدورهم، وأن الواحد منهم يُفضل أن يُحرق حتى يصير حُممة على أن يتكلم بها، فلما وجد ذلك منهم قال -عليه الصلاة والسلام-: (ذاك صريح الإيمان) فجعل كراهتهم لتلك الوساوس ونفورهم منها وخوفهم الشديد منها دليلاً على وجود الإيمان في القلب، والأمر كذلك، إذ لولا وجود الإيمان في القلب المنافي والمُغاير لهذه الوساوس لما انزعج القلب وتألم ولما عشتَ هذه الحالة التي تعيشها.

فنحن نبشرك -أولاً- بأنك على إسلامك وإيمانك، والعلاج الأمثل لهذه الوساوس هو أن تُعرض عنها إعراضًا كُليًّا لا تلتفت إليها، ولا تُعرها اهتمامًا، فإذا فعلت ذلك وثبت على هذا الطريق سيُذهبها الله تعالى عنك، وسييأس الشيطان منك ويتحول عنك.

ولا تبحث عن أجوبة أو استفسارات أو غير ذلك، فإن الإمعان في الجري وراءها لا يزيدها إلا رسوخًا وثباتًا في الصدر، فأعرض عنها إعراضًا كليًّا، وستزول عنك بإذنِ الله.

نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية، وتليها إجابة د/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
++++++++++++++++++++++++++++++++++++
نسأل الله تعالى أن يسدد خطاك، وأن يبلغك مبتغاك، وأن تكون عالماً شرعياً راقياً ومفيداً لأمته.

أيها الفاضل الكريم: بالفعل أنت تعاني من وساوس، وهي وساوس من النوع السخيف جداً، ومؤلمة على نفسك الطيبة، أيها الفاضل الكريم، الوسواس مرض ذكي، مرض تعسفي، مرض استحواذي، يمزق الكيان الإنساني، خاصة إذا أصيب به الفضلاء والصالحون من الناس.

أيها الفاضل الكريم: هذه الوساوس لا تعني ضعفاً في إيمانك، أو ضعفاً في شخصيتك، هي نوع من الابتلاء، وسوف يزول إن شاء الله تعالى.

أنت صاحب نفس رقيقة، صاحب نفس لوامة، وهذه النفس اللوامة تسلطت عليك من خلال هذه الوسوسة، وجعلتك تحس بالذنب وتحمل نفسك مسؤوليات حيال العالم هي فوق طاقتك، وأنت لست مذنبا في هذا الأمر أبداً، فيا أيها الفاضل الكريم، هذه هي حالتك يجب أن تفهمها، وساوس قهرية ساقتها إليك نفسك اللوامة، والنفس اللوامة هي الضابط وصمام الأمان، والمحبس الراقي والرقيق الذي يدفعنا -إن شاء الله- نحو أن تكون نفوسنا مطمئنة، ويحمينا أن تكون نفوسنا أمارة بالسوء.

أيها الأخ الكريم: حقر هذه الوساوس، لا تعطها اعتبارا، لا تحاورها ولا تدخل في نقاشها، هذا هو جوهر العلاج في حالتك، يضاف إلى ذلك العلاج الدوائي، وساوسك كلها وساوس فكرية، والوساوس الفكرية تعالج علاجاً فاعلاً ومؤثراً من خلال تناول الأدوية، والسبب في ذلك أن معظم هذه الوساوس ناتجة من عدم توازن في كيمياء الدماغ، فأريدك أن تذهب إلى الطبيب النفسي، وإن شاء الله تعالى سوف تستفيد كثيراً.

إذا لم تستطع أن تذهب إلى الطبيب النفسي يجب أن تقتنع بتناول الدواء، والدواء الذي سوف يفيدك هو عقار باروكستين، ويسمى زيروكسات في الجزائر، وتوجد مركبات أخرى من هذا الدواء، الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بـ 20 مليجراما حبة واحدة تتناولها ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها 40 مليجراما أي حبتين ليلاً، وهذه الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة 4 أشهر، ثم خفضها حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، هذه المدة الوقائية الضرورية،

بعد انقضاء 6 أشهر اجعل الجرعة الباروكستين 10 مليجرام أي نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم نصف حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء. وأريدك أن تضيف دواء آخر داعما يعرف باسم ريزبيردون، والجرعة المطلوبة هي 1 مليجرام تتناولها مع بداية العلاج، تتناولها ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها 2 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم 1 مليجرام ليلاً لمدة شهرين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أخي الفاضل: هذه الأدوية سليمة وفاعلة، وربما تسبب لك آثارا جانبية بسيطة، مثل: زيادة النعاس، أو الشعور بالاسترخاء في بداية العلاج، كما أن هذه الأدوية قد تؤدي إلى تأخر القذف المنوي بالنسبة للمتزوجين، لكن أبداً لا تؤدي إلى العقم أو التأثير على ذكورية الرجل.

أيها الفاضل الكريم: املأ وقتك بحسن إدارته، ولا تترك مجالا للفراغ الذهني أو الفكري، أو المعرفي، أو الزمني، فالوسواس يتسرب إلى النفوس من خلال الفجوات والفراغات إن وجدت في أفكارنا، أو في محيطنا الزمني أو الجعرافي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

منقووووووووووول

سُنَّة الإعراض عن الجاهلين

سُنَّة الإعراض عن الجاهلين
سُنَّة الإعراض عن الجاهلين

على الرغم من حرص المسلم على الحفاظ على أخلاقه حين يتعامل مع الناس؛ فإنه يقابل بعض مَنْ لا يكترثون بمسألة الأخلاق في التعامل! وهذا ولا شك يُفْرِز مواقف صعبة قد يحتار فيها المسلم؛ لأنه لا يستطيع أن يجاري هؤلاء في انفلاتهم، وهنا يأتي دور هذه السُّنَّة النبوية العظيمة، وهي سُنَّة الإعراض عن الجاهلين، والمقصود "بالجهل" هنا السفه، والجاهلون هم السفهاء الذين لا يُحَكِّمون العقل في جدالهم أو نقاشهم؛ ومِنْ ثَمَّ فلا سبيل إلى إنهاء الجدال بشكل متحضِّر، فتُصبح أفضل الطرق لحفظ الأخلاق هو الإعراض عنهم، وعدم الدخول في مهاترات لا ينبني عليها نتائج طيبة، وهذا أمر رباني؛ فقد قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، ولا يعني هذا مقاطعة الجاهلين، ولكن فقط الإعراض عن المناقشة التي جهلوا فيها على المسلم، وأقرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته على هذا السلوك مع مَنْ تجاوز حدود الأخلاق المعروفة؛ فقد روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ». ومع إن هذا السلوك قد لا يشفي غليل المرء حين يتعدَّى عليه أحدٌ؛ فإن هذا في النهاية أفضل في التعامل مع هذه النوعية من الناس، وفضلًا عن ذلك فإن الله عز وجل يُعَوِّض المسلم -كما في الحديث- قوةً وتأييدًا منه سبحانه، ولو طَبَّقَ المسلمون هذه السُّنَّة فإنهم سيُوَفِّرون على أنفسهم صراعات كثيرة، وخسائر جمَّة، هم في غِنىً عنها.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].